لبنان
أظهر استطلاعان للرأي، أجراهما موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، وجود عدم رضا شعبي فلسطيني في لبنان حول تعامل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وأداء منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية حيال أزمة "كورونا" المستمرة.
الاستطلاع الأول، حمل سؤال: " كيف تقيمون أداء "أونروا" ومستشفيات ومراكز الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان في ظل جائحة كورونا؟"، وشارك فيه 1200 شخص، اعتبر 85% من المستطلعة آراؤهم أن الأداء غير جيد.
"أونروا" لم تسلك الطريق الصحيح منذ بداية الأزمة
وتعليقاً على نتائج الاستطلاع المذكور، رأى مدير الهيئة "302" للدفاع عن حقوق اللاجئين، علي هويدي، أنه كان من المفترض أن تبادر "أونروا" إلى عدد من الخطوات التي كانت يمكن أن تجنبها الانتقاد الدائم حول مكافحة فيروس "كورونا".
وأشار، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أنه على الرغم من تبرع ألمانيا بمبلغ 20 مليون يورو للوكالة لمكافحة الفيروس، إلا أنه جاء متأخراً، وحتى هذه اللحظة لم تفضح "أونروا" عن كيفية استخدام هذا المبلغ وتوزيعه في مناطق عملياتها الخمسة.
وأوضح، أنه في بداية الأزمة، طلبت "أونروا" الحصول على 14 مليون دولار، حصلت منها على أربعة، وكان ينقصها عشرة ملايين، الآن حصلت على 20 مليون يورو.
واعتبر هويدي أن "أونروا" تأخرت في متابعة الملف "كورونا"، إذ كان يمقدورها، منذ بداية الازمة، أن تسلك مسارين تستطيع عبرهما تأمين المبالغ المالية المطلوبة.
أول هذين المسارين هو التقدم بطلب سريع إلى منظمة الصحة العالمية، التي تعتبر الوكالة إحدى بروتوكلاتها، والمطالبة بمساعدة مالية ومساعدة لوجستية، ولكن هذا لم يحدث.
ثاني المسارين، بحسب هويدي، يتمثل في التقدم بطلب قرض مالي سريع، سواء من الأمم المتحدة، أو من إحدى منظمات الأمم المتحدة.
وأضاف: "هناك شيء مشابه حصل في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019، عندما طلبت "أونروا" 30 مليون دولار لسداد رواتب الموظفين بسبب العجز المالي، وحصلت على هذا المبلغ من مكتب المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" على سبيل القرض".
مساعدات إغاثية يجب أن تشمل جميع اللاجئين
وفيما يتعلق بآخر المسجدات على الساحة اللبنانية، حيث اتخذ مدير الوكالة في لبنان، كلاوديو كوردوني، قراراً بتوزيع مبالغ مالية لجميع اللاجئين الفلسطينيين، وفق بيان رسمي، صدر عن الوكالة، أمس الخميس.
اعتبر هويدي أن البيان مبهم، مشدداً أنه في حال استثثناء فلسطينيي سوريا، أو المسجلين ضمن شبكة الأمان الاجتماعي، فسيكون قراراً ظالماً وغير منصف وغير منطقي، داعياً الوكالة إلى توزيع المساعدات على الجميع.
كما طالب بعدم استثناء فاقدي الأوراق الثبوتية، والبالغ عددهم نحو 15 ألفاً، على اعتبار أنها الفئة الأكثر تهميشاً.
ولحين إعداد التقرير، أعلنت الوكالة الأممية الانتهاء من تجهيز مركز العزل في سبلين، على أن يفتتح خلال الأيام المقبلة.
أما في الشق المتعلق بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فتعاني مستشفياتها ومراكزها من نقص في المعدات والأخصائيين، وفق تقرير أعده "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، في وقت سابق.
لماذا الأغلبية الساحقة غير راضية عن تعامل منظمة التحرير والفصائل مع وباء "كورونا"؟
الاستطلاع الثاني كان حول أداء منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية والمؤسسات التابعة لهما إغاثياً وصحياً وعلى مستوى التنسيق مع الدولة المضيفة.
اعتبر 94% من المستطلعة آراؤهم (847) أن الأداء غير جيد.
مسؤول حركة حماس في صيدا، أيمن شناعة، أكد أن اللاجئين الفلسطينيين يعيشون حالة من الفقر والعوز منذ قبل "أزمة كورونا"، بدءاً من قرار وزير العمل اللبناني، كميل أبو سليمان، ومنذ ذلك الحين، الوضع الفلسطيني في تراجع مستمر.
وأضاف: " نسبة الفقر تزيد عن 80% داخل المخيمات، فيما أكثر من 85% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عاطلون عن العمل. مشهد مأساوي، لا تستطيع أي جهة أن تتحمله وحدها".
لكنه اعتبر أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق "أونروا"، التي، بحسب قوله، لم تقدم أي شيء من وعوداتها المستمرة، وهناك تماطل مستمر، حتى صحياً، لم يكن هناك أي شيء ملموس على الأرض.
واستشهد شناعة بكلام وزير الصحة اللبناني، حمد حسن، الذي قال في وقت سابق إن وزارته لم تلمس أي إجراء ميداني عملي، لكل المؤسسات الدولية الداعمة للاجئين الفلسطينيين والسوريين، معتبراً أن هناك "تأخراً وعدم جدية في الإجراءات لحفظ الإنسان الفلسطيني والسوري، خاصة ضمن تحدي فيروس كورونا".
لكن هذه المسؤولية لا تنفي دور منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، إذ أكد شناعة أن جميع القوى مسؤولة عن الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن المسؤولية يجب ان تتوزع على الجميع.
وعلى الرغم من المبادرات الفصائلية والمجتمعية، إلا أنها، وفق شناعة، لا تكفي حاجات الشعب الفلسطيني.
وقال شناعة: "نضع الكرة في ملعب "أونروا"، عليهم الذهاب إلى الدول المانحة لتأمين المبالغ المطلوبة.. المدير العام بين يديه أكثر من 5 ملايين دولار، عليه أن يتحمل مسؤوليته ويبادر إلى إطلاق الحملة الإغاثية التي وعد بها".
الناطور: عدم الرضا الشعبي على أداء الفصائل منطقي
بدوره، ركز عضو اللجنة المركزيّة في الجبهة الديمقراطية، الحقوقي سهيل الناطور، على أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من شلل كامل بفعل العداوة الأمريكية وقطع التمويل عن "أونروا" التي كانت تثبت وضع المستشفيات وغيرها.
وأوضح، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن الاقتصاد الفلسطيني ليس موحداً جراء الانتشار الفلسطيني الناجم عن الاحتلال، مشيراً إلى أن الفصائل والقوى الفلسطينية تعيش على التبرعات من الجماهير، وتفتقر إلى الموارد الدائمة، وهذا ما يجعل التأثيرات التي تأتي عليها خارجية أكثر منها داخلية.
واعتبر أنه من المنطقي أن يكون هناك عدم رضا شعبي حول الأداء الفصائلي، إذ إن المسؤولين السياسيين ليسوا قادرين، والحاجة ملحة.
وأوضح أن الفصائل الفلسطينية لا تملك الحل الاقتصادي، بل هي مضطلعة في الحلول السياسية والحقوقية، أما الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، فيقعان على عاتق "أونروا"، أي على العاتق الدولي الذي ساهم بما حل باللاجئين الفلسطينيين.
وحذر الناطور من استغلال البعض الأزمة الراهنة للهجوم على الفصائل الفلسطينية، وبحجة العجز الفصائلي يدعو إلى وقف العمل الفلسطيني المنظم.
لكن، ماذا يجب أن تفعل الفصائل في ظل الأزمة الراهنة؟
ذكر الناطور أن على منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل أن يضغطوا على "أونروا" والدول المانحة بهدف الوفاء بالتزاماتهم، إلى جانب الضغط على الدول والحكومات العربية، بهدف معاملة الفقراء الفلسطينيين معاملة الفقراء من أبناء شعوبهم، على اعتبار أنهم متأثرون بما يجري في الدولة المضيفة.
كما دعا الناطور المنظمة والفصائل إلى حث الأغنياء الفلسطينيين والميسورين إلى مساعدة الأشد فقراً، إضافة إلى تفعيل دائرة شؤون اللاجئين ودائرة الشؤون الاجتماعية التابعتين لمنظمة التحرير الفلسطينية.