رؤية الأطفال يلعبون هنا وهناك منسجمين مع بعضهم البعض مشهد يطالع كل زائر عند دخوله أحد المخيمات الفلسطينية في لبنان.

لعبة "اللقيطة" الشائعة بين الأطفال لها طعم آخر لديهم، فالركض للإمساك ببعضهم البعض يشعرهم بلذة المنافسة والسرعة للفوز، لكنها تعرضهم لمخاطر إضافية نظراً لطبيعة الأحياء والأزقة الضيقة داخل المخيمات، بخاصة "برج البراجنة" و"شاتيلا" في العاصمة اللبنانية بيروت.

هذان المخيمان يختلفان من حيث طبيعتهما الجغرافية والبيئية عن بقية المخيمات، حيث يفتقران إلى مساحات اللعب، بالإضافة لمخاطر الإصابة بأسلاك الكهرباء المنتشرة في كل مكان عبر شبكات عشوائية، أو التعرض لمحاولات الإقناع بتعاطي الحشيسش أو الحبوب المخدرة، لا سيما وأن المخيمين شهدا في السنوات الأخيرة وجوداً كثيفاً لتجار المخدرات، ما تزال القوى الأمنية والأهلية تحاربه.

 وكل ذلك يشكل  أزمة كبيرة لدى الأهالي والأطفال الذين هم بأمس الحاجة لتفريغ طاقاتهم.

أطفال مدركون لطبيعة المخاطر

فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جال في مخيم برج البراجنة واستمعت لأطفال المخيم حول مخاوفهم من اللعب في الطرقات.

على سبيل المثال، تمنع الطفلة سيدرا إخوتها من اللعب بالطريق لشدة خوفها عليهم من التعرض لأي أذى يمكن أن يطالهم.

وتقول: "يمكن أن يقعوا أرضاً ويصابوا بجروح نتيجة تعرضهم للضرب من الأطفال الآخرين".

وتعبر عن "خوفها من أسلاك الكهرباء المنتشرة بشكل منخفض ومكشوف في الطرقات والتي يمكن أن تصيب أي أحد من أخواتها أو أطفال المخيم الآخرين".

حدود اللعب لدى سيدرا لا تتعدى المساحة الفارغة أمام المنزل أو داخله، والتي تعتبرها أكثر منطقة أماناً لها ولإخوتها تجنباً لأي مخاطر.

أما الطفل حسين معطي لا يفضل اللعب في الطريق لأنها مليئة وبالأوساخ ودائماً تفيض فيها مياه الصرف الصحي، لذا فإنه يلعب مع ابن عمه أمام المنزل فقط.

ويقول: إن "شوارع المخيم تعرض الطفل لسماع الشتائم النابية بين الشبان، لذا فإنه يقضي وقته بين المنزل والعمل لا أكثر".

من جهتها، تؤكد الطفلة حنان أنها "تحب اللعب في الطريق، لكن الخالية من الدراجات النارية وأسلاك الكهرباء والرصاص الطائش، فعند حدوث أي إشكال فردي نعود على عجل إلى المنزل لكي لا نتأذى".

Sequence 01.mp4_snapshot_23.12.876.jpg

 

بدوره، يقول الطفل فارس: إنه "لا يحب اللعب في طرقات المخيم لأنها خالية من الأماكن الآمنة، حيث أن أسلاك الكهرباء منتشرة بالطرقات، بالإضافة للنفايات المنتشرة على جوانب الطريق، لذلك لا ألعب إلا في الروضة"، متمنياً أن "يمتلئ المخيم بالملاعب الصالحة لنا كأطفال لأننا محرومون من أماكن اللعب".

أنشطة بديلة عن ألعاب الطرقات

هنا يبرز دور المؤسسات الاجتماعية التي تنشط داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان لتحقيق أمنية فارس وجميع أطفال المخيم ضمن إمكانياتها المحدودة.

في هذا الإطار تقول  زهر عبد اللطيف، مسؤولة مركز بيت أطفال الصمود في مخيم برج البراجنة في حديثها لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "لدينا أنشطة مختلفة لجميع الأعمار، فالطفل من عمر 3 لـ 5 سنوات يتم تسجيله لدينا في صفوف روضات الأطفال حيث يخضع لبرنامج تربوي معين يتضمن أنشطة كثيرة الكرسم والأشغال اليدوية والرقصات والدبكات الفلسطينية والرحلات الخارجية، بالإضافة للأنشطة التعليمية كالحروف العربية والقراءة وجميع المواد التعليمية".

وتتابع: "الأطفال الذين هم ما بين عمر 6 لـ 13 عاماً مسجلون في مدارس وكالة الأونروا لكنهم يقصدون مركزنا أيام الجمعة والأحد حيث ينضمون لفرق الدبكة، ويشاركون في أنشطة موسيقية عدة كالعود والناي والكامنجا والطبلة، إضافة لأنشطة الرسم والأشغال وثلة من المواضيع الصحية والتربوية، والرحلات الخارجية الترفيهية التي تبعد الأطفال عن جميع الآفات التي يمكن أن يتعرضوا لها في المخيم".

وتؤكد عبد اللطيف أن "وجود الأطفال بشكل يومي لدينا في المركز بحد ذاته يساعد في توعيتهم من مخاطر الآفات التي يمكن أن يتعرضوا لها في المخيم ويبعدهم عنها وذلك خلال المشاركة في الأنشطة اليومية".

وحول المنحى السلوكي للأطفال، تشير إلى أن "المعنيين داخل المركز يقومون بالحديث مع الأطفال بشكل دائم عن السلوكيات الحسنة للأطفال، حيث أنهم في أوج مرحلة التربية والتأسيس  التي تعد مهمة في حياة الطفل، يتعلم من خلالها كيف يتعامل مع الكبار وعدم السماح لهم بالاقتراب منه. أما الأطفال الأكبر سناً فنعمل على توعيتهم من مخاطر التدخين والمخدرات والتعرض لها من خلال إنخراطهم في نشاطات تشغل أوقاتهم بشكل دائم".

شاهد التقرير 

 

خاص/ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد