لخص المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، وضع الوكالة بأنّها "محتجزة في وضع راهن لا يحتمل"، في حين أنّ أرجحية توقف عملها على كافة الأصعدة تقع في المرتبة الأولى، في حال لم تحصل على التمويل اللازم في حلول أيلول/ سبتمبر المقبل.
جاء ذلك، في المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر اليوم الثلاثاء 20 حزيران/ يونيو، في العاصمة اللبنانية بيروت، قبيل بدء اجتماعات اللجنة الاستشارية للوكالة برئاسة لبنان، بحضور رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور باسل حسن، حيث جرى وضع الصحفيين الحاضرين في صورة الوضع العام للوكالة، وأبرز التحديات التي تواجهها وآليات العمل المتاحة لتجاوز "جملة الأزمات التي تواجهها".
تحذير من توقف العمل
وتحدث "لازاريني"، عن جهود الوكالة في إطار حشد التمويل، وتحذير الشركاء والدول الأعضاء من أرجحية توقف عمل الوكالة، وحرمان 4 مليون صبي وفتاة في مجتمع اللاجئين الفلسطينيين من التعليم والتغطية الصحية، وتوقف شبكة الأمان للفقراء.
واستعرض لازاريني، أبرز المسائل التي نبّهت وكالته الدول المانحة إليها، خصوصاً فيما يتعلق بالوضع في قطاع غزّة، حيث يعتمد 3 من 4 أشخاص على المساعدة الغذائية، سواء من وكالة "أونروا" أو برنامج الغذاء العالمي، وأكّد أنّ "خط التزويد الغذائي في خطر في حال لم نحصل على المساهمات في كانون الثاني/ ديسمبر".
يأس في أوساط اللاجئين الفلسطينيين بلبنان
أما فيما يخص الوضع في لبنان، أشار "لازاريني"، إلى أنّ وكالته أعطت أرقاماً مخيفة تشير إلى مدى اليأس الذي وصل إليه مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا ما تعكسه نسب التقدم إلى فرص العمل التي تتيحها "أونروا" في أعمال تتعلق بالصرف الصحّي وخدمات النظافة ضمن برنامج (العمل مقابل المال) الذي لا تتجاوز مدة عقده 80 يوماً، حيث تقدّم أكثر من 30 ألف لاجئ -عدد منهم حاصلون على شهادات جامعية- ما يظهر الى أي حد يحتاج اللاجئين الفلسطينيين إلى فرص عمل.
وحول الآليات التي تعتمدها الوكالة، قال لازاريني: إنّه نبّه المجتمعين في "مؤتمر تعهدات نيويورك" إلى وجوب عدم النظر للكلام حول أزمة "أونروا" المالية كما لو أنّه أمر مكرر ومفروغ منه، وأنّ الوكالة ستتدبر أمرها في نهاية المطاف، بل إنّ الوكالة تعاني من سلسلة أزمات ستؤدي إلى توقف خدماتها.
وأضاف المفوض العام لـ "أونروا": "علينا أن نحاول التسوية بين مهام الولاية التي تجدد كل 3 سنوات، وما يجب أن يقدم لاستمرارها" مشيراً إلى أنّ 3 اجتماعات جرت مع أعضاء اللجنة الاستشارية والجمعية العامة في نيويورك، أكّدت "أونروا" خلالها الحاجة إلى 300 مليون دولار تشمل استمرار برامج العمل والنداء الطارئ، إضافة إلى حاجة ماسّة لــ 75 مليون دولار لمنع الانهيار خلال شهر أيلول/ سبتمبر المقبل.
ضرورة عودة المسار السياسي لنقاش حل عادل ودائم لمسألة اللاجئين
وأثار المفوض العام للوكالة، مسألة غياب حل سياسي لقضية اللاجئين وعلاقتها باستمرار أزمة ومعاناة وكالة "أونروا"، منبهاً إلى "ضرورة عودة المسار السياسي لنقاش الحل العادل والدائم لمسألة اللاجئين بعد 75 عاماً على عمل الوكالة التي أسست لتكون وكالة مؤقتة".
وأضاف لازاريني: "علينا إيجاد طريقة لتعود العملية السياسية، لأنّ الأونروا في غياب هذا الإطار ستستمر بالمعاناة وعدم مبالاة الأسرة الدولية" مؤكداً على ضرورة إحياء هذا النقاش ضمن إطار أوسع على الصعيد السياسي.
ولفت لازاريني، إلى تجاهل المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية خلال السنوات العشر الأخيرة، ولا سيما في دول المنطقة التي ضربتها العديد من الأزمات، ما يجعل حصول الوكالة على التمويل من الدول المانحة غير قابل للتوقع.
أثر الاعتبارات السياسية على إيفاء المانحين بالتزاماتهم
كما عبّر المفوض العام، عن مخاوف الوكالة من نتائج الانتخابات في العديد من الدول، ومن أن يلعب أي حزب أو تحالف قد يحكم دوراً في عدم إيفاء هذه الدول بالتزاماتها تجاه "أونروا"، مشيراً إلى أنّ بعض الاعتبارات السياسية يمكن أن تؤدي إلى وقف أي إدارة أمريكية جديدة لتمويلاتها كما حصل سابقاً، حيث تأثر التمويل بعد توقيع اتفاقات "ابراهام" بين بعض الدول العربية و "إسرائيل".
ولكن المفوض العام أعرب عن بعض التفاؤل، نظراً لكون الولايات المتحدة ستتسلم رئاسة اللجنة الاستشارية من لبنان بدعم من سويسرا ومصر، واعتبر هذا الأمر "إيجابياً نظراً لكون الولايات المتحدة تعهدت بتوفير 10 مليون دولار، الّا أنّه أضاف: لا أتوقع أي تغييرات جذرية في المواقع"
ويأتي اجتماع اللجنة الاستشارية للوكالة اليوم الثلاثاء، بعد نتائج مؤتمر المانحين الأخير الذي عُقد في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة، بداية الشهر الحالي، المخيّبة للآمال، لا سيما أنّ الأزمة المالية التي تُعاني منها وكالة "أونروا" قد تؤدي إلى نهايتها، حسبما نبّه المفوض العام في المؤتمر.