أصدرت الجامعة العربيّة، اليوم الأربعاء 16 ديسمبر/ كانون الأول، تقريراً أكَّدت فيه أنّ العام الجاري 2020، يعتبر العام الأكثر انتهاكاً بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، حيث بلغ عدد الأسرى خلال العام نحو 4400 أسير، بينهم 38 أسيرة، و170 طفلاً.
وقالت الجامعة في التقرير الذي صدر عن قطاع فلسطين والأراضي العربية فيها، إنّ الاحتلال أمعن في الإهمال الطبي المتعمّد بحق الأسرى، وتجاهل توصيات المنظمات الدوليّة بالإفراج عنهم خوفاً من تفشي فيروس "كورونا"، في ظل اكتظاظ السجون، واستمرار الاعتقال الإداري دون لائحة اتهام، وارتكاب مزيدٍ من الانتهاكات لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، والقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بحقوق الأسرى، لافتةً إلى أنّ الاحتلال سعى خلال عام 2020، لإعادة أوضاع الأسرى للمربع الأول من تجربة الاعتقال في بداية الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة الأسيرة، وعمل على منع الزيارات بحجة "كورونا"، وعزل الأسرى بظروفٍ صعبة.
4400 أسير فلسطيني خلال 2020
وأشار التقرير إلى أنّ عدد الأسرى بلغ خلال العام نحو 4400 أسير، بينهم 38 أسيرة، و170 طفلاً، و500 معتقل إداري، و1300 حالة مرضيّة، منهم 80 حالة بحاجةٍ ماسة لكشوفات طبيّة عاجلة، إضافة إلى 17 أسيراً يرقدون بشكلٍ دائم في عيادات السجون، ويُمارس بحقهم كافة الأساليب الإجراميّة التي تخالف مبادئ حقوق الإنسان، وينتزع منهم حقوقهم الأساسية التي كفلتها المعاهدات الدولية ذات العلاقة.
وبيّن التقرير أنّ عام 2020 شهد ارتفاعاً في عدد شهداء الحركة الأسيرة، حيث استشهد 4 أسرى جراء الإهمال الطبي المتعمّد بحقهم، وتعرّض كل من دخل سجون الاحتلال لكافة أشكال التعذيب النفسي والجسدي، الأمر الذي يُخالف المبادئ الأساسيّة لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1979 و1990 على التوالي، والتي أكَّدت حماية صحة السجناء والرعاية الطبيّة للأشخاص المحتجزين في استهتارٍ واضح من قبل الاحتلال بحياة الاسرى، ما أدى لانتشار فيروس "كورونا" بينهم، وإصابة 137 أسيراً، دون اتخاذ إجراءات الحماية والوقاية اللازمة لمواجهة الفيروس.
وأكَّد لتقرير أنّ الأسرى عانوا خلال عام 2020، من انعدام أدنى المعايير لحقوقهم الإنسانيّة والمعيشيّة، كما انتشرت أجهزة التفتيش والتشويش والكاميرات في كل زوايا الأقسام، كذلك اكتظاظ الغرف، وانعدام التهوية، وسوء الطعام كماً ونوعاً، والتفتيش اليومي، والغرامات المالية الباهظة، والبرودة والرطوبة في الشتاء وشدة الحرارة في الصيف، والحرمان من زيارة المحامين وإدخال الرسائل والمس بالشعائر الدينيّة، وعدم توفير أماكن للعبادة، وعدم التعاطي مع مطالب الأسرى في شعائر رمضان والأعياد والمناسبات الدينية.
كما جرى منع التعليم الجامعي وتقديم الثانوية العامة وإدخال الكتب، خلافاً للمادة 94 من اتفاقية جنيف الرابعة التي أكَّدت على تشجيع الأنشطة الذهنيّة والتعليميّة والترفيهيّة والرياضيّة للمعتقلين، مُشيراً إلى أنّ الاحتلال اعتقل خلال عام 2020، 800 طفل تقريباً خاصة أطفال القدس من ضمنهم من هم دون سن الـ16، ويبلغ عددهم نحو 170 طفلاً في سجون ومعتقلات الاحتلال، يتعرّضون لانتهاكاتٍ صارخة تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية التي تكفل حمايتهم، حيث لم يراعِ الاحتلال سن الأطفال وتعامل معهم مثل الكبار، كما حرمهم من رؤية ذويهم ومنع عنهم الحماية القانونيّة.
عمليات اعتقال الأطفال تخلّف آثاراً مدمرة على صحتهم النفسية
ولفت التقرير أيضاً إلى أنّ قوات الاحتلال تعتقل الأطفال الفلسطينيين بشكلٍ ممنهج، وضمن حملات اعتقال جماعية عقابية، ويتعرّض الأطفال المعتقلون لمختلف أشكال التعذيب النفسي والجسدي، دون احترام للحماية الواجبة للطفل، فيما تخلّف عمليات اعتقال الأطفال آثاراً مدمرة على صحتهم النفسية، وتتسبب غالباً في تركهم مقاعد الدراسة، حيث انتهك الاحتلال المادة 37 والمادة 38 من حقوق الطفل التي كفلتها له اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وهي الحق في العيش بحرية وكرامة، وألّا يعرض أي طفل للتعذيب أو للعقوبة القاسية أو غير الإنسانيّة.
الاحتلال احتجز 38 امرأة فلسطينيّة
وبحسب التقرير، فقد أمعن الاحتلال خلال 2020 في انتهاك حقوق المرأة الفلسطينيّة، حيث احتجز في سجونه 38 امرأة فلسطينيّة، كما مارس بحقهن مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، كالإهمال الطبي، وفرض الغرامات والعزل والقوة، والاحتجاز في أماكن لا تليق بهن، ووجود الكاميرات وانتهاك الخصوصيّة، والتفتيش الاستفزازي من قبل إدارة السجون، وتوجيه الشتائم لهنّ والاعتداء عليهن بالقوة عند أي توتر وبالغاز المسيل للدموع، والحرمان من الزيارات، وقامت سلطات الاحتلال في الآونة الأخيرة باستهداف طالبات الجامعات من خلال اعتقالهن والتنكيل بهن، حيث جرى اعتقالهن في ساعات متأخرة من الليل، ونُقلهن لمراكز التحقيق والتوقيف المختلفة، وتعرّض بعضهن للتعذيب الشديد على أيدي محققي مخابرات الاحتلال، ويعد هذا الاستهداف انتهاكاً لحقهن الأساسي في التعليم باعتباره يعيق مسيرتهن التعليميّة والأكاديميّة.
وبيّن التقرير أيضاً أنّ الاحتلال استخدم سياسة الاعتقالات كسلاحٍ وأداة من أدوات القمع التي يُحارب بها الوجود الفلسطيني بهدف إخضاعه وتخويفه، وهي وسيلة من وسائل العقاب الجماعي واستنزاف طاقاته، حيث أنّ الاعتقالات ظاهرة يوميّة، ملازمة لحياة الفلسطيني وطالت ما يُقارب من مليون فلسطيني منذ احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1948، مُؤكداً أنّ السياسة "الإسرائيليّة" القمعيّة مستمرة تجاه الأسرى في مخالفة وخرق الالتزامات والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي" وقامت باقتطاع وخصم مخصصات أسر الشهداء والأسرى من العائدات الضريبيّة، حتى أنّ التوصيات الدوليّة والمتمثلة في الإتحاد الأوروبي خلال الاجتماع الفلسطيني الأوروبي الأخير الذي عقد بتاريخ 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أكَّدت على ضرورة وقف الانتهاكات بحق الفلسطينيين خاصة الانتهاكات بحق الأطفال، وكذلك التوصيات الصادرة عن الدورة (105) لمؤتمر المشرفين على شؤون فلسطين شدَّدت على ضرورة دعم قضية الأسرى من خلال الصندوق العربي الخاص بالأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الصهيوني.