نيويورك
وقف أعضاء مجلس الأمن الدولي دقيقة حداد على أرواح شهداء فلسطين الذين ارتقوا جراء عدوان الاحتلال على المُتظاهرين في مليونيّة العودة التي انطلقت في قطاع غزة يوم الاثنين 14 أيّار/مايو، بالتزامن مع مراسم نقل وافتتاح سفارة الولايات المتحدة لدى الاحتلال في القدس المحتلة، وذكرى نكبة الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، دعا المُنسّق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، خلال جلسة طارئة من أجل الأوضاع في فلسطين عُقدت يوم الثلاثاء 15 أيّار/مايو، إلى التنديد باستخدام الاحتلال القوّة المُميتة ضد الفلسطينيين، وقال إنّ قتل الفلسطينيين في غزة أمس لا مُبرر له.
وأضاف ملادينوف، أنّ "سكان غزة يتظاهرون منذ 6 أسابيع من أجل إسماع أصواتهم، وهم يعيشون فيما يُشبه السجن، وواجبنا الاستماع إلى مُعاناتهم، وعاشوا الكثير من ندوب الحرب"، مؤكداً على ضرورة الإسراع في تنفيذ المشروعات لحل أزمة الطاقة والعلاج في قطاع غزة.
وأشار المُنسّق الأممي إلى أنّ التظاهرات ثارت في عدة مناطق فلسطينية يوم الاثنين، احتجاجاً على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، داعياً إلى التدخل بسرعة لمنع اندلاع الحرب في المنطقة، وطالب بمنع أي إجراءات أحاديّة من كافة أطراف العمليّة السياسيّة في الشرق الأوسط.
وذكر أنّ أكثر من (100) بينهم (13) طفلاً استشهدوا في غزة خلال الأسابيع الأخيرة، مؤكداً أنّ مستشفى الشفاء في غزة يُعاني من نقص الخدمات، وأشار إلى استشهاد عامل صحي يوم الاثنين في غزة.
مندوب الكويت في مجلس الأمن عياد العتيبي، أدان جرائم الاحتلال التي ارتكبها في قطاع غزة الاثنين، مُعرباً عن أسفه لعدم تمكّن مجلس الأمن من عدم اعتماد مسودة البيان الذي طرحته الكويت الاثنين، ويدعو إلى التحقيق الدولي في الجرائم المُرتكبة ضد الفلسطينيين.
وأكّد أنّ الكويت تُطالب بقرارات دوليّة تحمي الشعب الفلسطيني الأعزل، مُنوّها إلى أنّ الأمر سيُعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشار المندوب الكويتي أنّ الاحتلال يسعى إلى تغيير الحقائق على الأرض، مُديناً الإجراءات أحاديّة الجانب التي تُثير التوتر مثل نقل بعثات دبلوماسيّة إلى القدس.
وفي موقف مؤثّر قام مندوب بوليفيا في مجلس الأمن بقراءة أسماء شهداء مجزرة غزة، قائلاً للكيان الصهيوني "أنتم تقتلون الأطفال والنساء"، وأشار إلى أنّ غزة تحوّلت إلى سجن كبير، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس ألهب المشاعر.
وقال المندوب البوليفي مُخاطباً الفلسطينيين "أطلب المغفرة من الشعب الفلسطيني بعد 70 عاماً من عجز مجلس الأمن من نُصرتكم"، مؤكداً على أنّ "إسرائيل قوّة احتلال ولا يجب مُساومتها بشعب فلسطين المحتل."
وخاطب الحضور قائلاً "لا تُكرروا لفظ حماس وكأنها هي المشكلة الحقيقيّة، المشكلة هو الاحتلال الذي قام بسرقة الأراضي، عندما ينتهي الاحتلال تنتهي كل المشاكل."
أما الجانب الأمريكي في مجلس الأمن، كان المُدافع عن جريمة الاحتلال في غزة، حيث أشادت مندوبة الولايات المتحدة نيكي هيلي، بالكيان الصهيوني "لتحلّيه بضبط النفس"، وقالت أنّ مجلس الأمن يتعامل بمعايير مُزدوجة، وأشارت إلى أنّ أمريكا تُرحب بمناقشة العنف في الشرق الأوسط، مُشيرةً إلى "دور إيران في دعم الإرهاب في سوريا وغزة"، حسب تعبيرها.
وذكرت أنّ ارتكاب العنف في غزة بسبب نقل السفارة لا يُمكن تبريره، مؤكدةً أنّ نقل السفارة لا يقوّض فرص السلام في المنطقة، وأنّ موقع السفارة الحالي لا يُؤثّر على مفاوضات الوضع النهائي الخاصة بالقدس.
فيما اتهمت حماس بالعمل على محاولة ترويج العنف في المنطقة وحث المُتظاهرين على اجتياز السياج الأمني العازل بين غزة والأراضي المحتلة، وإطلاق الطائرات الورقيّة المُشتعلة.
كما شدّدت على أنّ نقل السفارة الأمريكية للقدس "يعكس حقّنا السيادي الأمريكي في اختيار موقع السفارة، وأنّ افتتاح السفارة كان أمراً صائباً."
إلى ذلك، قالت كارين بيرس مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة، أنّ "تراكم القتلى في غزة منذ الاثنين أمر مُحبط"، مُشيرةً إلى أنّ "استمرار العنف لن يُولّد إلا العنف"، مُشددةً على حق الفلسطينيين في التظاهر من أجل حقوقهم.
ودعت إلى تحقيق مفتوح وشفاف في أحداث الاثنين والأيام التي سبقتها، لتحديد المسؤولين عن ما حدث.
حول القدس، أكدت بيرس أنّ وضع المدينة يجب أن يكون موضع تفاوض بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين"، وتابعت "وهي عاصمة مُشتركة لدولتين إسرائيلية وفلسطينية."
أما المندوب الفلسطيني الدائم لدى مجلس الأمن رياض منصور، قال أنّ بلاده تُعلن قبولها المُسبق لنتائج تحقيق ترعاه الأمم المتحدة، للوقوف على ما يجري على الأرض في غزة، واستخدام الاحتلال للذخيرة الحيّة والمُحرّمة في مواجهة المدنيين العُزّل.
من جانبه قال مندوب فرنسا في الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر، أنّ الوضع في غزة لا يُمكن احتماله، جراء انتهاكات الاحتلال ضد الفلسطينيين، مُشدداً على أنّ مسؤولية ما يحدث في غزة يقع على عاتق المجتمع الدولي.
وتابع "يجب توفير الحماية لأهالي غزة المُحتجّين، وعلى إسرائيل ضبط النفس وتطبيق القوانين الشرعيّة في مواجهة الاحتجاجات، وتطبيق القواعد الدولية في الاشتباك."
ودعا فرانسوا خلال كلمته إلى إجراء تحقيق شفّاف في أحداث غزة، وعلى جيش الاحتلال ألا يستخدم القوة المُفرطة ضد المُتظاهرين السلميين"، وتابع "نُندد باستهداف المتظاهرين السلميين واستخدام عنف غير مُبرر ضدهم."
وفي سياق مُتصل، استدعت بلجيكا سفيرة الكيان الصهيوني لديها إثر إدلائها بتصريحات عن قمع المُتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة، داعيةً إلى تحقيق دولي تُشرف عليه الأمم المتحدة حول المواجهات الدامية.
وقال متحدث باسم الخارجية البلجيكية لـ "فرانس برس"، أنه تم استدعاء سفيرة الاحتلال سيمونا فرانكل، بعدما وصفت جميع الضحايا في غزة بأنهم "إرهابيّون"، فيما دعا رئيس الوزراء شارل ميشال إلى تحقيق دولي تُجريه الامم المتحدة، مُعتبراً أنّ أعمال العنف التي ارتُكبت في غزة يوم الاثنين مرفوضة.
هذا واستدعت أنقرة سفيريها في واشنطن و"تل أبيب" للتشاور في أعقاب مجزرة غزة، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال حديث له في لندن "إنّ إسرائيل دولة إرهاب وكل ما تقوم به من قتل للفلسطينيين هو إبادة جماعيّة."
وأشارت مصادر في وزارة الخارجية التركية أنّ تركيا استدعت سفير الكيان في أنقرة إلى الوزارة يوم الثلاثاء، وطالبته "بالعودة إلى إسرائيل لبعض الوقت."
كما استدعت جنوب أفريقيا سفيرها في "تل أبيب" في وقتٍ سابق، احتجاجاً على أعمال العنف في القطاع.
وشهد قطاع غزة أحداثاً دامية جراء العدوان الصهيوني على المُتظاهرين الذين شاركوا في مسيرات العودة الكبرى "مليونيّة العودة" التي انطلقت على طول السياج الأمني العازل باتجاه الأراضي المحتلة، شرقي القطاع، وذلك بالتزامن مع ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني والافتتاح الرسمي للسفارة الأمريكية لدى الاحتلال في القدس المحتلة بعد نقلتها من "تل أبيب."
وحسب آخر إحصائيّة نشرتها وزارة الصحة في قطاع غزة، ارتقى منذ يوم الاثنين حتى الثلاثاء (62) شهيداً، وأصيب (3188) بجراح مختلفة، بينهم الأطفال والنساء وكبار السن والشبّان، وعانت الطواقم الطبيّة من نقص الاحتياجات وسيارات الإسعاف وعدم القدرة على السيطرة على الأوضاع نظراً لعدم توافر الإمكانيّات والطواقم اللازمة لإسعاف وإنقاذ ضحايا العدوان.
وكالات-بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد