وجّهت شبكة المنظمات الأهلية، ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، والهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، اليوم الأحد 30 آب/ أغسطس، نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي "للتحرك العاجل لإنهاء الحصار وإنقاذ الحياة في غزة في ظل انتشار فيروس كوفيد 19".
وقالت المؤسسات في النداء الذي وصل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" نسخة عنه، إنّ "قطاع غزة يواجه انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID 19) في ظل ظروف إنسانية وصحية صعبة نتيجة مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي تشديد حصارها على قطاع غزة، حيث تستمر في إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام مختلف البضائع والمواد الأساسية، وتسمح فقط بدخول المواد الغذائية والأدوية، وتمنع دخول الوقود للقطاع بشكلٍ كامل، ولاسيما الوقود الصناعي اللازم لتشغيل محطة توليد الطاقة الكهربائية الوحيدة في قطاع غزة، كما تواصل إغلاق البحر في وجه الصيادين، الأمر الذي ينذر بتدهور غير مسبوق للأوضاع الإنسانية وتقويض مقومات الحياة، ولاسيما وأن الأثر السلبي العميق لانقطاع التيار الكهربائي يطال أوجه الخدمات الأساسية كافة، كالنقص الحاد في إمدادات المياه للمنازل، وتوقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي، والتهديد بانهيار الخدمات الصحية وتوقف عمل المستشفيات".
الحصار قد يتسبب في انهيار الخدمات الأساسية
ورأت المؤسسات في النداء أنّ "تشديد الحصار من شأنه أن يتسبب في انهيار الخدمات الأساسية، ولاسيما خدمات الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي وخدمات البلديات كافة، التي تعاني من تدهور واضح؛ بسبب نقص الإمكانيات المادية وانقطاع التيار الكهربائي لحوالي 20 ساعة يوميا، هذه الإجراءات، التي تنتهك قواعد القانون الدولي، تنطوي على مخاطر جدية وغير مسبوقة لاسيما بعد تفشي فيروس كورونا خارج مراكز الحجر في قطاع غزة، مما يهدد بشل قدرة قطاع الصحة والبلديات والدفاع المدني في القيام بواجباتها في مواجهة الوباء وتقدم المساعدة لضحاياه".
(22) سريرًا للعناية المركزة في غزة لمُصابي "كورونا" فقط
وجاء في البيان: "كان إعلان مكتب الإعلام الحكومي في غزة خلال مؤتمر صحفي عند حوالي الساعة 23:00 من ليل الاثنين الموافق 24/08/2020 حظر التجوال التام لمدة 48 ساعة في قطاع غزة بعد اكتشاف حالات إصابة بفيروس كورونا خارج مراكز الحجر، أثار قلق السكان والمراقبين للأوضاع في قطاع غزة، لحقيقة تدهور الأوضاع الإنسانية، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي وضعف الخدمات الصحية، بسبب ضعف الإمكانات المتاحة ومحدوديتها في مواجهة الفايروس، ويشار إلى أن عدد أسرة العناية المركزة المتوفرة في قطاع غزة يبلغ (110) أسرّة، منها (78) في مستشفيات وزارة الصحة، و(7) أسرّة توجد لدى الخدمات الطبية العسكرية، والمؤسسات الطبية الأهلية (12) سريراً، فيما يوجد لدى المؤسسات الطبية الخاصة (13) سريراً".
ولفتت إلى أنّ "ما نسبته 72% من أسرة العناية المركزة في مستشفيات وزارة الصحة مشغولة، ما يعني وجود (22) سريراً فعلياً جاهزة لاستقبال حالات الإصابة بفيروس كورونا في حال انتشاره، ويبلغ عدد أجهزة التنفس الصناعي العاملة في وحدات العناية المركزة في قطاع غزة (93) جهازاً، منها (63) جهازاً في مستشفيات وزارة الصحة فقط، و(9) أجهزة في المستشفيات التابعة للمؤسسات الأهلية، فيما يوجد (17) جهازاً في المستشفيات الخاصة، وأن أي زيادة في عدد هذه الأسرة أو الأجهزة تخصص لمصابي كورونا ستكون على حساب المرضى العاديين ما لم يتدخل المجتمع الدولي بالدعم والإغاثة".
وشدّدت على أنّ "قرار الفصل بين المحافظات وتقييد حركة المواطنين؛ لمحاصرة الوباء ومنع خروجه عن السيطرة كإجراءات أثبتت نجاعتها في دول عدة حول العالم، ينطوي على مخاطر وتداعيات شديدة القسوة على السكان في ظل شيوع البطالة والفقر لتطال أكثر من نصف السكان، فيما بلغت نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن حوالي (62.2%) والتي تتزايد بشكل خطير جراء إجراءات مكافحة الفيروس، ولاسيما وقف عمل عمال المياومة والصيادين والسائقين وغيرهم من أصحاب المهن".
وقالت إنّ "هذه الحقائق وما حذرت منه سابقاً تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، تؤكّد أنّ قطاع غزة أمام كارثة إنسانية حقيقية إذا استمرت دولة الاحتلال في فرض الحصار، وفرض قيود غير مسبوقة على حرية الحركة للأفراد والبضائع".
وجاء في النداء: "إننا إذ نعبر عن شكرنا وامتناننا للدور الكبير الذي تلعبه الطواقم الحكومية والأهلية ولاسيما الطبية، وما تقوم به من عمل لوقف انتشار الوباء والسيطرة عليه في ظل ظروف متدهورة وبالغة الصعوبة، فأننا نتوجّه بندائنا للمواطنين بضرورة الالتزام الصارم بإجراءات الوقاية والسلامة الصادرة عن الجهات المختصة، كما ونجدّد تأكيدنا على ضرورة تقديم الإغاثة والعون من قبل الجهات الحكومية لمن فقدوا أعمالهم ومن يعانون من الفقر وتدهور أوضاعهم".
كما أكَّدت على "أهمية تضامن أفراد المجتمع وقواه ومؤسساته المختلفة لتقديم العون والمساعدة للفقراء والمعوزين، الأمر الذي سيدعم قدرتهم على الصمود ومكافحة الوباء".
كما دعت حكومة السلطة الفلسطينيّة إلى "تحمّل مسؤولياتها تجاه القطاع خصوصاً في مواجهة فيروس كورونا وذلك بتزويد القطاع باحتياجاته وتعزيز صموده والتزامه بحالة الطوارئ والإجراءات المتخذة ولاسيما وقف التقاعد المالي لموظفي الخدمة العمومية".
وطالبت المجتمع الدولي "بضرورة الوفاء بواجباته القانونية والأخلاقية بضرورة التحرك الفوري لما ترتكب دولة الاحتلال من جرائم، ولاسيما رفع الحصار الجائر على قطاع غزة والذي يعتبر عقاباً جماعياً يجرمه القانون الدولي، ودفعها لإدخال كافة الاحتياجات والبضائع والوقود المخصص لتشغيل محطة توليد الكهرباء، ورفع الحصار البحري وتمكين الصيادين من الصيد في بحر غزة بحرية وأمان، وتوفير الدعم الإنساني والطبي العاجل دعماً لقدرة السكان على مكافحة الوباء ولضمان استمرار تقديم الخدمات الحيوية للمواطنين".
ويبلغ "الإجمالي التراكمي للمصابين بفيروس كورونا في قطاع غزة منذ مارس الماضي 257 إصابة منها حالات نشطة حالياً 182، تفرع منها 145 من المجتمع و37 من العائدين".
وبحسب إحصائية نشرتها الوزارة أول أمس الجمعة، فإن عدد اللاجئين المصابين في القطاع وصل إلى 37، موزعين على الشكل التالي: 19 إصابة في مُخيّم جباليا، 13 إصابة في مُخيّم المغازي وسط القطاع، وثلاث إصابات في مُخيّم الشاطئ غرب مدينة غزّة، إضافة إلى إصابتين في مخيم البريج.
ويشهد قطاع غزة منذ يوم الإثنين الماضي حالة طوارئ قصوى بعد اكتشاف عشرات الحالات المصابة بفيروس "كورونا" من غير المحجورين في مراكز الحجر الصحي، إذ أعلنت وزارة الداخلية فرض حظر تجول شامل في القطاع لمدة 48 ساعة، ثم قررت بعد انتهاء المدة تمديد الحظر 72 ساعة إضافية، ومددتها يوم أمس إلى 48.
يّذكر أنّه مع تزامن تفشي فيروس "كورونا" في غزة، يُشدّد الاحتلال "الإسرائيلي" قيوده على القطاع حيث يواصل إغلاق معبر كرم أبو سالم، الخاص بالبضائع، في وجه السلع الأساسية، وخاصة الوقود ومواد البناء، ما نجم عن نقص حاد في الكهرباء، جراء توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، منذ نحو 10 أيام، وتصل عدد ساعات وصل الكهرباء في اليوم إلى أربع، فقط.
وسبق هذا القرار قرار بإغلاق البحر كاملاً أمام الصيادين، في وقت تواصل فيه طائرات الاحتلال شن غاراتها شبه اليومية بزعم الرد على إطلاق بالونات حارقة.