سوريا
تحقيق: غسان ناصر
عمليةٌ حسابيةٌ بسيطةٌ تظهر الواقع القاسي الذي يعانيه مُهجّرو فلسطينيّي سوريا من مخيّماتهم وتجمعاتهم السكنيّة الكبرى في دمشق وغيرها من المدن السوريّة، بعد سبع سنوات عجاف. سبع سنوات من الموت والحصار والتجويع والإذلال والاعتقالات والاختفاء القسّري.
سبعُ سنوات عاشها اللاجئون الفلسطينيّون -كما كل أبناء البلد- وكأنهم في "جحيم أرضي"؛ جحيمٌ انتجته آلة القتل والتهجير القسريّ والتطهير العرقيّ والنفي، وكان من أقسى صوره رحلة الشقاء والمعاناة التي يعيشها الناس هنا إذا ما أرادوا العيش بكرامة في بيت لائق ومعيشة تمكنهم من حفظ ماء الوجه.
اللاجئ الفلسطينيّ في سوريا اليوم أقل ما يمكن القول فيه إنه "إنسانٌ منكوبٌ بلا أفق"، منكوبٌ بكل ما تعنيه الكلمة من قسوة، خاصّة إذا ما تعلق الأمر في العثور على بيت يأويه وعائلته، بدءًا بما بات يعرف هنا بـ"الموافقة الأمنية" وليس انتهاءً بارتفاع إيجارات الشقق إلى حدّ لا يطاق بالنظر إلى دخل العائلة الفلسطينيّة (العائلة وليس الفرد)، والحال لا يختلف بالنسبة إلى العائلات السوريّة المُهجرّة من مناطق سكناها النازفة.
اشتعال الأزمة يُشعل سوق العقارات ..
لعل سوريا هي البلد الوحيد في العالم الذي لم يعدّ مكان السكن فيه وفقًا لرغبة المواطنين، وإنما هو رهن بالمنظومة الأمنية التابعة للنظام من جهة، وبمالكي الشقق من جهة ثانية، خاصّة المُهجّرين منهم من مناطق الصراع الدامي، والتي تعرف هنا بـ(المناطق الساخنة) إلى مناطق النظام (المناطق الآمنة).
ولقد بات ملايين السوريّين يعانون من هذا الأمر، ومنهم بطبيعة الحال من تبقى من اللاجئين الفلسطينيّين في سوريا، بعد أن هجّرت الحرب معظهم من مخيّمات اللجوء إلى العديد من المناطق والمدن الخاضعة لسيطرة الدولة السوريّة، فيما نجا من اختار الهرب إلى دول الجوار، أو من ركب منهم "قوارب الموت" نحو بلدان اللجوء الأوروبي والإسكندنافي.
الموافقة الأمنية للسكن، التي كانت روتينية في بداية تنفيذ القرار الصادر عن إدارة جهاز المخابرات العامة منتصف عام 2014، أصبحت منذ تصاعد الأحداث من المستحيلات، خاصة لأبناء المناطق المنكوبة، والمُهجّرين إلى دمشق وريفها من المناطق الساخنة.
مناطق معينة وسط دمشق كأبي رمانة والمالكي والشعلان والجسر الأبيض والمهاجرين، حيث قصر رئيس النظام وبعض رؤساء الأفرع الأمنية الحساسة، يحظر فيها منح موافقة أمنية للسكن لأي مواطن، ما لم يكن قيد نفوسه في مدينة دمشق حصرًا، وبعد إجراءات طويلة، شريطة أن يكون المستأجر عائلة وليس أفرادًا.
قبل عامين تقريبًا باتت الإقامة في أغلب أحياء دمشق وريفها بالنسبة إلى الفلسطينيّين النازحين من مخيّمات اليرموك وسبينة والسيدة زينب وخان الشيح وغيرها بحاجة إلى موافقة أمنية، ولن يُعطى صاحب العلاقة هذه الموافقة حتى تُجرى عليه "دراسة أمنية"، تطال العائلة والأقارب وغيرهم، وبعد أن يدفع المعني رشاوىٍ لمن يتابع ملفه الأمني، فالمهمة تتولاها عدّة فروع أمنية سياسية وعسكرية؛ وكل منطقة سكنية، تتبع أمنيًا لفرع معين، يستقبل الطلبات عبر مكاتب تابعة له في تلك المناطق، ويتم استدعاء صاحب الطلب لاحقًا للتحقيق معه بالخصوص وابتزازه لدفع الرشاوي، ولا يحصل على الموافقة الأمنية إلا من كان ملفه خاليًا من أي مشاكل أمنية.
وفور الاتفاق بين المستأجر وصاحب الشقة السكنية أو المكتب العقاري، يٌكتب عقد الإيجار بين الطرفين، ثم يتوجه المستأجر إلى مقر الفرع الأمني المعني بالمتابعة، ليقدم طلبًا ويملأ استمارة تفصيلية، تتضمن بياناته كاملة، للحصول على موافقة من أجل السكن في الشقة المتفق عليها، ثم يُطلب من مُقدم الطلب المراجعة بعد 15 يومًا للاستعلام عن طلبه.
مشكلات العائلات الفلسطينيّة في سوريا منذ اشتعال الأزمة في مخيّماتهم وتجمعاتهم الكبرى لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، وإنما هناك مشاكل لا تقل حدّة في مقدمها ضيق ذات اليد والارتفاع المهول في إيجارات الشقق في ريف العاصمة، فيما لا يمكن الحديث عن الإيجارات في العاصمة بعد أن تجاوزت كل توقع، ذلك أن أقل إيجار يمكن أن يطلبه صاحب الشقة في مدينة دمشق يتجاوز ال 225 ألف ليرة (حوالي 500 دولار)، ما يعني 10 أضعاف الدخل الشهري لموظف في القطاع العام.
يقول الفلسطيني (ع. ش)، الذي رفض الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن "الحصول على الموافقة الأمنية ليسكن الفلسطيني النازح من مخيّم اليرموك المنكوب أو أي مخيّم أو منطقة متوترة، بات يُعتبر أشبه بالحلم إن لم ندفع مبالغ طائلة للحصول عليها، لذلك يلجأ الكثير من الفلسطينيّين وكذلك السوريّين إلى الابتعاد عن محيط العاصمة، والذهاب إلى مناطق كجرمانا وصحنايا وجديدة عرطوز ومساكن برزة والتل.. صحيح هذه المناطق تحتاج أيضًا لموافقة أمنية للسكن، لكنها أقل تعقيدًا من أحياء العاصمة، وأقل كلفة مادية".
مقاومة مصاعب الحياة بكرامة ..
(مجموعة العمل من أجل فلسطينيّي سوريا) الحقوقية، مقرها لندن، ذكرت في تقرير لها، يوم الجمعة الفائت، أن "العديد من العقبات تعترض اللاجئين الفلسطينيّين السوريين، خصوصًا فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والمعيشي، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ثلثي اللاجئين الفلسطينيّين في سوريا قد هجروا من بيوتهم بسبب القصف والاشتباكات والحصار الذي فرض على مخيّماتهم، الأمر الذي أجبر الآلاف منهم على النزوح إما إلى بلدات ومناطق مجاورة أو للهجرة إلى خارج سوريا". وأضافت أن "العائلات الفلسطينيّة التي هُجّرت من مخيّماتها باستثناء من وصل منهم إلى أوروبا، تشكو من مشكلات اقتصادية، مزرية وواقع معيشي قاسي، يتركز في غلاء الأسعار وارتفاع إيجارات البيوت، حيث يصل إيجار البيت في بعض الأماكن في ريف دمشق إلى 90 ألف ليرة (حوالي 200 دولار) في الشهر في ظل دخل شهري للموظف لا يتجاوز 50 ألف ليرة (حوالي 110 دولار) بأحسن الأحوال".
سوق تأجير الشقق السكنية والعقارات تشهد حركة متزايدة بسبب استمرار حركة النزوح في الداخل، ويتحكم بالأسعار عاملان أساسيان هما: نسبة الأمان في المنطقة أو الحي، إضافة إلى قربها من وسط ومركز المدن، ما يؤدي لاختصار الوقت وعدم التعرض لحواجز النظام على الطرقات يوميًا.
وتحت ذرائع عدّة منها "المسح الإحصائي"، تقوم عناصر من الأجهزة الأمنية بين الفترة والأخرى بعمليات مداهمة للبيوت في بعض المناطق، للتأكد من المستأجرين خشية وجود غرباء عن المنطقة لم يتم إعلام الجهات الأمنية بوجودهم في بيت من البيوت المستأجرة.
والحاصل على الموافقة الأمنية، يجب أن يكون ملفه خاليًا من أي مشاكل أمنية، وغير مطلوب للتجنيد، وغير محكوم، وليس لديه أقرباء من الدرجة الأولى مطلوبين لأجهزة النظام.
يقول الحاج أبو عمر، وهو من مُهجّري مخيّم اليرموك إلى ضاحية قدسيا منذ خمس سنوات، "والله ما كان ناقصنا بعد استمرار ارتفاع أسعار الإيجارات في البلد والصعوبات التي نواجهها لتأمين سكن لائق، غير هي اللي اسمها الموافقة الأمنية لكل حدا يريد استئجار بيت، وهو ما جعلنا نعيش واقعاً كارثياً، فالإنسان الذي يعلم جيدًا أن وضعه الأمني لا غبار عليه يبدأ التفكير بما سيلحق به من ضرر إذا لم يعمل مليون حساب لرشوة العناصر الأمنية التي ستشتغل على ملفه". يضيف مُحدثنا: "رشاوي هذه العناصر وفتح باب الواسطات في أفرع الأمن يعني خسارات إضافية وأعباء تلقى على كاهلنا حيث لا مفر من الدفع لكسب رضا هؤلاء من عناصر النظام".
يؤكد لنا الحاج أبو عمرو أنه رغم وجوده بنفس الشقة منذ أربع سنوات إلا أنه يضطر سنويًا لتجديد الموافقة. "الغريب أنهم يطلبون مني نفس الأوراق والقيام بنفس الإجراءات ويمارس عناصر الأمن ذات الممارسات ولا يقومون بغلق الملف إلا بعد دفع 50 ألف ليرة (حوالي 110 دولار)، وإلا فلا موافقة أمنية وبالتالي الرحيل من البيت".
أما عن ارتفاع إيجارات البيوت فحدث ولا حرج عن جشع أصحابها، يتابع الحاج أبو عمر قائلًا، "عندما استئجرت بيتي في 2014 طلب المالك 30 ألف ليرة أجرة عن كل شهر والدفع كل ثلاثة شهور، اليوم –بعد 4 سنوات- صارت الأجرة 70 ألف ليرة، ولزامًا علي دفعها مسبقًا كل 3 شهور دون رحمة أو شفقة"، ولولا وجود أولادي الأربعة خارج البلد في الإمارات وألمانيا لما تمكنت من مواجهة كل هذه المصاعب والمصاريف المالية التي لا طاقة للناس هنا على تحملها دون معيل لهم بالخارج".
السيد (ص. ب)، وهو مُهجّر من مخيّم اليرموك أيضًا، شاركنا في الحديث ليخبرنا عن مشاهداته، فقال: "الحمد لله أنا لست بحاجة لموافقة أمنية ولا أدفع أجرة بيت لأني نزحت من مخيّم اليرموك إلى بلدة جديدة عرطوز قبل الخروج من المخيّم بعدة أشهر، لكن ما أراه يوميًا في منطقة الجديدة يبكي الحجر، فبسبب سوء الأوضاع في الكثير من المناطق بدمشق وريفها وما نجم عنه من إقبال شديد لتأمين شقة تأوي عائلة وأحيانًا عدّة عائلات معًا، باتت الشقق غير المجهزة للسكن (على العظم)، مقصدًا للعائلات المحتاجة الباحثة عن مأوى، أمام عدم القدرة على تأمين الأجرة الشهرية". يضيف: "حتى هذه الشقق لم يرحم أصحابها الناس المحتاجة، فشقة مكونة من غرفتين غير مخدمة إطلاقًا تصل أجرتها ل 20 ألف ليرة وأكثر. والمصيبة أن من يريد السكن بهذه الشقق يحتاج كذلك لموافقة أمنية ويضطر أيضًا لدفع رشاوي للحصول عليها حتى لا يجد نفسه في قارعة الطريق".
مرارة الواقع في ظلّ أفق مسدود ..
عشرات الإنذارات توجه يوميًا لسكان مُهجّرين إلى دمشق، لإخلاء بيوتهم مباشرة ومغادرة المنطقة، تحت طائلة الاعتقال، بحجج مختلفة، منها انتهاء وقت الموافقة، ومنها وجود مطلوبين في العائلة، أو هروب الشباب المسجلة أسماؤهم ضمن الموافقة الأمنية بعد استدعائهم إلى خدمة الجيش الإلزامي أو للاحتياط.
ولقد ارتفعت إيجارات الشقق أكثر من 400٪ منذ بداية الأزمة، وبحسب سماسرة بيوت ومكاتب عقارية فإن وسطي أجرة شقة سكنية في منطقة المجتهد بدمشق دون أثاث، يبلغ بين 100 إلى 140 ألف ليرة، أما أجرة الشقة في منطقة الصالحية بين 180 إلى 225 ألف ليرة.
الطبيبة الفلسطينيّة (ن. ق)، ابنة مخيّم اليرموك المنكوب، والعاملة في إحدى مشافي الدولة، قالت لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "تعاني شريحة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيّين ممن نزحوا من مخيّماتهم ومناطق سكناهم المتوترة من أزمات متعددة، في مقدمها بطبيعة الحال تأمين سكن حتى في الحدود الدنيا، نعم اليوم لا تسأل العائلة النازحة عن مساحة الشقة، ولا عن كسوتها وما يتوفر بها من ضروريات، مقتصرة على الضروري وإن غاب هذا الضروري فليس أمامها غير القبول والرضا بما آلت إليه أوضاعها في تغريبة شعبنا الجديدة القاسية، التي قلما تجد من يرحمك من قسوتها وبؤسها فالناس تغيرت أحوالها وصار الطمع والجشع والمصلحة أولًا وليذهب الناس المغلوب على أمرهم إلى جهنم". وأضافت:"جشع أصحاب الشقق لم يقتصر على رفع الإيجارات أضعاف ما كانت عليه قبل الأحداث في 2011، فمعظمهم يضع شروطًا تعجيزيةً على القادمين من خارج العاصمة، منها دفع شهر أو أكثر كضمان زيادة على أجرة شهر للوسيط العقاري، والأسوأ هو دفع أجرة الشقة مقدمًا لستة أشهر، وأحيانًا لسنة كاملة، لاسيما إن كانوا من المناطق المتوترة جراء المعارك وقصف النظام المستمر لها. وأمام هذا الواقع اللإنساني لم يبق أمام الناس سوى الأمل بالعودة إلى بيوتها في المخيّمات ومناطق سكنهم التي اضطروا للهرب منها من ويلات الحرب".
الشاب خالد، الذي طلب هو أيضًا عدم الكشف عن هويته خوفًا من تعرضه لأي مساءلة أمنية، يقول: "هُجرت أنا وزوجتي وصغيرتي (3 سنوات) في 2013 من مخيّم خان الشيح خوفًا من توتر الأوضاع الأمنية، يومها، كان معي القليل من المال وقد تمكنت من إيجاد غرفة ومنافعها بمنطقة باب مصلى بأجر شهري 10 آلاف ليرة فاستئجرتها بلا تردد، ولكن المالك كان يرفع كل ستة أشهر –أي تزامنًا مع تجديد العقد- الأجرة ما قيمته 4000 ليرة، طبعًا لم يكن بمقدوري إلا أن أوافق متدبرًا أموري المعيشية فراتبي لا يتجاوز ال 35 ألف ليرة وزوجتي لا تعمل. كل هذا كان مقدورًا عليه إلى أن بدأت الأجهزة الأمنية باشتراط الموافقة الأمنية لإبرام عقد الإيجار أو تجديده، فكان أن ذهبت أنا وصاحب الغرفة إلى فرع الأمن الجنائي لتجديد عقدي وبعد التحقيق والتحري أعلمني المعني بملفي أن طلبي رفض ولن أحصل على الموافقة وعلي مغادرة المنطقة دون إبداء أي أسباب! وبعد محاولات ووساطات ودفع رشاوي باءت جهودي بالرفض واضطررت للانتقال إلى بلدة الكسوة بريف دمشق، لأني لم أجد بيتًا صغيرًا في دمشق أو ضواحيها بأقل من 30 ألف ما يعني أن أدفع كل راتبي تقريبًا أجرة للبيت وفاتورة الكهرباء". يتابع خالد: "للأسف اليوم زوجتي التي عاشت طيلة عمرها معززة مكرمة في بيت أهلها وفي بيتي اضطرت للعمل في بعض البيوت الميسورة بأجر يومي لنتشارك في حمل أعباء الحياة".
أبو فايز، رجل في العقد الخامس من عمره، يعمل في مستودع تابع لشركة سجاد بريف دمشق، وهو من مُهجّري مخيّم السيدة زينب، التقيناه في مقهى بمنطقة البرامكة بدمشق، وهو –كما أخبرنا- يعيل زوجته وستة أولاد كبيرهم يدرس في السنة الثالثة في جامعة دمشق، يقول: "معاناة الناس بالشام مع السكن لا تنتهي ففي كل يوم تسمع حكاية من هذا وذاك عن عذابه للحصول على موافقة أمنية للسكن عند شروعه في استئجار شقة تأويه فإذا ما حصل عليها، تبدأ فصول رحلة عذاب ثانية إلى أن يصل إلى اتفاق مع صاحب الشقة أو الوسيط العقاري بأقل الخسائر ما يمكنه من الوصول إلى توقيع عقد الشقة". يضيف أبو فايز: "منذ شهرين وجدت نفسي أمام واقع جديد، يفرض علي تسليم بيتي في منطقة ركن الدين بعد انتهاء مدة العقد، ليجد لي قريبي شقة في منطقة دمر البلد طلب صاحبها استلام أجرة سنة كاملة وبعد أخذ ورد قبل بأن أدفع الأجرة كل ثلاثة شهور". يختم مُحدثنا كلامه معنا بالقول: "أنا الحق علي أني لم أهاجر قبل 4 سنوات لضمان مستقبل عائلتي، والله ما عدت أطيق البقاء في هذا البلد، لكني كنت ومازلت عاجزًا عن تأمين كلفة الهجرة لثمانية أشخاص، أنا وزوجتي وأولادي الستة. حالنا اليوم ببكي العدو وما إلنا غير ننتظر الفرج بالرجوع لبيوتنا حتى لو كانت أنقاض".
تحقيق: غسان ناصر
عمليةٌ حسابيةٌ بسيطةٌ تظهر الواقع القاسي الذي يعانيه مُهجّرو فلسطينيّي سوريا من مخيّماتهم وتجمعاتهم السكنيّة الكبرى في دمشق وغيرها من المدن السوريّة، بعد سبع سنوات عجاف. سبع سنوات من الموت والحصار والتجويع والإذلال والاعتقالات والاختفاء القسّري.
سبعُ سنوات عاشها اللاجئون الفلسطينيّون -كما كل أبناء البلد- وكأنهم في "جحيم أرضي"؛ جحيمٌ انتجته آلة القتل والتهجير القسريّ والتطهير العرقيّ والنفي، وكان من أقسى صوره رحلة الشقاء والمعاناة التي يعيشها الناس هنا إذا ما أرادوا العيش بكرامة في بيت لائق ومعيشة تمكنهم من حفظ ماء الوجه.
اللاجئ الفلسطينيّ في سوريا اليوم أقل ما يمكن القول فيه إنه "إنسانٌ منكوبٌ بلا أفق"، منكوبٌ بكل ما تعنيه الكلمة من قسوة، خاصّة إذا ما تعلق الأمر في العثور على بيت يأويه وعائلته، بدءًا بما بات يعرف هنا بـ"الموافقة الأمنية" وليس انتهاءً بارتفاع إيجارات الشقق إلى حدّ لا يطاق بالنظر إلى دخل العائلة الفلسطينيّة (العائلة وليس الفرد)، والحال لا يختلف بالنسبة إلى العائلات السوريّة المُهجرّة من مناطق سكناها النازفة.
اشتعال الأزمة يُشعل سوق العقارات ..
لعل سوريا هي البلد الوحيد في العالم الذي لم يعدّ مكان السكن فيه وفقًا لرغبة المواطنين، وإنما هو رهن بالمنظومة الأمنية التابعة للنظام من جهة، وبمالكي الشقق من جهة ثانية، خاصّة المُهجّرين منهم من مناطق الصراع الدامي، والتي تعرف هنا بـ(المناطق الساخنة) إلى مناطق النظام (المناطق الآمنة).
ولقد بات ملايين السوريّين يعانون من هذا الأمر، ومنهم بطبيعة الحال من تبقى من اللاجئين الفلسطينيّين في سوريا، بعد أن هجّرت الحرب معظهم من مخيّمات اللجوء إلى العديد من المناطق والمدن الخاضعة لسيطرة الدولة السوريّة، فيما نجا من اختار الهرب إلى دول الجوار، أو من ركب منهم "قوارب الموت" نحو بلدان اللجوء الأوروبي والإسكندنافي.
الموافقة الأمنية للسكن، التي كانت روتينية في بداية تنفيذ القرار الصادر عن إدارة جهاز المخابرات العامة منتصف عام 2014، أصبحت منذ تصاعد الأحداث من المستحيلات، خاصة لأبناء المناطق المنكوبة، والمُهجّرين إلى دمشق وريفها من المناطق الساخنة.
مناطق معينة وسط دمشق كأبي رمانة والمالكي والشعلان والجسر الأبيض والمهاجرين، حيث قصر رئيس النظام وبعض رؤساء الأفرع الأمنية الحساسة، يحظر فيها منح موافقة أمنية للسكن لأي مواطن، ما لم يكن قيد نفوسه في مدينة دمشق حصرًا، وبعد إجراءات طويلة، شريطة أن يكون المستأجر عائلة وليس أفرادًا.
قبل عامين تقريبًا باتت الإقامة في أغلب أحياء دمشق وريفها بالنسبة إلى الفلسطينيّين النازحين من مخيّمات اليرموك وسبينة والسيدة زينب وخان الشيح وغيرها بحاجة إلى موافقة أمنية، ولن يُعطى صاحب العلاقة هذه الموافقة حتى تُجرى عليه "دراسة أمنية"، تطال العائلة والأقارب وغيرهم، وبعد أن يدفع المعني رشاوىٍ لمن يتابع ملفه الأمني، فالمهمة تتولاها عدّة فروع أمنية سياسية وعسكرية؛ وكل منطقة سكنية، تتبع أمنيًا لفرع معين، يستقبل الطلبات عبر مكاتب تابعة له في تلك المناطق، ويتم استدعاء صاحب الطلب لاحقًا للتحقيق معه بالخصوص وابتزازه لدفع الرشاوي، ولا يحصل على الموافقة الأمنية إلا من كان ملفه خاليًا من أي مشاكل أمنية.
وفور الاتفاق بين المستأجر وصاحب الشقة السكنية أو المكتب العقاري، يٌكتب عقد الإيجار بين الطرفين، ثم يتوجه المستأجر إلى مقر الفرع الأمني المعني بالمتابعة، ليقدم طلبًا ويملأ استمارة تفصيلية، تتضمن بياناته كاملة، للحصول على موافقة من أجل السكن في الشقة المتفق عليها، ثم يُطلب من مُقدم الطلب المراجعة بعد 15 يومًا للاستعلام عن طلبه.
مشكلات العائلات الفلسطينيّة في سوريا منذ اشتعال الأزمة في مخيّماتهم وتجمعاتهم الكبرى لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، وإنما هناك مشاكل لا تقل حدّة في مقدمها ضيق ذات اليد والارتفاع المهول في إيجارات الشقق في ريف العاصمة، فيما لا يمكن الحديث عن الإيجارات في العاصمة بعد أن تجاوزت كل توقع، ذلك أن أقل إيجار يمكن أن يطلبه صاحب الشقة في مدينة دمشق يتجاوز ال 225 ألف ليرة (حوالي 500 دولار)، ما يعني 10 أضعاف الدخل الشهري لموظف في القطاع العام.
يقول الفلسطيني (ع. ش)، الذي رفض الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن "الحصول على الموافقة الأمنية ليسكن الفلسطيني النازح من مخيّم اليرموك المنكوب أو أي مخيّم أو منطقة متوترة، بات يُعتبر أشبه بالحلم إن لم ندفع مبالغ طائلة للحصول عليها، لذلك يلجأ الكثير من الفلسطينيّين وكذلك السوريّين إلى الابتعاد عن محيط العاصمة، والذهاب إلى مناطق كجرمانا وصحنايا وجديدة عرطوز ومساكن برزة والتل.. صحيح هذه المناطق تحتاج أيضًا لموافقة أمنية للسكن، لكنها أقل تعقيدًا من أحياء العاصمة، وأقل كلفة مادية".
مقاومة مصاعب الحياة بكرامة ..
(مجموعة العمل من أجل فلسطينيّي سوريا) الحقوقية، مقرها لندن، ذكرت في تقرير لها، يوم الجمعة الفائت، أن "العديد من العقبات تعترض اللاجئين الفلسطينيّين السوريين، خصوصًا فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والمعيشي، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ثلثي اللاجئين الفلسطينيّين في سوريا قد هجروا من بيوتهم بسبب القصف والاشتباكات والحصار الذي فرض على مخيّماتهم، الأمر الذي أجبر الآلاف منهم على النزوح إما إلى بلدات ومناطق مجاورة أو للهجرة إلى خارج سوريا". وأضافت أن "العائلات الفلسطينيّة التي هُجّرت من مخيّماتها باستثناء من وصل منهم إلى أوروبا، تشكو من مشكلات اقتصادية، مزرية وواقع معيشي قاسي، يتركز في غلاء الأسعار وارتفاع إيجارات البيوت، حيث يصل إيجار البيت في بعض الأماكن في ريف دمشق إلى 90 ألف ليرة (حوالي 200 دولار) في الشهر في ظل دخل شهري للموظف لا يتجاوز 50 ألف ليرة (حوالي 110 دولار) بأحسن الأحوال".
سوق تأجير الشقق السكنية والعقارات تشهد حركة متزايدة بسبب استمرار حركة النزوح في الداخل، ويتحكم بالأسعار عاملان أساسيان هما: نسبة الأمان في المنطقة أو الحي، إضافة إلى قربها من وسط ومركز المدن، ما يؤدي لاختصار الوقت وعدم التعرض لحواجز النظام على الطرقات يوميًا.
وتحت ذرائع عدّة منها "المسح الإحصائي"، تقوم عناصر من الأجهزة الأمنية بين الفترة والأخرى بعمليات مداهمة للبيوت في بعض المناطق، للتأكد من المستأجرين خشية وجود غرباء عن المنطقة لم يتم إعلام الجهات الأمنية بوجودهم في بيت من البيوت المستأجرة.
والحاصل على الموافقة الأمنية، يجب أن يكون ملفه خاليًا من أي مشاكل أمنية، وغير مطلوب للتجنيد، وغير محكوم، وليس لديه أقرباء من الدرجة الأولى مطلوبين لأجهزة النظام.
يقول الحاج أبو عمر، وهو من مُهجّري مخيّم اليرموك إلى ضاحية قدسيا منذ خمس سنوات، "والله ما كان ناقصنا بعد استمرار ارتفاع أسعار الإيجارات في البلد والصعوبات التي نواجهها لتأمين سكن لائق، غير هي اللي اسمها الموافقة الأمنية لكل حدا يريد استئجار بيت، وهو ما جعلنا نعيش واقعاً كارثياً، فالإنسان الذي يعلم جيدًا أن وضعه الأمني لا غبار عليه يبدأ التفكير بما سيلحق به من ضرر إذا لم يعمل مليون حساب لرشوة العناصر الأمنية التي ستشتغل على ملفه". يضيف مُحدثنا: "رشاوي هذه العناصر وفتح باب الواسطات في أفرع الأمن يعني خسارات إضافية وأعباء تلقى على كاهلنا حيث لا مفر من الدفع لكسب رضا هؤلاء من عناصر النظام".
يؤكد لنا الحاج أبو عمرو أنه رغم وجوده بنفس الشقة منذ أربع سنوات إلا أنه يضطر سنويًا لتجديد الموافقة. "الغريب أنهم يطلبون مني نفس الأوراق والقيام بنفس الإجراءات ويمارس عناصر الأمن ذات الممارسات ولا يقومون بغلق الملف إلا بعد دفع 50 ألف ليرة (حوالي 110 دولار)، وإلا فلا موافقة أمنية وبالتالي الرحيل من البيت".
أما عن ارتفاع إيجارات البيوت فحدث ولا حرج عن جشع أصحابها، يتابع الحاج أبو عمر قائلًا، "عندما استئجرت بيتي في 2014 طلب المالك 30 ألف ليرة أجرة عن كل شهر والدفع كل ثلاثة شهور، اليوم –بعد 4 سنوات- صارت الأجرة 70 ألف ليرة، ولزامًا علي دفعها مسبقًا كل 3 شهور دون رحمة أو شفقة"، ولولا وجود أولادي الأربعة خارج البلد في الإمارات وألمانيا لما تمكنت من مواجهة كل هذه المصاعب والمصاريف المالية التي لا طاقة للناس هنا على تحملها دون معيل لهم بالخارج".
السيد (ص. ب)، وهو مُهجّر من مخيّم اليرموك أيضًا، شاركنا في الحديث ليخبرنا عن مشاهداته، فقال: "الحمد لله أنا لست بحاجة لموافقة أمنية ولا أدفع أجرة بيت لأني نزحت من مخيّم اليرموك إلى بلدة جديدة عرطوز قبل الخروج من المخيّم بعدة أشهر، لكن ما أراه يوميًا في منطقة الجديدة يبكي الحجر، فبسبب سوء الأوضاع في الكثير من المناطق بدمشق وريفها وما نجم عنه من إقبال شديد لتأمين شقة تأوي عائلة وأحيانًا عدّة عائلات معًا، باتت الشقق غير المجهزة للسكن (على العظم)، مقصدًا للعائلات المحتاجة الباحثة عن مأوى، أمام عدم القدرة على تأمين الأجرة الشهرية". يضيف: "حتى هذه الشقق لم يرحم أصحابها الناس المحتاجة، فشقة مكونة من غرفتين غير مخدمة إطلاقًا تصل أجرتها ل 20 ألف ليرة وأكثر. والمصيبة أن من يريد السكن بهذه الشقق يحتاج كذلك لموافقة أمنية ويضطر أيضًا لدفع رشاوي للحصول عليها حتى لا يجد نفسه في قارعة الطريق".
مرارة الواقع في ظلّ أفق مسدود ..
عشرات الإنذارات توجه يوميًا لسكان مُهجّرين إلى دمشق، لإخلاء بيوتهم مباشرة ومغادرة المنطقة، تحت طائلة الاعتقال، بحجج مختلفة، منها انتهاء وقت الموافقة، ومنها وجود مطلوبين في العائلة، أو هروب الشباب المسجلة أسماؤهم ضمن الموافقة الأمنية بعد استدعائهم إلى خدمة الجيش الإلزامي أو للاحتياط.
ولقد ارتفعت إيجارات الشقق أكثر من 400٪ منذ بداية الأزمة، وبحسب سماسرة بيوت ومكاتب عقارية فإن وسطي أجرة شقة سكنية في منطقة المجتهد بدمشق دون أثاث، يبلغ بين 100 إلى 140 ألف ليرة، أما أجرة الشقة في منطقة الصالحية بين 180 إلى 225 ألف ليرة.
الطبيبة الفلسطينيّة (ن. ق)، ابنة مخيّم اليرموك المنكوب، والعاملة في إحدى مشافي الدولة، قالت لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "تعاني شريحة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيّين ممن نزحوا من مخيّماتهم ومناطق سكناهم المتوترة من أزمات متعددة، في مقدمها بطبيعة الحال تأمين سكن حتى في الحدود الدنيا، نعم اليوم لا تسأل العائلة النازحة عن مساحة الشقة، ولا عن كسوتها وما يتوفر بها من ضروريات، مقتصرة على الضروري وإن غاب هذا الضروري فليس أمامها غير القبول والرضا بما آلت إليه أوضاعها في تغريبة شعبنا الجديدة القاسية، التي قلما تجد من يرحمك من قسوتها وبؤسها فالناس تغيرت أحوالها وصار الطمع والجشع والمصلحة أولًا وليذهب الناس المغلوب على أمرهم إلى جهنم". وأضافت:"جشع أصحاب الشقق لم يقتصر على رفع الإيجارات أضعاف ما كانت عليه قبل الأحداث في 2011، فمعظمهم يضع شروطًا تعجيزيةً على القادمين من خارج العاصمة، منها دفع شهر أو أكثر كضمان زيادة على أجرة شهر للوسيط العقاري، والأسوأ هو دفع أجرة الشقة مقدمًا لستة أشهر، وأحيانًا لسنة كاملة، لاسيما إن كانوا من المناطق المتوترة جراء المعارك وقصف النظام المستمر لها. وأمام هذا الواقع اللإنساني لم يبق أمام الناس سوى الأمل بالعودة إلى بيوتها في المخيّمات ومناطق سكنهم التي اضطروا للهرب منها من ويلات الحرب".
الشاب خالد، الذي طلب هو أيضًا عدم الكشف عن هويته خوفًا من تعرضه لأي مساءلة أمنية، يقول: "هُجرت أنا وزوجتي وصغيرتي (3 سنوات) في 2013 من مخيّم خان الشيح خوفًا من توتر الأوضاع الأمنية، يومها، كان معي القليل من المال وقد تمكنت من إيجاد غرفة ومنافعها بمنطقة باب مصلى بأجر شهري 10 آلاف ليرة فاستئجرتها بلا تردد، ولكن المالك كان يرفع كل ستة أشهر –أي تزامنًا مع تجديد العقد- الأجرة ما قيمته 4000 ليرة، طبعًا لم يكن بمقدوري إلا أن أوافق متدبرًا أموري المعيشية فراتبي لا يتجاوز ال 35 ألف ليرة وزوجتي لا تعمل. كل هذا كان مقدورًا عليه إلى أن بدأت الأجهزة الأمنية باشتراط الموافقة الأمنية لإبرام عقد الإيجار أو تجديده، فكان أن ذهبت أنا وصاحب الغرفة إلى فرع الأمن الجنائي لتجديد عقدي وبعد التحقيق والتحري أعلمني المعني بملفي أن طلبي رفض ولن أحصل على الموافقة وعلي مغادرة المنطقة دون إبداء أي أسباب! وبعد محاولات ووساطات ودفع رشاوي باءت جهودي بالرفض واضطررت للانتقال إلى بلدة الكسوة بريف دمشق، لأني لم أجد بيتًا صغيرًا في دمشق أو ضواحيها بأقل من 30 ألف ما يعني أن أدفع كل راتبي تقريبًا أجرة للبيت وفاتورة الكهرباء". يتابع خالد: "للأسف اليوم زوجتي التي عاشت طيلة عمرها معززة مكرمة في بيت أهلها وفي بيتي اضطرت للعمل في بعض البيوت الميسورة بأجر يومي لنتشارك في حمل أعباء الحياة".
أبو فايز، رجل في العقد الخامس من عمره، يعمل في مستودع تابع لشركة سجاد بريف دمشق، وهو من مُهجّري مخيّم السيدة زينب، التقيناه في مقهى بمنطقة البرامكة بدمشق، وهو –كما أخبرنا- يعيل زوجته وستة أولاد كبيرهم يدرس في السنة الثالثة في جامعة دمشق، يقول: "معاناة الناس بالشام مع السكن لا تنتهي ففي كل يوم تسمع حكاية من هذا وذاك عن عذابه للحصول على موافقة أمنية للسكن عند شروعه في استئجار شقة تأويه فإذا ما حصل عليها، تبدأ فصول رحلة عذاب ثانية إلى أن يصل إلى اتفاق مع صاحب الشقة أو الوسيط العقاري بأقل الخسائر ما يمكنه من الوصول إلى توقيع عقد الشقة". يضيف أبو فايز: "منذ شهرين وجدت نفسي أمام واقع جديد، يفرض علي تسليم بيتي في منطقة ركن الدين بعد انتهاء مدة العقد، ليجد لي قريبي شقة في منطقة دمر البلد طلب صاحبها استلام أجرة سنة كاملة وبعد أخذ ورد قبل بأن أدفع الأجرة كل ثلاثة شهور". يختم مُحدثنا كلامه معنا بالقول: "أنا الحق علي أني لم أهاجر قبل 4 سنوات لضمان مستقبل عائلتي، والله ما عدت أطيق البقاء في هذا البلد، لكني كنت ومازلت عاجزًا عن تأمين كلفة الهجرة لثمانية أشخاص، أنا وزوجتي وأولادي الستة. حالنا اليوم ببكي العدو وما إلنا غير ننتظر الفرج بالرجوع لبيوتنا حتى لو كانت أنقاض".
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين