-4-

فاز بوريس جلكو ببطولة الاتحاد السوفياتي للشطرنج عام 1977. بعد سنتين، رفض التوقيع على بيان يدين فيه انشقاق فكتور كورتشنوي، وظل منذ ذلك الحين يحاول الهجرة من الاتحاد إلى أن كان له ذلك عام 1986 بعد أن أضرب عن الطعام أربعين

يوما متواصلة.

- كم أضربتم عن الطعام؟

- بما يكفي كي يموت منا مئة وثمانية وثمانون شخصا -وفق أكثر التقارير اعتدالا- من الجوع.

- وإلى أين ذهب؟

- إلى بلاد العم سام، الشيطان الأكبر، وتوج ببطولتها للشطرنج عام 1994، ليكون بذلك اللاعب الوحيد الذي كان بطلا للاتحاد السوفياتي وللولايات المتحدة الأمريكية.

- وإلى أين تذهب؟

- ليس إلى مكان، كل ما أريده هو أن أجد نفسي.

في الطريق، يشتد الصداع. حبتا سيتامول، أربع حبات، ست حبات.. ثم حبتان من ديكلوفيناك الصوديوم، لا فائدة. غثيان فظيع كما لو كنت بطل إحدى روايات سارتر.

ههنا يتجلى المغزى الوظيفي من أكياس النايلون التي أحضرها مأمون. حموضة المعدة ومرارة الصفراء وسوداوية المزاج، لا تتغلب عليها حرارة دمك أو برودة بلغمك، بل إقياء شديد اللهجة أوشك أن يخلصك من سبع سنين دفعة واحدة.

- وارتحت بعدها؟

- زال الغثيان، لكن الصداع استمر. كنت بحاجة للنوم حاجة شاعر جاهلي للوقوف على الأطلال: لخولة أطلال ببرقة ثهمد... ما أجمل هذا المطلع! كأنه بحث جاري كاسباروف على طريقة لهزم الرجل المفضل للحزب الشيوعي السوفياتي: تيجران

بتروسيان.

- وكيف تم له ذلك؟

- بأن اتبع نصيحة بوريس سباسكي: اعصر تيجران من بيضتيه! لكن ليس البيضتين معا!

بل بيضة واحدة في كل مرة.

- وهل نجح الأمر معك؟

- قلت لك: كل ما أريده هو النوم. أن أنام كطفل، ألا افكر بغد، ألا أحلم، ألا يوقظني مريض أو صوت صاروخ.. وبعدها ليكن ما يكون.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد