تقرير: أحمد الحسين _ غزّة
مناشدات عديدة خرجت من مختلف الأطياف السياسيّة والمجتمعيّة في قطاع غزّة ندّدت بما وصفته "تقصير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا" بحق اللاجئين في المُخيّمات جرّاء أزمة فيروس "كورونا".
هذه المناشدات طالبت الوكالة بضرورة الإسراع في استئناف خدماتها وبشكلٍ فوري خاصة توزيع المواد الغذائيّة وتوزيع الأدوية على اللاجئين أصحاب الأمراض المزمنة، والأهم من ذلك كله تنظيف المُخيّمات التي قد تصبح خلال أيام مكاره صحيّة يكون خطرها أكبر من خطر فيروس "كورونا" كما وصف البعض، في حين حذَّرت بعض اللجان الشعبيّة في القطاع وكالة "أونروا" من انفجار المُخيّمات في وجهها في أي وقت.
حال المُخيّمات يُرثى له
بدوره، قال رئيس اللجنة الشعبيّة في مُخيّم الشاطئ نصر أحمد لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إنّ "حال اللاجئين في المُخيّم يُرثى له بمعنى الكلمة وهم بحاجة إلى دعم في هذا الوقت من وكالة الغوث بالذات، إذ لم تسأل الوكالة عن اللاجئين خلال هذه الأزمة، بل أوقفت عنهم الكوبونات تماماً وأغلقت العيادات".
وأوضح أحمد أنّ "هناك ستّة عمّال فقط في مُخيّم الشاطئ لتنظيف المُخيّم يعملون في الفترة الصباحية، لكنّهم لا يكفون لخدمة 90 ألف نسمة في المُخيّم، إذ أوقفت الوكالة عمّال البطالة تماماً ولم يدخلوا المُخيّم منذ بدء الأزمة حتى يومنا هذا، وهناك مشاكل كبيرة اليوم بين السكّان ووكالة أونروا لها علاقة بتكدّس القمامة في الشوارع، وغيرها من الخدمات المتوقّفة".
وبيّن أحمد خلال حديثه لموقعنا، أنّ "السكّان المحجورين داخل المُخيّم لم يتم السؤال عنهم من قِبل الوكالة إلّا ألف لاجئ"، مُطالباً "الوكالة بضرورة استئناف عمليات توزيع الكوبونات الغذائيّة والأدويّة على وجه السرعة للاجئين، بل عليها إعادة النظر في محتويات السلّة الغذائية لتتناسب مع هذه الأزمة الحالية".
يُشار إلى أنّ معاناة المرضى في قطاع غزّة، تضاعفت جرّاء هذه الأزمة خاصة مع حالة حظر التجوال المفروضة داخل القطاع منذ 19 يوماً، لا سيما أصحاب الأمراض المزمنة منهم الذين وجّهوا عدّة شكاوى لوكالة "أونروا" بشأن تأخّر وصول هذه الأدوية إلى منازلهم.
"والدي في خطر.."
وفي السياق، قال اللاجئ محمد سعود من مُخيّم البريج لموقعنا، إنّ والده "أحد أصحاب الأمراض المزمنة وتأخر وصول الدواء الخاص فيه من الوكالة التي من المفترض هي المسؤولة عنّا في المُخيّمات إلى حين عودتنا إلى ديارنا مقصرة بشكلٍ كبير معنا، رغم أننا توقّعنا أن يكون لها دور كبير خاصة في الأزمات كأزمة كورونا التي تهدّد حياة المرضى خاصة كبار السن".
ولفت سعود إلى "ضرورة قيام الوكالة بتوزيع الأدوية وبشكلٍ عاجل على المرضى لأنّ والدي كما كل المرضى كبار السن في دائرة الخطر. نحن الآن في حالة حظر تجوال شامل أي تعطّلت كل أعمالنا ولا نملك المال للذهاب وشراء الأدوية، وإن توفّر المال نجد صعوبة بالغة في شراء الأدوية في ظل حالة الاغلاق التام".
"أونروا مُقصّرة حتى قبل الجائحة"
أمَّا رئيس اللجنة الشعبية في مُخيّم رفح محمد المزين، فقد أكَّد لـ"بوابة اللاجئين"، أنّ "هناك خشية من أن يكون تقصير وكالة أونروا الواضح هو تساوق مع المشروع الأمريكي الهادف لتصفية قضية اللاجئين في سياق ما يُسمى بصفقة القرن. حتى من قبل جائحة كورونا كان هناك تقصير واضح من قِبل الوكالة بحق اللاجئين في المُخيّمات، ورغم كل الاجتماعات التي عقدناها معهم إلّا أنّه لا حياة لمن تنادي".
"شوارع المُخيّم متخمة بالقمامة"
وبيّن المزيّن خلال حديثه، أنّ "شوارع مُخيّم رفح وأزقته وشوارع أخرى متخمة بأطنان القمامة وليس لدى كل السكّان شباب أو أطفال لتوصيل القمامة إلى أقرب حاوية قمامة، وبذريعة المحافظة على عمّال البطالة يجري كل هذا، هل تريد الوكالة تحويل المُخيّمات إلى مكاره صحيّة تتفشى فيها الأمراض، وهناك شوارع لا يستطيع اللاجئ حتى السير فيها من شدّة الروائح الكريهة!!".
أرقام خطيرة
وبحسب دراسة استقصائية أجرتها اللجنة الشعبية في مُخيّم رفح على 500 عائلة من اللاجئين في المُخيّم، فقد تبيّن أنّ 97% من المستطلعين يتلقون سلة غذائية كل ٣ شهور من قبل الوكالة، وهناك 96% من المستطلعين لم يعد لديهم مادة الطحين بشكلٍ نهائي، و3% لديه أقل من ١٥ كيلو طحين، و1% سينفذ دقيقه خلال يومين، و91% نفذت كامل الأصناف الغذائية التي يستلمها من الوكالة".
في حين اشتكى اللاجئ الفلسطيني أحمد مغاري من مُخيّم النصيرات من "عملية التباطؤ في توزيع المواد الغذائية على اللاجئين من قبل وكالة الغوث"، مُؤكداً أنّ "بيوت بعض اللاجئين لا يوجد فيها حتى طحين في ظل هذه الأوقات الصعبة، ولا يستطيع اللاجئ اليوم إعالة أسرته بسبب توقف خدمات الوكالة وحالة الإغلاق في البلد بسبب جائحة كورونا".
ورأى مغاري خلال حديثه لموقعنا أنّ "وكالة أونروا هي المسؤولة عن المُخيّمات، فبالتالي يجب عليها توفير كل الاحتياجات للاجئين من مأكل ومشرب وأدوية، بعيداً عن كل الحجج التي تتعلّق بالأزمة المالية وغيرها".
"أونروا" ترد
"بوابة اللاجئين" تواصل مع المستشار الإعلامي لوكالة "أونروا" عدنان أبو حسنة للوقوف على كل هذه الشكاوى، إذ قال إنّه "بالفعل كان هناك تأخير في توزيع المواد الغذائية والسبب الرئيسي هو أنّنا نريد أن نضمن سلامة اللاجئين وسلامة من يقوم بعملية التوزيع".
وتابع أبو حسنة لموقعنا: "عندما نتحدّث عن مليون و100 ألف لاجئ فلسطيني في قطاع غزّة سيستلمون من الوكالة مواد غذائية، فإنّ آلاف العاملين والموظفين سيشاركون في هذه العملية الضخمة، وكان التأخير بسبب أننا نريد اتخاذ احتياطات سلامة بشكلٍ أكبر وأوسع، وبالفعل بدأت يوم الخميس 10 سبتمبر عملية التوزيع لمئة عائلة فقط كعملية تجريبيّة وبعد نجاح هذه العملية ستبدأ قريباً العملية الضخمة للتوزيع على كافة اللاجئين".
وأكَّد أبو حسنة أنّه "خلال عملية التوزيع كان هناك احتياطات صحيّة كبيرة وتم تسليم المواد الغذائية وفق الاشتراطات المطلوبة لتسليمها وسط هذه الأزمة"، لافتاً إلى أنّ "الخط الساخن الذي أطلقته أونروا تلقى عشرات الآلاف من الاتصالات، لكنّنا أعلنّا بعد ذلك عن أرقام العيادات لتخفيف الضغط عن الخط الساخن"، مُشيراً إلى أنّ "العيادات ستبدأ منذ يوم السبت 12 سبتمبر بالعمل في كل مناطق قطاع غزّة، وستقدّم خدمات كالتطعيمات وتنظيم الأسرة وتوفير العلاج للأمراض المزمنة، وسيكون الدوام من الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى الثانية إلا ربع يومياً عدا يوم الجمعة لخدمة اللاجئين في القطاع".
عمّال النظافة في المُخيّمات
وبشأن قلة أعداد عمّال النظافة في المُخيّمات، أكَّد أبو حسنة أنّ "هذا الأمر صحيح، لكن له علاقة بأنّ جزء كبير من عمّال النظافة هم على بند البطالة (ثلاثة شهور)، أي ليسوا موظفين رسميين في وكالة أونروا، وإصابة أي أحد من هؤلاء العمّال يحملنا كوكالة مسؤولية قانونيّة وأخلاقيّة وماليّة وأونروا لا تستطيع تحمّل هذه المسؤولية، لذلك الوكالة رأت أن يعمل من هو مثبّت فيها داخل المُخيّمات (العمال الحقيقيين) ويتم جمع النفايات من أماكن التجميع الرئيسيّة فقط ولا يتم الدخول إلى داخل المُخيّمات"، لكنّه أكَّد في ذات الوقت على أنّ "أونروا وفي ظل تطورات الخريطة الوبائية في قطاع غزّة ستُعيد النظر في هذا الأمر".
وزادت خلال الأيّام الأخيرة المطالبات الفصائلية لوكالة "أونروا" بسرعة التدخّل في المُخيّمات وإنقاذها قبل فوات الأوان، إذ قال مسؤول ملف اللاجئين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين د.بكر أبو صفية، إنّ "وكالة الغوث لا تقوم بأي عمل في ظل جائحة كورونا، وهذا ليس تقصير منها فقط بل وقفت موقف المتفرّج حيث أنّ العالم كله مع نهاية العام الماضي أعلن أنه يمر بوباء عالمي اسمه كوفيد 19، لكنّ وكالة الغوث ورغم تأخّر وصول الفيروس إلى داخل القطاع وعلى رأسها ماتياس شمالي لم تشكّل لجاناً خاصة للتعامل مع هذه الأزمة".
"ماذا كان يفعل ماتياس شمالي طيلة 8 أشهر؟"
وأضاف أبو صفية خلال حديثه لـ"بوابة اللاجئين"، إنّ "الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية في غزة منعت وصول الفيروس إلى داخل القطاع حتى نهاية شهر أغسطس أي قرابة 8 أشهر منذ الإعلان عن وجود هذا الوباء. خلال هذه الفترة الطويلة ماذا فعل السيد ماتياس شمالي ونائبته لأجل حماية اللاجئين؟!، كان الأحرى بهم أن يكونوا جاهزين وجلب الأموال اللازمة لحماية المُخيّمات في حال ظهور إصابات داخل المجتمع، لكنّهم لم يقوموا بشيء".
وشدّد أبو صفية على أنّ "لا أحد يعمل شيء لحماية المُخيّمات الثمانية في القطاع من هذه الجائحة، وبالذات من هو مسؤول عن هذه المُخيّمات وهي وكالة الغوث الدولية التي تترك الآن آلاف الأسر دون معونات غذائية، ونحن في الجبهة أخذنا على عاتقنا الضغط على إدارة الوكالة الحالية في غزة لأنّنا نعلم جيداً أنّ هذه الإدارة برئاسة ماتياس شمالي، تعمل كل شيء معاكس لمصالح اللاجئين في غزة من تقليصات في صفوف الموظفين وتقليص للمواد الغذائية، وشمالي يؤجّل ويراوغ في عملية التوزيع تحت حججٍ واهية، في ظل أنّ مخازن الوكالة ممتلئة بالمواد الغذائية والأدوية التي شارفت صلاحيتها على الانتهاء".
حركة فصائلية نشطة للضغط على "أونروا"
وتساءل أبو صفية: "ماذا يفعل صاحب مرض الضغط والسكر؟ الصيدليات مغلقة والناس في المُخيّمات فقيرة ولا تملك المال. يتحجّج شمالي أنّه يريد المحافظة على سلامة موظفيه، لكن أين كنت يا سيّد شمالي طيلة ثمانية أشهر؟ الآن هناك حركة نشطة من قِبل كل القوى الفلسطينية وبدأت الوكالة قبل يومين تحت الضغط عملية توزيع المواد الغذائية على الأسر المحجورة من اللاجئين في المُخيّمات، وكل هذا الذي يجري توزيعه على اللاجئين هي حقوق لهم وليس معونات من أحد".
كما أوضح أبو صفية خلال حديثه لموقعنا أنّ "يد المخابرات الإسرائيلية طويلة في تعيين الموظفين الأجانب في وكالة الغوث لأنّها يد أمريكيّة، وهذا مدير العمليات شمالي طُرد من قِبل أبناء شعبنا اللاجئين في لبنان لسوء إدارته ولأنّه يعمل ضد مصالح اللاجئين، ومن ثم نقلوه إلى سوريا وطُرد أيضاً من هناك وجاؤوا به إلى غزّة، لأنّ العنوان لتصفية القضية الفلسطينيّة هو إقامة دويلة فلسطينية في غزة، ومنذ اليوم الأول اختلفنا معه حتى في أحد الاجتماعات طلبنا من المفوّض العام السابق لوكالة الغوث نقله من غزة إلى مكان آخر".
تحذير من انفجار المُخيّمات
وطالب أبو صفية "المفوّض العام الحالي لوكالة أونروا فيليب لازاريني بأن ينقل شمالي إلى منطقة أخرى لأنّ غزّة لا تحتمل بمعنى الكلمة"، مُحذراً في ختام حديثه لموقعنا من "انفجار المُخيّمات في أي لحظة في وجه وكالة الغوث، وأوصلنا مُؤخراً رسالة واضحة إلى الوكالة بأنّه إذا لم توزعوا ما في مخازنكم للاجئين ومارستم الضغط على الناس أكثر من ذلك قد يتكرّر ما حدث في مُخيّم جباليا عام 1980 عندما قام السكّان إبان حرب الأيام الستّة باقتحام مخازن وكالة الغوث وأخذ ما فيها، هل تريدون أن يحصل ذلك وبعدها يكون لكم حساباتكم الخاصة؟ على قيادة الوكالة أن تفهم أنّه إذا فقد شعبنا الأمل كلياً فسينتفض على كل شيء بما فيها مخازن الوكالة".
يُشار إلى أنّ المُخيّمات الفلسطينيّة الثمانية في قطاع غزّة تشهد حالة من الضغط واليأس في آنٍ واحد جراء وصول الفيروس إليها وهي منهكة من كافة النواحي بدون وصول الفيروس، وبحسب آخر إحصائية شاملة لعدد الإصابات في القطاع نشرتها وزارة الصحة مساء أمس الجمعة، فإنّ (389) إصابة تم تسجيلها بالفيروس في صفوف اللاجئين الفلسطينيين داخل المُخيّمات، توزّعت كالتالي: مُخيّم جباليا 254، مُخيّم الشاطئ 61، مُخيّم المغازي 20، مُخيّم البريج 14، مُخيّم دير البلح 13، مُخيّم النصيرات 27".