في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة بفعل عوامل عدة، أبرزها الحصار الصهيوني المُستمر منذ 13 عاماً، وانخفاض القدرة الشرائية للاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون نحو ثلثي سكان القطاع، قد تجد الشريحة الأكبر من هؤلاء اللاجئين في سوق الملابس المستعملة أو ما يسمى "البالة" ملاذاً يلجأ الكثيرين لشراء الملابس وكسوة أطفاله ممّا يُسمى "سوق البالة" أي الذي تُباع فيه البضاعة المُستعملة من ملابس وأحذية بأسعارٍ رمزيّة.
في مُخيّم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزّة، عاد سوق "البالة" للعمل من جديد بعد أن توقّف لثلاثة أشهر بسبب وقف الاستيراد من الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948 كإجراءٍ وقائي لعدم انتقال فيروس "كورونا" إلى داخل القطاع.
البائعون لم يجلبوا بضاعة جديدة
وفي هذا الصدد، قال المتحدّث باسم وزارة الاقتصاد في غزة عبد الفتاح موسى: إنّه "جرى السماح بإدخال ملابس البالة وفق إجراءات وضوابط احترازية، وذلك من أجل سلامة المواطنين".
وأوضح أبو موسى لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ "الإجراءات الاحترازية تمثلت بحجز البضاعة لمدة 48 ساعة، وهذا حسب شروط منظمة الصحة العالمية بشأن مدة حياة الفيروس على هذه الملابس، وثانياً أنّ تتعهّد الشركة خطياً بغسل هذه الملابس قبل عرضها في السوق، وأثناء تحميل وتنزيل هذه البضاعة يجب أن يكون العمّال الذين يتعاملون معها يعملون وفق إجراءات احترازية وسليمة وآمنة".
لكنّ البائعين البسطاء في مُخيّم النصيرات لم يشتروا أي بضاعة جديدة، بل سبيعون من بضاعة العام الماضي في محاولةٍ منهم لسد الخسائر التي تكبدوها خلال فترة الإغلاق والحجر المنزلي.
أحمد عياش بائع في السوق، يقول: إنّه تم منعهم "من دخول الأسواق منذ ثلاثة أشهر بسبب فيروس كورونا، حتى عندما نأتي لنبيع نأتي على مسؤوليتنا الخاصة، رغم أننا مطالبون بدفع رسوم مالية عن فترة الحجر المنزلي الذي منعنا فيها من العمل لأننا نملك ترخيصاً سنوياً من البلدية".
وتابع عياش: "أصحاب بسطات الخضار يسمح لهم بالبيع ولكن نحن لا"، بينما قال البائع ناصر القرا: إنّ "الأسعار زهيدة جداً ولكن لا يوجد إقبال بتاتاً، لأن الناس ما معها تشتري، ويا دوب اليوم تشتري الأكل، أما بضاعة فش".
البائع أحمد عياش، عاود وأضاف: "الناس ما معها اليوم مصاري، واللي عنده 10 أفراد في أسرته بيشتري الهم كلهم لـ30 شيكل أواعي من هان، بيعبي كيسين كبار من الثياب وبيروح".
حتى "البالة" أصبحت من الكماليات
أبو محمد شاهين لاجئ فلسطيني في مخيم الشاطئ، اعتاد على التردد إلى سوق مخيم النصيرات لرخص ثمن البضائع فيه يقول: "هذا سوق البالة هو جزء من السوق، وإحنا بنيجي نتفرج، أنا عن نفسي ما اشتريت اشي لإنو ما في مصاري، الوضع تعبان على كل العالم خصوصاً من تأخير الرواتب ".
وأشار أبو محمد إلى أنّ "ملابس سوق البالة رخيصة، مثلاً لو شخص لديه 7 أو 8 أفراد في أسرته لا يوجد ملاذ له إلا هذا السوق لرخص الأسعار فيه، أما إذا ذهب للسوق العادي لكسوتهم فيحتاج إلى قرابة 500 أو 600 شيكل على الأقل، وهذا غير ممكن في ظل هذه الظروف، أما في سوق البالة بـ40 أو 50 شيكل سيقضي حاجته".
كما قال اللاجئ الفلسطيني في مُخيّم النصيرات، سلامة أبو غياض: ، إنّ أي شخص لا يوجد لديه المال الكافي لكسوة أطفاله يأتي إلى هنا، ولو أراد أي أحد كسوة أطفاله يجد هنا كل شيء بأسعار زهيدة جداً بـ2 أو 3 شيكل، لأن الوضع لا يسمح لأي أحد شراء ملابس غالية الثمن".
هذا السوق الذي هو بمثابة الملاذ للفقراء، يرتاده سكّان المُخيّمات في ظل أنّ هذه المُخيّمات تُعاني فقراً شديداً بسبب الحصار، وفي ظل أنّ هناك أكثر من 80% من اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة على المساعدات المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بحسب مصادر رسمية.
ويُشار إلى أنّ رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار جمال الخضري، قال يوم 20 يونيو/ حزيران: إنّ "الأمن الغذائي لحوالي مليون لاجئ في قطاع غزة مُهدد بسبب الحصار الإسرائيلي، وتقليص المساعدات الإنسانية المُقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين/ أونروا".
وبيّن الخضري أنّ "واقع الحياة في غزة صعب للغاية، حيث تصل نسبة من هم تحت خط الفقر 85%، فيما معدلات البطالة بين فئة الشباب 65%، فيما معدل دخل الفرد اليومي لا يتجاوز 2$، إضافة لضعف القوة الشرائية، وتراجع في توفر السيولة".
شاهد التقرير