أحمد أبو حسنة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

مع انتهاء السباق الرئاسي في الولايات المتحدة بفوز المرشح "الشعبوي" عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، أقفل "بازار" المزاودات التي يشهدها انطلاق كل سباق رئاسي أمريكي. ففي كل سباق، يبدأ المرشحون على مختلف توجهاتهم في إطلاق حملة من التصريحات المتطرفة والوعود عالية السقف تجاه القضايا الأساسية التي تهم الناخب الأمريكي. في أغلب الأحيان، فإن اليوم التالي لإعلان النتائج الانتخابية يعتبر إشارة البدء للنزول عن الشجرة والتراجع عن هذه التصريحات، لصالح التناغم مع السياسة العامة لما تخطه "المؤسسة" (وهو مصطلح يشير دوماً إلى جهة مجهولة الهوية تقرر الاستراتيجية الأمريكية العليا تجاه مجمل القضايا).

وإن بات من الواضح أن الرئيس العتيد، دونالد ترامب، قد فاز بأرجحية أصوات الناخبين "البيض"، المصنفين ضمن الطبقة الوسطى، الذين صوتوا له بعد أن ملّوا من تكرار معزوفة "تأمين ضمان صحي ملائم، وحل مشكلة البطالة وتحديث قوانين التقاعد" التي درج المرشحون الرئاسيون على "علكها" طوال الأربعين عاماً الماضية دون تحقيق تقدم يذكر؛ مقابل "الوعود الجديدة" التي طرحها ترامب ضمن برنامجه الانتخابي لجهة إعادة تركيز الاستثمارات الأمريكية داخل حدود "هذا البلد العظيم". فإن هذا يبقى مفهوماً ومبرراً لمواطنين "يطالبون بحقهم في توطين رؤوس أموالهم واستثماراتهم في وطنهم”. ولكن الجدل يعود إلى الظهور مع إشارة أوساط متعددة إلى أن أصوات الطبقة الوسطى من "غير البيض"، بما فيهم من عرب ولاتين وشرق آسيويين، ذهبت لصالح ترامب. إذاً ألم ينتبه هؤلاء المصوتون إلى المحتوى "الفاشي الجديد" ضمن البرنامج  الترامبي على الصعيد الخارجي؟! محتوىً أقل ما يمكن أن يقال فيه أنه معادٍ وانعزالي، وأنه يمسهم مباشرة أو على الأقل يمس أهليهم وأبناء جلدتهم.

أمام هذا الواقع، نجد أن هؤلاء المصوتين تعاملوا مع برنامج ترامب وفق رؤيتهم إلى أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية لن تتغير، هي سياسة مرسومة من قبل "المؤسسة"، التي تميل دوماً إلى إيجاد عدو خارجي خطير ويشكل تهديداً وجودياً لأمريكا. وأن ماهية هذا العدو قد تتغير بين فينة وأخرى من "سكان أصليين يشكلون خطراً على حضارة البلاد"، إلى اتحاد سوفييتي يريد "نشر الشيوعية وتخريب قيم المجتمع الأمريكي"، إلى أصوليات إسلامية لم تبدأ مع ظهور القاعدة ولن تنتهي بانتهاء داعش. وهذا ما قد يفسر حالة التخبط المتعلقة بعبارة "حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة"، فالعبارة التي اختفت عن موقع الحملة بعيد ساعات من فوز ترامب كما أشارت صحيفة الإندبندت البريطانية، ثم الخبر الذي نشرته قناة فرانس 24 عن أن خطأ فنياً هو السبب في اختفاء العبارة، مع الإشارة إلى أن العمل جارٍ لإصطلاح الخطأ، في محاولة للتهرب من الموضوع بطريقة دبلوماسية.

رغم ذلك، يبقى دعم "إسرائيل" هو ركيزة أساسية في هذه السياسة "المؤسساتية" ولاعتبار "وجودي"، في بلاد لا زالت ترى في نفسها "كنعان الجديدة"، وترى في "إسرائيل" امتداداً عضوياً لها، ومن هنا أصلاً يظهر العداء للآخرين (المهاجرين) بصفتهم "غوييم". ولأن  ترامب، ضحل الخبرة السياسية، وبالأخص السياسة الخارجية، فقد تولى مهمة التأكيد على هذه الناحية، نائب الرئيس المنتخب "مايكل بينس" الذي شغل منصب حاكم ولاية إنديانا. فقد قال في تصريحٍ خلال شهر تموز – يوليو الماضي، أثناء الحملة الانتخابية، موجهاً رسالةً إلى "الجمهور الإسرائيلي"، افتتحها بعبارة "شالوم"  إلى "الشعب الإسرائيلي في القدس المباركة" وضمنها "تطمينات" باستمرار الدعم "لإسرائيل" التي "تتشارك والولايات المتحدة نفس المصير"! (شاهد الفيديو المرفق).

بالنسبة لغالبية الأمريكيين من أصل فلسطيني، فإن تركيزهم ينحصر في قدرة ترامب بالإيفاء بوعوده في السياسة الداخلية وتحسين الوضع الاقتصادي وتخفيف البطالة. فيما يبدون تخوفهم من إمكانية التضييق على الواصلين الجدد من أبناء فلسطين، والذين قد لا يجدون سبيلاً سهلاً "لقوننة أوضاعهم في ضوء المتغيرات التي قد تحدث".  فـ"أحمد رامز"، الفلسطيني السوري الواصل حديثاً إلى البلاد فإنه يتخوف بشدة مما قد يخبئه المستقبل القريب. يقول "أحمد": “وصلت إلى أمريكا منذ عام تقريباً وفق برنامج القرعة (Lottery) الذي يختار المتقدمين للهجرة إلى أمريكا بشكل عشوائي، ورغم أن قوانين البرنامج تقتضي منح الإقامة بعد الوصول بشهر أو اثنين، إلا أنني لم أستلم إقامتي للآن". ويضيف: “أسمع من بعض العارفين هنا، أنهم يتريثون في منح الإقامة لأنهم يريدون تصنيف كل المهاجرين من سورية بصفتهم لاجئين، لتغطية رقم العشرة آلاف الذين تعهدت أمريكا باستقباله".

وإن كان لا تغيير حقيقي على السياسة الخارجية لـ "المؤسسة"، يبدو أن وجود "المحافظين الجدد" صار علامةً مميزة في أي إدارة "جمهورية"، وهو ما تكشفه نية ترامب على أن يضمّن في إدارته أسماء كالسفير السابق "جون بولتون" وعمدة نيويورك السابق "رودي جولياني" والدبلوماسي "ريتشارد هاس" إلى جانب "جيم تالنت" وآخرين من المحافظين الجدد المعروفين بتطرفهم تجاه العرب بشكل عام، ومعاداتهم للفلسطينيين في سبيل "دعم عدالة قضية إسرائيل".

شاهد مايكل بينس ورسالته الى الجمهور الصهيوني

خاص بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد