خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
علت خلال الأيام الأخيرة موجة تراشق اتهامات بين رئيس سلطة رام الله محمود عباس والنائب في المجلس التشريعي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، تزامناً مع حلول الذكرى الثانية عشر لرحيل ياسر عرفات، بالإضافة لاقتراب موعد المؤتمر السابع للحركة الذي يراهن عليه الطرفان، وهو الأول منذ آخر مؤتمر كان عام 2009، وأعلن عباس أنه سيعقد في التاسع والعشرين من تشرين الثاني/2016.
وحسب مسؤولين في الحركة فهناك احتمال أن يتم الإعلان عن نتائج التحقيق في مقتل عرفات خلال مؤتمر الحركة ودراسة القرار الذي سيتم اتخاذه بناءً على النتائج. هذا ويملك دحلان نفوذاً داخل المجلس الثوري واللجنة المركزية في حركة فتح، بدأ ظهوره خلال السنوات الماضية، إلا أنه يظهر بشكل أوضح مؤخراً، قوبل بقرارات فصل وقطع رواتب لموالي دحلان، ومن المتوقّع أن يدفع عباس في مؤتمر فتح باتجاه انتخابات لجنة مركزية ومجلس ثوري جديدين يستبعدان الموالين لدحلان، بينما يعتبره الأخير مؤتمراً لإقصاء حركة فتح وتخريبها.
كان قد أعلن عباس خلال كلمة ألقاها في مهرجان مركزي أقيم في مدينة رام الله المحتلة في ذكرى رحيل عرفات، الخميس 10 تشرين الثاني، أنه يعرف قاتل عرفات، قائلاً: "لا يزال التحقيق في استشهاد الأخ الشهيد أبي عمار مستمراً، حتى نعرف من الذي فعل ذلك، ولو سُئلت لقلت إني أعرف، لكن لا تكفي شهادتي، لا بد للجنة التحقيق أن تصل لتنبش من الذي فعل هذا؟ وفي أقرب فرصة ستأتي النتيجة وستندهشون منها ومن الفاعلين."
في حين قال دحلان على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إنه "ينبغي التوقّف عن المتاجرة الرخيصة بقضية استشهاد الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ولقد آن الأوان لوضع ملف التحقيقات في سياقها القانوني والعملي لكشف كل خبايا كبرى جرائم العصر، بدلاً من التلاعب والتوظيف الرخيص والمغرض الذي يمارسه البعض بصورة موسمية بهدف التلاعب بعواطف شعبنا الفلسطيني."
وفي إشارة لرئيس السلطة عباس، قال: "من العار السكوت عن شخص مثل محمود عباس وهو يدّعي معرفة منفّذي تلك الجريمة الكبرى لكل ذلك الوقت دون مطالبته بتسجيل ونشر إفادته على الملأ، غير أنه ليس الشخص المؤهل لتوزيع الاتهامات وهو شخصياً في قفص الاتهام والمستفيد الوحيد من تغييب أبو عمار عن المشهد، وما محاولاته المتكررة والبائسة والمكشوفة لتوزيع الاتهامات هنا وهناك، إلا لخلط الأوراق وخلق ملهاة أخرى لإشغال الناس."
واعتبر دحلان أن ما أسماه "الاستغلال الرخيص" لدم عرفات، إضافةً لكل الخطوات التدميرية والجرائم التي" ارتكبها محمود عباس بحق الشعب والمؤسسات والقانون والقضاء، جميعها تؤكد أنه غير مؤهل وغير مؤتمن على القضايا الوطنيّة برمّتها، وأن جريمة اغتيال عرفات أخطر بكثير من المناورات والأحقاد الشخصية للبعض".
وأشار إلى أن لجنة التحقيق في اغتيال عرفات بذلت ما تستطيع من جهود إلا أنه يُمارس عليها ضغوط من قبل ما وصفه "شخص حاقد" بهدف استغلال دم ياسر عرفات بهدف تصفية حسابات شخصية.
ويرى دحلان أن المتهم الرئيسي في استهداف حياة عرفات هي "إسرائيل"، قائلاً: "لم نشكك في تلك الحقيقة يوماً، حتى إن كان غيرنا قد فعل عن عمد، ومن الصعب إقناع شعبنا وضمائرنا بغير تلك الحقيقة، ولكن يتبقى علينا معرفة الوسائل والأدوات التنفيذية لتلك الجريمة المكتملة الأركان جنائياً وسياسياً."
ووصف دحلان اغتيال عرفات بأنه حلقة في سلسلة جرائم بدأت بالاغتيال السياسي وتمهيد مسرح الجريمة وانتهت بالاغتيال الجسدي، ومن ثم إعاقة سير العدالة والتلاعب بمسرح الجريمة والأدلة والشهود.
وطالب بتوحيد جهود لجنة التحقيق القائمة ولجنة تحقيق عربية مستقلة محترفة تضم شخصيات فلسطينية وعربية مشهوداً لها بالنزاهة والحرفيّة، ويصدر بتشكيلها قرار واضح عن جامعة الدول العربية، وتضم اللجنة خبراء متميزين في البحث الجنائي والسياسي. كما طالب دحلان بوضع سياق عملي واعتماد تفويض صارم يتيح للجنة الفلسطينية العربية المشتركة صلاحيات لا حصر لها يمكّنها من العمل بمنتهى الشفافية والانفتاح، وأكد أنه بغير ذلك ستظل قضية اغتيال عرفات ورقة في ألاعيب المناورات السياسية والشخصية، ما يشكّل تبرئة ومنفذاً يمكّن القاتل "الإسرائيلي" وأدواته التنفيذية من الهروب والتملّص وتشتيت مسؤولية وتبعات تلك الجريمة.
يشار إلى أن عرفات توفّى في 11 تشرين الثاني/2004 في مستشفى بفرنسا بعد أربعة أسابيع على مرضه المفاجئ الذي لم تُعرف ماهيّته، وكان السبب الرسمي المعلن للوفاة سكتة دماغية، لكن أطباء فرنسيين لم يتمكّنوا في ذلك الوقت من تحديد سبب المرض، ولم يجرِ تشريح للجثة، وألقى قادة فلسطينيون بالمسؤولية على الكيان الصهيوني، الذي نفى بدوره أي ارتباط له في ذلك.
وخلال عام 2012 تم فتح تحقيق فرنسي بناءً على طلب سهى أرملة عرفات، واستخرج رفاته لإخضاعه لاختبارات طبية أجراها خبراء فرنسيون وروس وسويسريون، وقال السويسريون إن ما توصّلوا إليه يتّسق مع القول أن الوفاة حصلت جراء تسمّم بمادة البولونيوم المشع، لكن لا يوجد دليل، واعتبر الفرنسيون أنه لم يمت بالتسمم، وقال الروس أنهم لم يجدوا آثار للبولونيوم في رفاته، وأغلق التحقيق العام الماضي.