قطاع غزة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
"هناك أناس يستحقون الموت، لم أبتهج بعد قتله، ولكن من حيث المبدأ أفترض أنه كانت هناك أسباب قوية بما فيها الكفاية لإنهاء حياته"، يقول ضابط الاحتياط الصهيوني ديفيد حاخام عن اغتيال الشيخ أحمد ياسين.
الضابط الصهيوني حاخام في مقابلة مع موقع صحيفة "معاريف" العبرية، بمناسبة إطلاق كتاب له بعنوان "غزة في مستوى العينين.. نظرة من الداخل على الانتفاضة"، يقول أن لقاءات جمعته بقيادات فصائل فلسطينية من بينها حركة حماس، ومسؤولين كبار في غزة، منهم الحاج رشاد الشوا وحيدر عبد الشافي وفتحي الشقاقي ومحمود الزهار وإسماعيل هنية وغيرهم، خلال عمله كرئيس لقسم الشؤون العربية للحاكم العسكري "الإسرائيلي" في قطاع غزة ما قبل وبعد فترة الثمانينات.
واستذكر الضابط الصهيوني ما قاله له رئيس بلدية غزة الراحل رشاد الشوا "غزة مشكلة إسرائيل، لن تنجحوا أبداً في التهرب منها، حكم عليكم العيش معها في الخير والشر، وبالشر ستعيش معكم كحجر على رقابكم".
وحسب حاخام فإن تلك اللقاءات اندرجت ضمن عمله ولم تكن سياسية، وجزء منها كان يجري بعد اعتقال قيادات الفصائل، أو استدعائهم للمقابلة في سجون الاحتلال، ومن بين الذين التقى بهم الشيخ أحمد ياسين.
كان اللقاء بين الضابط الصهيوني حاخام والشيخ أحمد ياسين خلال جولة قام بها الشاعر الصهيوني حاييم غوري، وحاخام كان في ذلك الحين مترجماً للشاعر الذي زار غزة والتقى بالشيخ ياسين، وحسب الضابط، فإن الشيخ ياسين قال للشاعر غوري "على مر التاريخ أنشئت امبراطوريات وممالك، فأين هي اليوم؟ كانت الامبراطورية الرومانية والتركية العثمانية والألمانية والبريطانية، أين هم اليوم؟ هكذا أيضاً سيكون مصير إسرائيل".
ويشير الضابط إلى أن "إسرائيل" أخطأت حين سمحت بنشاطات المجمع الإسلامي في غزة عام 1979 الذي أقامه الشيخ ياسين، إذ استهان الجميع يومها بقدرته على التأثير على الشباب، إلا أن ذلك جاء مخالفاً للتوقعات.
ويرى الضابط حاخام في الشيخ ياسين رجلاً ذا تأثير بالغ على الشبان الذين كانوا يثقون به كثيراً، وفاجأ جهاز الأمن العام "الشاباك"، واصفاً إياه "ذكي ومكّار ويعبّر عن ذاته من عينيه، لن أنسى أبداً عينيه، خاصةً أنني التقيت به عشرات المرات".
بتاريخ 13 أيلول من العام 1992 نفّذت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، عملية خطف الجندي في جيش الاحتلال نسيم توليدانو، وكان الشيخ أحمد ياسين معتقلاً لدى الاحتلال بتهمة التخطيط لخطف وقتل الجنديين "افي سسبورت وإيلان سعدون"، وحوكم بالسجن المؤبد، فنفّذت حركة حماس العملية للإفراج عنه، إلا أن سلطات الاحتلال ماطلت في ذلك فقامت كتائب القسام بقتل الجندي.
التقى الضابط حاخام بالشيخ أحمد ياسين بعد ذلك، قائلاً "كان سعيداً عندما رآني وعيناه تضيئان."
إبان عقد مؤتمر مدريد للسلام خلال عام 1991، التقى الضابط الصهيوني في مكتبه مع القيادي في حركة حماس محمود الزهار وسأله عن احتفاء حركة فتح بقرب التوصل لاتفاق سلام، قائلاً له "ماذا تقول لأصدقائك؟"، رد عليه الزهار قائلاً "ليفعلوا ما يريدون، إن الأمر سيستغرق 10 أو 20 أو 50 عاماً، لكن في النهاية الإسلام هو من سينتصر، ولا فرصة لنجاح هذا المشروع."
واعتبر الضابط أقوال الزهار في تلك الفترة أنها تشير إلى واقع يساعد في فهم التصورات والمواقف لدى الأحزاب الإسلامية وخاصةً حركة حماس، مستبعداً أن تنجح دولة الاحتلال في الاتفاق معها كما فعلت مع حركة فتح، ويؤكد أنه لا يوجد فرصة لدى جيش الاحتلال بتدجين حركة حماس والاتفاق معها، محذراً من انفجار الحركة في وجه الكيان الصهيوني.
كما التقى الضابط الصهيوني بالقيادي في حركة حماس عبد العزيز الرنتيسي، وقال عنه "كان يكفي النظر لعينيه لمعرفة مدى العداء الذي يكنّه لنا ولم يكن هنالك حاجة ليقول ذلك بلسانه."
ويقول حاخام أن الانطباع الذي تركته اللقاءات بقيادات من حركة حماس خلال فترة عمله في قطاع غزة "لا تبشر بخير".
وحول رؤيته لحركة حماس مستقبلاً يقول "إن حماس آخذة في التضخم مع مرور الوقت، وفي النهاية ستنفجر في وجوهنا، سواء بجولة أخرى من المواجهات أو عبر الحل الذي أسمعه أحياناً من المستوى السياسي والذي يقضي بالدخول إلى القطاع وإنهاء حكمها."
ويعتبر حاخام أن العودة إلى غزة ستكون بمثابة الخطوة غير المحسوبة، لأن غزة ليست سوى نفقاً كبيراً ومنطقة قتل، وهناك حل آخر غير ذلك، وهو محاولة الحفاظ على الوضع دون عنف مثل غطاء طنجرة الضغط، حسب تعبيره.