صيدا – لبنان
شهد مستشفى الراعي بمدينة صيدا جنوبي لبنان الأحد 26 كانون الثاني/ يناير، وفاة الرضيعة الفلسطينية رشا عيسى عن عمر 50 يوماً، بعد أسابيع من صراعها مع المرض وتأخّر البدء بعلاجها، نتيجة عجز أهلها عن تأمين تكاليف إجراء عمليّة جراحيّة عاجلة لها، والتأخّر في تأمين مبلغ صغير لزوم فحوصات عاجلة، ما أخّر علاجها وأدّى إلى وفاتها.
ووفق عائلة الطفلة رشا الفلسطينية المهجّرة من سوريا إلى لبنان، فإنّ طفلتهم كانت تعاني من أزمة قلبية، بعد ولادتها بنصف قلب نتيجة عيب خلقي، فكان لا بد من إجراء عمليّة عاجلة لها تبلغ تكاليفها 24 مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل 12 ألف دولار أمريكي.
وأشارت العائلة، إلى أنّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" قد تكفّلت بتغطية 90% من المبلغ وبقي 10% أي ما يعادل 1200 دولار أمريكي، وهو ما عجزت العائلة عن تأمينه نتيجة أوضاعها المعيشيّة المترديّة كحال عموم اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا إلى لبنان.
وطلبت المستشفى من عائلة الطفلة، إجراء تحاليل وصورة للقلب، بتكلفة 300 ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل 150 دولاراً أمريكياً، ليجري تخفيضها إلى 250 ألف بعد تفاوض مع إدارة المستشفى، وبيّنت الصورة والتحاليل ضرورة إجراء العمليّة للطفلة ليتوقّف الأمر على مبلغ يتوجّب دفعه وقدره 200 دولار أمريكي كدفعة أولى، لزوم البدء بالإجراءات، وهو ما لم تستطع العائلة تأمينه بالسرعة المطلوبة ما أدّى إلى تدهور حال الرضيعة ووفاتها.
وتمكّنت عائلة الطفلة الراحلة مواراة طفلتهم الثرى، بعد إطلاق سراح جثّتها، حيث رفضت إدارة المستشفى تسليمها لهم، حتّى تسديد كافة المستحقات المترتبة، ما يعكس جشع المنظومة الصحيّة اللبنانية، وهي شهيرة في تسجيل حالات وفاة أمام أبواب المستشفيات لأسباب ماديّة، وحجز جثث المتوفين إلى حين تسديد التكاليف.
وفتحت حادثة وفاة الطفلة رشا عيسى مجدداً، ملف التغطية الصحيّة للاجئين الفلسطينيين عموماً، والمهجّرين من سوريا خصوصاً، نظراً لأوضاعهم المعيشيّة المعدمة، واعتمادهم في معيشتهم على المعونات الماليّة والشحيحة التي تقدّمها لهم وكالة " أونروا".
وفي هذا السياق، انتقد ناشطون تقاعس الوكالة المعنيّة بإغاثة اللاجئين الفلسطينيين عن تقديم التغطيّة الصحيّة الكاملة للاجئين المهجّرين من سوريا، وحمّل الناشط محمود الشهابي المسؤولية لـ"أونروا" والفصائل الفلسطينية والقيادات والمنظمات الإنسانيّة متسائلاً " ما فائدتكم"؟
وقال الشهابي: إنّ مأساة عائلة هذه الطفلة، أنّ والدها ذهب إلى المستشفى وليس في جيبه دولار واحد أي ما يعادل 2000 ليرة لبنانية، في إشارة إلى الفقر المدقع التي تعيشه العائلات الفلسطينية المهجّرة من سوريا، ما يجعلها عاجزة عن تأمين لقمة عيشها، فكيف بتكاليف العلاج الباهظة في هذا البلد.
واعتبر آخرون، أنّ غياب التغطية الصحيّة الشاملة من قبل " أونروا" دائماً يؤدي إلى حالات مماثلة لأطفال ونساء وشيوخ، لعدم قدرتهم على دفع تكاليف علاجيّة لا يستوعبها عقل، وفق ما أشارت إحدى المعلّقات على الحادثة، مشيرةً إلى أنّ اللاجئ الفلسطيني بالكاد يستطيع تأمين ثمن طعامه.
الجدير بالذكر، أنّ معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع النظام الصحّي اللبناني، ليست مقتصرة على المهجّرين من سوريا، وتشمل كافة اللاجئين في هذا البلد، وسجّل مخيّم نهر البارد قبل أكثر من عام، وفاة أحد أطفاله محمد وهبة، الذي رفضت إحدى مستشفيات طرابلس استقباله لعجز ذويه عن تأمين تكاليفها، في حين تسجّل في لبنان مناشدات بشكل متواصل لعائلات فلسطينية، من أجل مساعدتها في تأمين مبالغ ماليّة من أجل استقبال أبنائها في المستشفيات، في ظل استمرار تجاهل الوكالة لهذا الملف المزمن.