للشهر الثاني على التوالي من العام الجديد 2023 يتواصل شلال الدم في مُخيّمات اللاجئين الفلسطينيين بالضفة المحتلة، ويصعّد الاحتلال "الإسرائيلي"من جرائمه واعتداءته على المُخيّمات مرتكباً أفظع المجازر خلال شهر شباط/ فبراير لعلّ أبرزها ما جرى في مُخيّم عقبة جبر، ما أسفر عن استشهاد أكثر من عشرة فلسطينيين وإصابة واعتقال مئات اللاجئين الفلسطينيين.
وخلال شهر شباط/ فبراير 2023، رصد موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين مئات الاعتداءات التي تركّزت في مُخيّماتٍ عدّة، وتوزّعت آثار الاعتداءات الصهيونيّة ما بين الإصابات بالرصاص بهدف القتل والتسبّب بالإعاقة، وما بين الاعتقالات والمداهمات لمنازل اللاجئين الفلسطينيين.
وتردّد اسم مُخيّمات عدّة على طول أراضي الضفة المحتلة، مثل العروب وعقبة جبر وجنين وشعفاط وعايدة والفوار، كأحد أبرز نقاط المواجهة مع جيش الاحتلال خلال الشهر المذكور.
ومن خلال المتابعة اليوميّة للاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال، رصد بوابة اللاجئين الفلسطينيين خلال شهر شباط/ فبراير، ارتقاء 12 فلسطينياً من أبناء مُخيّمات اللاجئين الفلسطينيين، منهم 5 شهداء في مُخيّم عقبة جبر فقط، فيما تم رصد 103 حالات اعتقال، و186 إصابة من بينها بالرصاص الحي، و285 عملية اقتحام ومداهمة تخلّلها اندلاع مواجهات في 15 مُخيّماً بالضفة من أصل 19 مُخيّماً فلسطينيّاً.
وأوضح الرّصد تصاعداً في اعتداءات الاحتلال على المُخيّمات الفلسطينيّة بالضفة خلال شهر شباط/ فبراير من ناحية العدد مقارنةً بشهر يناير/ كانون ثاني الذي سبقه.
وطالت انتهاكات الاحتلال خلال الشهر الثاني من عام 2023 المُخيّمات التالية: مخيم العروب، ومخيم نور شمس، ومخيم جنين، ومخيم الجلزون، ومخيم عايدة، ومخيم شعفاط، ومخيم الدهيشة، ومخيم الفارعة، ومخيم قلنديا، ومخيم عسكر الجديد، ومخيم عين السلطان، ومخيم بلاطة، ومخيم عقبة جبر، ومخيم طولكرم، ومخيم الفوار.
الشهداء
ارتقى 12 فلسطينياً في مُخيّمات اللاجئين خلال شهر فبراير، كان منهم 5 شهداء في مُخيّم عقبة جبر، وشهيدان في مُخيّم جنين، فيما توزّع بقية الشهداء على مُخيّمات: العروب، وعسكر، والفارعة، والفوار، وبلاطة، وذلك من أصل 68 فلسطينياً ارتقوا في قرى ومدن ومُخيّمات الضفة المحتلة منذ بداية العام الجاري 2023.
الاعتقالات
ويتبيّن حسب الرصد، أنّ مُخيّم عقبة جبر يتصدَّر في عدد الاعتقالات بمجموع 23 معتقلاً خلال الشهر المذكور، يليه مُخيّم العروب بعدد 15 معتقلاً، ثم يليه مُخيّم شعفاط بعدد 12 معتقلاً، ثم يليه مُخيّمات جنين وعايدة ونور شمس وعسكر.
إصابات بالرصاص الحي
وخلال اقتحامات الاحتلال للمُخيّمات المذكورة، أصيب 186 لاجئاً من ضمنهم برصاص الاحتلال الحي، حيث كان مُخيّم عقبة جبر أبرز المُخيّمات التي سُجل فيها إصابات بعدد 56 إصابة، إلى جانب مُخيّمي العروب وجنين والجلزون في مقدّمة المُخيّمات التي سُجلت فيها الإصابات بمجموع 73 إصابة منها بالرصاص الحي، بالإضافة إلى إصابة المئات اختناقاً بالغاز وجرى علاجهم ميدانياً من قِبل الطواقم الطبيّة المختلفة.
مداهمات واندلاع مواجهات
ويكشف الرصد، أنّ قوات الاحتلال اقتحمت المُخيّمات المذكورة 285 مرّة ما بين ساعات الفجر والصباح، وساعات المساء والليل المتأخّر، ومُخيّم عقبة جبر للاجئين الفلسطينيين هو أكثر المُخيّمات التي تعرّضت للاقتحام من قِبل قوات الاحتلال خلال الشهر الثاني للعام 2023 بعدد 62 اقتحاماً، يليه من ناحية العدد مُخيّمات العروب وجنين وشعفاط بمجموع 112 اقتحاماً.
وفي مقابل هذا العدوان، تواصل المُخيّمات الفلسطينيّة تصديها لجرائم الاحتلال بشكلٍ يومي، إمّا من خلال المواجهات ورشق الحجارة وإغلاق الطرقات أمام حركة مركبات وقوات الاحتلال، أو من خلال الاشتباكات المسلّحة التي توقع الإصابات في صفوف جيش الاحتلال بين الحين والآخر، ممّا يجعل تكلفة المواجهة أعلى من حيث عدد الشهداء والجرحى، ومئات حالات الاعتداء والاعتقال كما يتبيّن من الرصد الذي نقدّمه بشكلٍ دوري.
حملات الاعتقال تزداد كثافة في المخيمات
يقول مدير مركز الأسرى للدراسات د. رأفت حمدونة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ حملات الاعتقال تتكثّف في الآونة الأخيرة في مدن ومُخيّمات اللاجئين بالضفة المحتلة، ولا يكتفي الاحتلال بذلك فقط، بل يعتقل الشبّان عبر الحواجز والمعابر والحدود، وهذه الهجمة المسعورة على المدن وخاصّة المُخيّمات يحاول من خلالها الاحتلال النيل من حالة النضال الفلسطيني الموجودة في الضفة المحتلة، لا سيما مع وجود هذه الحكومة الصهيونيّة المتطرّفة صاحبة الأطماع الواضحة المعالم، بحسب تعبيره.
ويرى حمدونة، أنّ الهجمة الموجودة هي متوقّعة من هذه الحكومة المتطرّفة من أجل النيل من نضال الشعب الفلسطيني، ووقف حالة النضال لدى الشباب الفلسطيني في القرى والمدن والمُخيّمات الفلسطينيّة، لا سيما وأنّ هناك الكثير من حملات الاعتقال التي تنفذها قوات الاحتلال بشكلٍ يومي، إلّا أنّ هذه الاعتقالات ليست جديدة، ولكن ما يجري هو تكثيف لهذه الاعتقالات وخاصّة عندما يتم تحويل المعتقلين إلى الاعتقال الإداري، أي دون تهمة واضحة للمعتقل، وفقط من أجل زجّهم في السجون.
العمليات النضالية الجارية في مدن ومخيمات الضفة مشروعة
ويُؤكّد حمدونة أنّ الاحتلال يهدف من خلال كل هذه الانتهاكات إلى وقف النشاطات الشبابيّة سواء كانت سلميّة أو عسكريّة لمجابهة جرائمه المتواصلة، إلى جانب مسألة الأطماع في الضفة المحتلة، موضحاً أنّ حكومة الاحتلال الحاليّة تسعى من خلال الاعتقالات المتلاحقة للتحريض أكثر على المُخيّمات الفلسطينيّة، وهذا التحريض يُعبّر بشكلٍ مباشر عن التطرّف لدى الحكومة اليمينيّة لزيادة حجم الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
ويُشير حمدونة: في ظل هذا الضغط الكبير الذي يُمارسه الاحتلال، فإنّ المعركة والمواجهة القادمة ستكون داخل وخارج السجون والمعتقلات الصهيونيّة، وخاصّة في ظل أنّ النضال بكافة أشكاله هو حق مشروع للشعب الفلسطيني كفلته القوانين والمواثيق الدوليّة والجمعية العامة للأمم المتحدة، وعملية النضال هذه مشروعة قانونياً ووطنياً وهناك حالة اجماع على حق الفلسطينيين في النضال وتقرير المصير.
المزيد من الحصار والاعتداءات سيُقابل بالمزيد من النضال
ويرى حمدونة أنّ ما يُمارسه الاحتلال من حصار ومصادرة أراضي واستيلاء على مقدرات الأسرى واللاجئين في المُخيّمات والمدن لن يثني الشعب الفلسطيني عن ممارسة دوره الوطني في المستقبل، وستبقى هذه المواجهات بل ستزداد وستتضاعف في ظل زيادة عمليات القتل والانتهاكات اليوميّة بحق الشعب الفلسطيني، فهذا كله يُواجه بعمليات نضاليّة شرسة ضد الجيش "الإسرائيلي" وسلطات الاحتلال، وهذا أيضاً ينطبق على الأسرى داخل السجون.
ويُشار إلى أنّ الاحتلال ارتكب مجزرة أخرى إلى جانب المجزرة المروّعة في مُخيّم عقبة جبر، حيث شنّ الاحتلال عدواناً واسعاً خلال شهر فبراير على مدينة نابلس بالضفة المحتلة أسفر عن ارتقاء 11 فلسطينياً بينهم طفل ومسن، وأصيب أكثر من 90 فلسطينياً بينهم 6 بجروح خطيرة.
وبالعودة إلى مجزرة مُخيّم عقبة جبر، فإنّ المعاناة التي يعانيها أهالي الشهداء في مُخيّم عقبة جبر مستمرة، وذلك في ظل حالة التعتيم التي يفرضها الاحتلال حول مصير الشبّان الذين أعلن الاحتلال عن اغتيالهم في المُخيّم، لا سيما وأنّه تبيّن بعد ذلك أنّ أحد الشبّان ما يزال على قيد الحياة وهو ثائر عويضات، فيما تزال عائلة الشاب علاء عويضات تناشد لمعرفة مصير نجلها