الوليد يحيى - الشمال السوري
يعاني اللاجئون الفلسطينيون المهجّرون في الشمال السوري، أوضاعاً معيشيّة معدمّة، في ظل انتشار البطالة وغلاء أسعار المواد الغذائيّة، ما يحرمهم الحصول على احتياجاتهم الغذائيّة اليومية من الأسواق، حيث تسجّل أسعار المواد الغذائيّة معدلات تفوق الدخل الشهري للعائلات بأضعاف، وفق تأكيدات لاجئين.
حال يضع المئات من العائلات الفلسطينية المهجّرة، دون خط الفقر، لا سيما من يقطنون مخيّمات التهجير في ريف حلب الشمالي وريف مدينة عفرين، حيث تتشتت مداخيلهم اليوميّة بين شراء مستلزمات التدفئة مع اشتداد موسم البرد والأمطار في تلك المناطق، وبين تلبية احتياجاتهم الغذائيّة اليوميّة.
ولا ينفك اللاجئون الفلسطينيون هناك، عن التساؤل حول أسباب غياب وكالة " أونروا" وتهميشها لهم، وما اذا كانت معاييرها للشرائح الأكثر عوزاً وفقراً تنطبق عليهم كلاجئين مهجّرين ويسكن معظمهم الخيام، وفق ما يصل لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" من تساؤلات نضعها برسم الوكالة ومسؤوليها، لا سيما أنّ الوكالة تتحضر للبدء بتوزيع المساعدات الغذائيّة على الأسر التي تصنّفها وفق معاييرها في خانة الأكثر عوزاً.
بطالة وأعمال شحيحة وأسعار فوق سقف المداخيل
بطالة مزمنة، ومداخيل شحيحة وغير مستقرّة مصدرها أعمال قد يحالفك حظ الحصول عليها من هنا وهناك في بعض الأحيان وفق ما يقول اللاجئ المهجّر من مخيّم اليرموك "أبو المجد" ويسكن مخيّم البل- الصداقة في ريف حلب الشمالي، إذ يوضّح لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ معظم أرباب الأسر يعملون في ورشات البناء أو العتالة (نقل البضائع على الأكتاف)، مقابل أجرة يوميّة بالكاد تكفي لشراء المؤونة اليومية من الطعام، في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار.
ويتقاضى العامل في ورش البناء والأعمال اللوجستية التي على هوامشها، أجرة يوميّة تتراوح بين 2000 ليرة و 3000 ليرة سوريّة، وفق ما يؤكد "أبو المجد" في حين تسجّل أسعار المواد الغذائيّة مستويات قياسية، رصدت "بوابة اللاجئين" بعضها في مناطق ريف حلب الشمالي حيث تقطن نحو 35 عائلة فلسطينية.
وبلغ سعر الكيلو غرام الواحد من مادة البرغل 250 ليرة سوريّة، في حين بلغ سعر الأرز نخب أوّل 700 ليرة ونخب ثاني 400 ليرة، أمّا سعر العدس فسجّل 400 ليرة سورية، والسكّر 400 ليرة، الشاي 4100 ليرة، وصفيحة الزيت النباتي 16 الف ليرة.
لا أحد يموت جوعاً لكّن الموت من البرد وارد
وتعقيباً على الأسعار مقارنة بمستوى الدخل اليومي، يؤكد "أبو حسن" وهو عامل بناء و لاجئ من أبناء مخيّم اليرموك ويقطن في ريف حلب الشمالي، أنّ معظم العائلات تأكل صنفاً واحداً أو اثنين من الطعام الأرخص خلال الأسبوع، لتوفير ما يمكن توفيره من أجل شراء مستلزمات الشتاء والحاجيات من الملابس في هذه الأيّام.
"فلا أحد يموت جوعاً العالم بتدبر وجبة أو تنين" وفق "أبو حسن" الذي ذكر أنّ بعض الجمعيات توزّع سللاً غذائيّة بين الحين والآخر، تخفف من معاناة تكاليف الطعام التي يتكبدونها، في حين يتجرّع الأهالي المزيد من المعاناة والمصاعب في فصل الشتاء، خلال تأمين لوازم التدفئة، لتجنيب أطفالهم الموت برداً.
وفي هذا الإطار، يصف "أبو حسن" كسواه، حال اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري بالمأساوي، وخصوصاً سكّان الخيام، الذين يحتاجون لكميّات كبيرة من المازوت أو حطب التدفئة، لتلبية احتياجاتهم، والتي تسجّل أسعاراً باهظة، مشيراً إلى أنّ ما توزّعه الهيئات المسؤولة عن مخيّمات المهجّرين من مواد تدفئة لا تكفي، ما يضطر السكّان إلى شراء المازوت أو الحطب من الأسواق بأسعار مرتفعة.
برسم وكالة "أونروا"
وتلقّت " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" شكوة من اللاجئ "أبو صالح"، وهو من أبناء مخيّم اليرموك وربّ لأسرة، وأحد سكّان مخيّم أعزاز للمهجّرين بريف حلب حاليّاً، انتقد فيها بشدّة تهميش وكالة " الأونروا" لمئات العائلات الفلسطينية المهجّرة من مخيّم اليرموك، ووجّه اليها عدة تساؤلات عن أسباب هذا التهميش، قائلاً:" هل تعتبرنا الوكالة قد خرجنا من سوريا حتّى تهمشّنا ؟".
وذكّر أبو صالح الوكالة بواجباتها تجاه اللاجئين ضمن أراضي سوريا التي تعتبر إحدى أقاليم عملها، مطالباً منها العمل على إيصال المساعدات الماليّة والإغاثيّة لهم بشكل عاجل.
وتساءل اللاجئ عن أسباب غياب المعونات الإغاثيّة والماليّة للاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، والذين هجّروا قسراً، مشيراً إلى انعدام أيّ أفق لهم لخلق موارد ماليّة تؤمن لهم الحدّ الأدنى من الحياة الكريمة، مشيراً الى أنّ مخيّمات الإيواء بعيدة عن المدن والبلدات، ولا امكانيّة لدى الكثيرين للتنقّل والذهاب الى البلدات المجاورة للبحث عن عمل، عدا عن الغلاء الكبير في أجور النقل.
وختم اللاجئ أبو صالح بالقول: "أونروا وفصائل منظمة التحرير، وكل المسؤولين عن الشعب الفلسطيني، يدفعون الناس للهجرة والموت في البحر".