البحرين-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
نفّذ وفد يهودي أمريكي جولة أطلق عليها "رحلة المصالحة والسلام" على عدد من دول الخليج خلال الأشهر الأخيرة، والتقى الوفد الذي ضمّ رجال أعمال يهود متشددين بكبار رجال الأعمال والأمراء العرب في البحرين ودبي والكويت.
وحسب موقع "كيكار هشابات" الناطق باسم "الحريديم" اليهود المتشددين، فإن الزيارة تهدف إلى نقل رسالة محبة وسلام وإثبات أنه بالإمكان خلق فرص للتواصل بين اليهود والعرب، والترويج للتطبيع بين العرب والكيان الصهيوني حتى ينتهي الأمر بالاعتراف بـ "الصهيونية".
وترأس الوفد رجل الأعمال "الحريدي" ليزر شينر، والحاخام دوب فينسون، بحضور مجموعة موسيقية يهودية مؤديةً أغانٍ عن القدس، وقام الحاخام فينسون بتقديم الشمعدان الذي يعد رمزاً لليهودية بهذه المناسبة كعلامة ود بمناسبة "عيد الأنوار" اليهودي.
فيما كشف موقع "تايمز أوف اسرائيل" أن الوفد من حاخامات حركة "حباد" اليهودية، جاء بناءً على دعوة من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بنفسه.
وتعتبر "حباد" حركة دينية يهودية متطرفة ويلعب الحاخامات فيها دوراً رئيسياً في الحث على تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه، ودعا الحاخام شنيورسون أحد أعضائها إلى ترحيل العرب عن أراضيهم وقتلهم، ويرأس أحد قادة حركة "حباد" الحاخام يسرائيل هرئيل، حركة "معهد الهيكل" والتي تعد من الحركات التي تنادي بتدمير المسجد الأقصى.
وكانت قد بثّت القناة العبرية العاشرة تسجيلاً يوثّق زيارة وفد رجال الأعمال اليهود الذين وصلوا البحرين، وأظهر التسجيل احتفال أعضاء الوفد ومضيفيهم العرب المسلمين بـ "عيد الأنوار"، إذ رقص الجميع على الأغاني اليهودية الدينية وأغانٍ أخرى تؤكد بناء الهيكل اليهودي مكان الأقصى، وفقاً للمعتقد الصهيوني، من بينها أغنية "عام يسرائيل حاي" أي "شعب إسرائيل حي".
هذا وعقّب أعضاء الوفد بأنه "لمشهد مدهش رؤية الفرح والسرور في ظل ظروف الكراهية والمعاداة للسامية في هذه البلدان"، واصفين الرحلة بـ "المدهشة والفريدة من نوعها."
من جانبه أكد سلمون ايزنبرغ أحد أعضاء الوفد أنهم جاؤوا من أجل الاطلاع على فرص تعزيز العلاقات الإنسانية والتجارية بينهم وبين نظرائهم البحرينيين، قائلاً: "إن الوفد المكون من 28 شخصية تمثّل قطاعات تجارية واقتصادية مختلفة سوف يزور سلطنة عمان بعد أن زار البحرين ودبي."
وقال ايزنبرغ: "لسنا أعضاء بمنظمة، بل يمكنك اعتبارنا تجاراً تطوعنا للقيام بهذه الجولة في دول الخليج للتعرف على ثقافة هذه المجتمعات عن قرب، لنتحدث عن قرب بحوار مباشر لا تحدد خيوطه حكومات ولا خطاب إعلامي ولا سياسات."
فيما عقّب رجل الأعمال البحريني نبيل أجور أن زيارة الوفد تعد فرصة لتعريفهم بالبحرين بوصفها مملكة التسامح والتعايش بين مختلف الديانات، موضحاً في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "الأيام البحرينية" أن هذا الوفد يقوم بجولة شملت إمارة دبي والبحرين وعُمان، وهو يمثّل عدة قطاعات اقتصادية أمريكية في نيويورك، ما يفتح المجال أمام فرص اقتصادية وتجارية بين الجانبين، لا سيما أن البحرين لديها اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة.
وأوضح رجل الأعمال البحريني أن الوفد التقى نظرائه البحرينيين من أعضاء غرفة تجارة وصناعة البحرين لبحث الفرص الاستثمارية والتجارية بين الجانبين، وهم مهتمون بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع القطاعات التجارية في دول الخليج العربي.
فيما لاقت الأنباء التي انتشرت حول الزيارة، رفضاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت تغريدات على أكثر من وسم، من بينها #رقص_التجار في إشارة إلى التسجيل الذي يعرض تجار بحرينيين يرقصون برفقة الوفد.
كما رفضت كتلة التجارة والصناعة البحرينية زيارة الوفد مؤخراً، دون معرفة الجهة المنظمة لهذه الزيارة، مؤكدةً رفض مظاهر الرقص في المجالس والشوارع الذي قام به الوفد، بأسلوب لا يمت بصلة للأنشطة التجارية أو غيرها، وبطريقة استفزازية للشعب البحريني الذي لم ولن يحيد عن مبادئه ومواقفه التاريخية الرافضة للتطبيع مع الصهاينة، مستنكرةً مشاركة بعض التجار البحرينيين في اللقاء، بالإضافة إلى أعضاء من مجلس إدارة الغرفة وآخرين هم تجار أعضاء في الغرفة التجارية والصناعية.
هذا وطالبت الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني "وعد"، بتوضيح رسمي من الحكومة البحرينية ومن رجال الأعمال الذين التقوا بالوفد، عن طبيعة الوفد الذي زار البحرين وجددت المطالبة بإعادة فتح مكتب مقاطعة البضائع الصهيونية.
وعقّبت الجمعية على مشاهد الرقص والغناء بين الوفد ورجال أعمال بحرينيين بأنها "أثارت شعب البحرين لما تخللها من لباس وكلمات عبرية تثير الشكوك حول طبيعة الوفد الذي يزعم البعض كونه وفداً تجارياً من أتباع الدين اليهودي ولا علاقة لهم بالكيان الصهيوني الغاصب"، معتبرةً أن ذلك استفز مشاعر شعب البحرين المتمسك بمقاومة التطبيع مع العدو.
وشدّدت الجمعية على أهمية التزام تجار البحرين بالإجماع الوطني البحريني والقومي العربي حول القضية الفلسطينية ومقاومة التطبيع التجاري والاجتماعي والسياسي مع العدو الصهيوني، وأنه على الحكومة البحرينية اتخاذ الإجراءات اللازمة في مواجهة من قام بالدعوة وحضرها إذا تبيّن أن الوفد الحاضر من حملة جنسية الكيان الصهيوني.
وأوضحت الجمعية أن مطالباتها لحكومة البحرين تأتي في الفترة التي انتشرت فيها مجموعة من التصرفات الصادرة من أفراد بعضهم يتقلّد مناصب رسمية في الدولة، والدالة على وجود توجّه عام للتطبيع مع الكيان الصهيوني، مذكّرةً بتعزية وزير الخارجية البحريني بالصهيوني شمعون بيريز، والتي مرّت دون اتخاذ أي إجراء من الحكومة في مواجهة الوزير الذي خالف الإجماع الوطني البحريني والقومي.
بالإضافة إلى قضية الوفد الصهيوني الذي كان ضمن الوفود المشاركة في "كونغرس الفيفا"، والتي لم يتم إيضاحها رسمياً حتى اللحظة، ودخول بضائع وملابس معروضة بشكل علني في أحد محال بيع الملابس في مجمع البحرين، والتي تحمل شعار لشرطة الكيان الصهيوني وكلمات بالعبرية، والزيارات التي تدعو لها علناً بعض الجهات المتواجدة في البحرين والتي تروّج لها تحت أعين وبعلم الحكومة بحجة كسر الحصار على الشعب الفلسطيني، وأكدت الجمعية على أن هذه الزيارات التي تتم بالتنسيق مع أجهزة الكيان الصهيوني تعتبر تطبيع فج وسافر ومخالفة لإجماع الشعب العربي وفصائل المقاومة الفلسطينية في مؤتمر عمان، والتي اعتبرت هذه الزيارات تطبيعاً يهدف إلى كسر الحاجز النفسي لقبول التعامل مع الكيان الصهيوني.
وفي بيان صدر عن "حركة حماس" تعليقاً على هذه الزيارة، طالبت الدول العربية والإسلامية بالعمل على وقف جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وإنهائه في جميع المجالات.
وقالت الحركة إن استقبال الوفد "الإسرائيلي" في البحرين جاء في ظل تزايد وتيرة التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية ودعم حق الشعب الفلسطيني وتنامي حركات المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني.
وعبّرت عن استهجانها من قيام مجموعة من الشخصيات والتجار في البحرين بالرقص مع أعضاء الوفد في مظهر وصفته بأنه "مذل ومشين"، معتبرةً أن ذلك إساءة لسمعة البحرين واستفزازاً لمشاعر الشعب الفلسطيني الذي يرتكب الاحتلال بحقه جرائم على مرأى العالم ومسمعه.
يُشار إلى أن الحكومة البحرينية كانت قد أغلقت مكتب مقاطعة الكيان الصهيوني بعد أن وقّعت البحرين مع واشنطن اتفاقية التجارة الحرة في آب 2006، ورفعت الحظر عن البضائع الصهيونية.
وكانت قد كشفت تسريبات "ويكيليكس" عن لقاءات سريّة مكثفة بين مسؤولين صهاينة وبحرينيين، منوهةً إلى أن دولة الاحتلال عيّنت الدبلوماسي برويس كشدان مبعوثاً سرياً لدول الخليج، وهو كثيراً ما يتردد على دول الخليج وخاصةً البحرين.