تقرير: الوليد يحيى
قصدت عشرات العائلات الفلسطينية السوريّة، جمهوريّة السودان، خلال سنوات الحرب في سوريا، معظمهم من أبناء مخيّم اليرموك للاجئين في دمشق، وذلك نظراً لكون إجراءات الدخول إلى البلد العربي الإفريقي، أسهل من سواها بالنسبة للاجئين الفلسطينيين من حملة وثيقة السفر الصادرة من سوريا، في وقت سدّت معظم البلدان العربيّة الأبواب في وجههم.
بلغ عدد الفلسطينيين السوريين في السودان حتّى عام 2018 الفائت، نحو ألف لاجئ، الّا أنّ أعدادهم بدأت بالتراجع، بسبب صعوبات متنوّعة، دفعت العديد منهم إلى الهجرة عبر طرق التهريب التي تمر بالصحراء الليبيّة، في حين لم يجد آخرون في ذلك السبيل مهرباً آمناً بسبب جشع المهرّبين، والمخاطر العديدة التي تجعلهم يؤثرون البقاء في السودان عن سلوكه.
صعوبات الإقامة والعمل
(هيا)، لاجئة فلسطينية من مخيّم اليرموك وتقيم في السودان، تحدّثت لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" حول بعض تلك الصعوبات القانونيّة والتي تؤثّر سلباً في الأوضاع المعيشيّة المترديّة.
فاللاجئ الفلسطيني المقيم في السودان، يحتاج سنويّاً إلى مبلغ 200 دولار أمريكي لتجديد إقامته، وهو مبلغ من غير السهل تأمينه في السودان أو ادخّاره نظراً لتدنّي مستوى الدخل لغالبية الفلسطينيين.
كما أنّ الإقامة وفق ما أفادت (هيا) ليس الحصول عليها بالسهل، نظراً لشرط قانوني، يفرض على الفلسطيني السوري وجود كفيل سوداني، بشرط أن يكون ذلك الكفيل شخصاً من الحكومة، أو صاحب شركة وفق عقد عمل، الأمر الذي يرتّب تكاليف إضافيّة تُدفع للكفيل، وصعوبات في إيجاده أو تجديد الاتفاق معه، وفي حال التأخّر عن تجديد الإقامة السنوية، يغرّم اللاجئ مبلغ دولار واحد عن كلّ يوم تأخير أيّ ما يعادل 50 جنيهاً سودانياً، وهو مبلغ ليس بالقليل بالمقاييس المعيشيّة في السودان .
وحول العمل في السودان، تقول (هيا) إنّ إقامة الكفيل التي تُمنح للاجئين الفلسطينيين في السودان، لا تسمح لهم بمزاولة أيّ عمل، فهم يعاملون معاملة الأجانب، ففور دخول اللاجئ الفلسطيني من حملة الوثيقة، يُفرض عليه أن يُسجّل في دائرة الأجانب بتكفلة 200 دولار تُدفع لمّرة واحدة، وهو شرط لا يشمل السوريين وفق (هيا)، الأمر الذي يُخضع الفلسطيني السوري لقانون العمل السوداني الذي يفرض الحصول على بطاقة عمل، لها شروط لا تتوفر غالباً، كعقد عمل مع شركة، وهو أمر غير متوفّر لغالبيّة الفلسطينيين السوريين.
واقع قانوني يحتّم على اللاجئين الإنخراط بالأعمال الحرّة، وحسبما قالت ( هيا) فإنّ الشبّان من اللاجئين الفلسطينيين السوريين يتجهون للشغل الحر، أي في المحال والمطاعم أو الورش، ما يجعل دخلهم مرهوناً بالعمل اليومي.
كيف هي أوضاعهم في ظل ما يشهده السودان اليوم؟
وفي خضّم ما يشهده السودان حاليّاً، من أوضاع مجتمعيّة وأمنيّة، يترقّب الفلسطينيون السوريّون في البلد ما ستؤول إليه الأحداث، سيّما أنّ غالبيّتهم يتركّزون في العاصمة الخرطوم التي تعتبر المسرح الرئيسي لما تشهده البلاد من انتفاضة مجتمعية، فتقول ( هيا) إنّ البلد حاليّاً يعيش حالة من الشلل، بسبب حالة العصيان المدني، فالمحال والمرافق العامة والأسواق جميعها مغلقة، الأمر الذي ينعكس على اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون في معيشتهم على العمل اليومي.
أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الذين قصدوا السودان، غالباً لا تشبه غيرها، فلا اعتباريّة لهم كلاجئين، حيث لا يشملهم عمل مفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولاوكالة " الأونروا" لأنهم في بلد خارج نطاق أقاليم عملها الخمس، في حين تسود مخاوف من مآلات عميقة قد تشهدها البلاد، من الصعب أن يكون لهم منها مهرب إن حدثت ، لكونهم محكومين بما يسمّيه الفلسطينيون السوريون بـ"لعنة وثيقة السفر" التي تجعلهم حبيسي أماكنهم.