تلقّى "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تأكيدات من لاجئين فلسطينيين يقيمون في العاصمة دمشق وضواحيها تفيد بإصابتهم بفايروس "كورونا"، و جرى توجيههم إلى الحجر المنزلي، كإجراء علاجي وحيد، ما تسبب في نشر العدوى لأفراد عائلاتهم.
"س.ع" لاجئ فلسطيني مقيم في منطقة قدسيّا بضواحي دمشق، أصيب بالفايروس، وقال لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّه قد شعر بأعراض الإصابة قبل 3 أيّام، و توجّه على إثرها إلى مستشفى ابن النفيس في دمشق، حيث جرى تشخيص حالته بإصابته بفايروس "كورونا" بناء على الأعراض، وتوجيهه إلى الحجر المنزلي.
وأضاف اللاجئ، أنّ المستشفى لم يستقبله، ولم يجر له فحص "PCR" للتأكّد من حالته، إنما اكتفى بتشخيصها بناء على الأعراض، مع الطلب منه للتوجّه إلى المنزل والاعتماد على السوائل والأدويّة المسكّنة، ما تسبب في نقل العدوى لإبنه وزوجته.
تأزمت حالتها ولم تستقبلها مشافي العاصمة فنقلت العدوى لأسرتها.
لاجئة أخرى تسكن منطقة ركن الدين، تلقّت العدوى ونقلتها إلى أفراد أسرتها، وصفت نجاتها بـ" الصدفة ولطف الله" وذلك بسبب تأزّم حالتها، وعدم استقبالها من قبل مستشفيات العاصمة سواء الخاصّة أو العامّة، لعدم توافر غرف شاغرة في العناية المركزة، والاكتظاظ الكثيف لغرف المستشفيات التي تحوّلت إلى مهاجع جماعيّة للحجر الصحّي.
وقالت اللاجئة التي طلبت عدم ذكر اسمها لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّها شعرت بأعراض المرض قبل نحو أسبوعين، وتأزّمت حالتها بعد ظهور الأعراض بأيّام، حيث انتابها ضيق تنفّس وصداع شديد وارتفاع متواصل للحرارة، أشعرها بحاجتها إلى مستشفى، والابتعاد عن منزلها خوفاً على أفراد أسرتها، وهو ما لم يكن مُتاحاً، ما تسبب في نقل العدوى لزوجها وابنيها، حسبما أضافت، مشيرةً إلى أنّ حالتهما بدأت بالتحسّن التدريجي.
يأتي ذلك، في وقت تتصاعد فيه حدّة انتشار وباء "كورونا" في كافّة مناطق سوريا، ولا سيما في محافظات دمشق وريف دمشق وحلب، وسط غياب الشفافيّة من قبل السلطات الصحيّة في البلاد، وتدني الثقّة بالأرقام التي تعلنها وزارة الصحّة السوريّة بشكل دوري، ولو أنّ الأخيرة بدأت تعترف مؤخّراً، بأنّ أرقامها لا تعبّر عن الواقع.
وفي بيان لها، بتاريخ 31 تموز/ يوليو الفائت، أقرّت وزارة الصحّة التابعة للنظام السوري، بأنّ "خطر جائحة كورونا يتزايد في سوريا مع تسجيلها 717 إصابة في 10 محافظات".
كما أعلنت الوزارة، عدم امتلاكها للإمكانيات اللازمة، لإجراء مسحات عامّة في المُحافظات، مُرجعة ذلك إلى "الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد والذي طال القطاع الصحّي بكافة مكوناته"،مشيرةً إلى "ضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية الفردية لضبط الانتشار وحماية الجميع".
واقع صحّي مُنهار، ومُعطيات عن الحالة الوبائيّة في سوريا، تثير قلق اللاجئين الفلسطينيين سواء المقيمين داخل المخيمات المنتشرة على امتداد الجغرافيا السوريّة، أو خارجها، والتي بدأت تسجّل الكثير من الحالات التي تراوحت بين الاشتباه والتأكيد، ولا سيما في مخيّمات خان الشيح في ريف دمشق وحندرات في حلب، يجري التعاطي معها بين النفي والتأكيد، نظراً لغياب وكالة " أونروا" عن متابعة الحالة الوبائيّة في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وتوفير ممكنات الكشف والحجر والعلاج.
"أونروا" تترك اللاجئين لمصيرهم أمام انهيار الواقع الصحّي في سوريا
منذ بدء جائحة " كورونا" ووصولها إلى سوريا، لم تتوقّف ُمطالبات اللاجئين الفلسطينيين هناك، سواء لوكالة "أونروا" او "للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" من أجل التصدي لمسؤولياتها، وعلى رأسها تأهيل المستوصفات الصحيّة في المخيّمات وتجهيزها لمواجهة المرض، سواء لجهة تزويدها بالمعدّات والمستلزمات الطبيّة والمختبريّة اللازمة، وتوفير أماكن للحجر الصحّي.
الوكالة ذاتها، وخلال اجتماع الدول المضيفة باللجنة الاستشاريّة التابعة لها يوم 27 تموز/ يوليو الفائت، بحضور مدير " الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" في سوريا علي مصطفى، قد حذّرت من "سيناريوهات أسوأ للمخيّمات، في ظل جائحة كورونا".
وقالت :"إنّ ظهور مئات الحالات المُصابة بالفايروس داخل المخيّمات أمر وارد"، داعيةً بذات الوقت جامعة الدول العربية إلى حث أعضائها للوفاء بالتزاماتهم المالية للوكالة، لمواجهة تطورات كورونا في كافة المخيّمات الفلسطينية.
التعلل بالعجر المالي، قد يبدو سبباً وجيهاً تضعه "أونروا" في وجه المطالب الأهليّة، والانتقادات الواسعة لتقصير جلي، يراه لاجئون امتداداً لسياسات غير مدروسة، لم تُعر في يوم ما اهتماماً لاحتماليّة وضع صحّي طارئ يتطلّب الكثير من الوكالة المعنيّة بإغاثة اللاجئين إلى جانب تشغيلهم.
اعتماد "أونروا" على القطاع الصحي السوري المنهار جعل الفلسطينيين في حالة عري تام أمام الوباء.
تقصير يردّه مراقبون، إلى اعتماد الوكالة على ما يوصف بـ"النموذج السوري" المتفّرد عن سواه في دول اللجوء الفلسطيني العربية، الذي يتيح للاجئين الفلسطينيين الاستفادة من القطّاع العام الصحّي في سوريا كالمواطن السوري، والذي خفف عن "أونروا" الكثير من الأعباء، وحصر خدماتها الطبيّة بمستوصفات العناية الصحيّة الأولّة من خلال 17 مستوصفاً ونقطة طبيّة، إضافة إلى نظام الإحالات إلى المستشفيات العامّة.
اعتمادٌ، جعل اللاجئين الفلسطينيين في حالة عري تام أمام الأزمة الوبائيّة، في ظل ما يشهده القطاع الصحّي في سوريا من انهيار شامل، يحتّم معه على الوكالة الدوليّة إعادة النظر في سياساتها الصحّية إزاء اللجوء الفلسطيني في سوريا، وتكثيف جهودها لتعويض تقصيرها في إنشاء بنية تحتية صحيّة، تُمكّنها من إنشاء مراكز مجهّزة للحجر الصحّي على أقل تقدير، والعمل وفق خطط بديلة، تزداد الحاجة إليها في ظل انتشار الوباء.
وكان بحث نشره موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" بتاريخ 9 آذار/ مارس الماضي، بعنوان: "فيروس كورونا المستجد - آثاره الاقتصادية والاجتماعية على اللاجئين الفلسطينيين" قد أشار إلى بعض محاور العمل الواجبة لمواجهة الأزمة الطبيّة وأبرزها:
* العمل على تشكيل خلية أزمة من اللاجئين الفلسطينيين تضم ذوي الاختصاص من القطاعات ذات الصلة، والمكونات والمؤسسات الفاعلة، لمواجهة الوضع الطارئ في الشق الطبّي.
* العمل على تأهيل أماكن مخصصة ومجهّزة للحجر الصحّي، في حال انتشار إصابات بين أبناء اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بفايروس " كورونا" وأيضاً تدريب الكوادر الطبيّة والصحيّة من أبناء المخيّمات لمواجهة أي طارئ قد يُفرض عليهم.
ومنذ تفّشي جائحة "كورونا" في آذار/ مارس الفائت، تكتفي وكالة " أونروا" و "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" بتعقيم المدارس والمؤسسات والأزقّة في المخيّمات، في إجراءات يصفها اللاجئون الفلسطينيون بغير الكافيّة.