أثر كبير على البيع والشراء..

محسوبيات في حصول لحّامي المخيمات الفلسطينية في  صور على اللحم المدعوم

الإثنين 03 مايو 2021

أعلنت بلديّة برج الشّمالي التابعة لقضاء صور جنوب لبنان مساء أمس الأحد 2 أيّار/مايو، أنّ اللّحوم المدعومة أصبحت متوفّرة ابتداءً من اليوم الإثنين 3 من الشهر الجاري، في جميع الملاحم العاملة في نطاقها العقاري.

وفي إطار البحث عن واقع اللحوم في الملاحم الكائنة في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في القضاء، رصد "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جملة من الشكاوى، حول حصول اللحامين الفلسطينيين على حصصهم من اللحم المدعوم، حيث بدا أنّ هنالك إجماع، على أنّه ثمّة محسوبيات و "إذلال" بالتعاطي مع اللحام الفلسطيني، أثّرت على حركة البيع والشراء في كلّ من مخيّمات الرشيدية، برج الشمالي والبص، في وقت يبحث اللحامون عن حلول لأزمة هوت بأوضاعهم وبقدرة اللاجئين على شراء هذه المادّة الغذائيّة التي أصبحت ترفاً لا تعرفه موائد فئة كبيرة منهم.

محسوبيات في التعاطي مع اللّحامين الفلسطينيين

وأفاد عبد الرحيم المير، وهو لحّام من مخيّم برج الشّمالي، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ البيان الذي أصدرته البلدية، والذي يُفيد ببدء توفير اللحوم، ناتج أصلاً عن اجتماع للحامين في مخيّم برج الشمالي مع المجلس البلدي قبل ثلاث أيّام، بسبب عدم وصول اللحم المدعوم إلى المخيّم. وجاءت نتيجة الاجتماع أنّه سيتم تسليم اللحم المدعوم للملاحم في المخيّم مساء اليوم الإثنين، بحسب المقرر.

والمشكلة بالأساس بحسب المير، أنّ اللحم المدعوم كان يصل إلى ملاحم المخيّم بشكل متقطّع، غير يومي، بمعدّل 25 كيلو كلّ يومين، ولا تلبي حاجة 25 زبون، و يقول المير في هذا الصدد: "نحن كلحّامة فلسطينيّة داخل المخيّم ما عم توصلنا حقوقنا، ومش عم ناخد الحدّ الأدنى"، ويضيف أنّه منذ بدايات توزيع اللحم المدعوم إلى الآن لم تأخذ ملحمة المير سوى 3 مرات لحم مدعوم بمعدل 25 كيلو في كلّ مرة.

ويُقدّر المير، أنّه إذا تمّ إعطاء كل ملحمة في المخيّم نصّف عجل كلّ يومين، من الممكن تغطية العجز وحاجات المخيّم والحفاظ على استمراريّة الملاحم، والبيع على سعر 45 ألف ليرة لبنانية، رغم أنّ نوعيّة اللحم المدعوم وطعمه ليسا بالشكل المطلوب.

 ويذكر في هذا الإطار أنّه يبيع اللحم غير المدعوم حالياً، إلّا أنّ البيع لا يتعدى الـ 35 كيلو يومياً بعدما كانت مبيعاته في شهر رمضان من كلّ سنة تصل إلى أكثر من 120 كيلو يومياً. "كل شغل 11 شهر بنتوقّع يعوضه هاد الشهر، المفروض هلاً نكون مش قادرين نقعد من ضغط الشغل" حسب قوله.

وأشار إلى أنّ الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان حالياً أثّر بشكل كبير على فئة اللحامين في المخيّم، وأنّ 90% من التكاليف، التي تتضمّن إيجار محل ومواد مستعملة، يدفعونها على حسابهم الخاصّ.

وطالب المير عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" من المسؤولين عن أوضاع اللاجئين بما فيهم منظمة التحرير الفلسطينيّة والفصائل السياسيّة الفلسطينيّة أن يتحرّكوا لأجل حلّ هذا الموضوع، وذلك بعدما عبّر عن التمييز الذي يعانيه الفلسطيني في لبنان قائلًا: "الفلسطيني حقه ضايع، سواء باللحمة او غير اللحمة، واحنا ك لحّامة فلسطينية داخل المخيّمات ما النا حق نهايئاً."

تعامل مسلخ صور مع اللحامين لا يقتصر على التمييز والمحسوبيات وحسب، بل يتعداه إلى إذلال اللحامين والتعاطي معهم بفوقية

يتّفق أبو سمير، أحد لحامي مخيّم الرشيدية، وهو إسم وهمي لعدم رغبة صاحبه بالإفصاح عن هويته لأسباب شخصيّة، مع المير، من ناحيّة وجود محسوبيات وتمييز بحق اللحّام الفلسطيني.

و يقول أبو سمير: "حتّى اليوم ما قدرت آخذ ولا كيلو مدعوم، في محسوبيّات وفي تمييز." ويضيف أنّ 4 ملاحم، من الذين يعرف أصحابها، في مخيّم الرشيدية لم تستطع الحصول على اللحم المدعوم إلّا مرّة واحدة فقط وبنسبة 10 بالمية.

وبحسب أبو سمير، إنّ تعامل مسلخ صور مع اللحامين لا يقتصر على التمييز والمحسوبيات وحسب، بل يتعداه إلى إذلال اللحامين والتعاطي معهم بفوقية. ويعبّر عن مظاهر الإذلال قائلاً: "انتظر 6 ساعات لحتّى آخذ 20 كليو لحمة، علماً انه أنا حاجتي 100 كيلو، وفي فوقية بالتعامل على مبدأ إذا عجبك خد إذا ما عجبك ما تاخد، ونحنا كجزّراين فلسطينيين بوضع صعب وموقفنا ضعيف".

ويوضّح أبو سمير أكثر لموقعنا أنّ الفوقية بالتعاطي ليست مقتصرة على الفلسطيني فحسب، وأن الضغط على اللحوم ناتج بسبب عدم تلبية الكميات في مسلخ صور، حاجات كافة الملاحم في المنطقة، الأمر الذي يؤدّي إلى مشاكل فيما بين اللحامين، تصل أحياناً إلى استخدام السّلاح، بينما يقف الفلسطيني خارج تلك الإشكالات.

وحمّل أبو سمير المسؤولية للّجان الشعبية والفصائل الفلسطينية، التي يعتقد أنّه عليها التنسيق وتأمين كميّات معيّنة من اللحوم إلى ملاحم المخيّم تكفي حاجات الأهالي.

اللحامون في المخيّمات خسروا 45% من مبيعاتهم

وإلى ناحية الواقع المعيشي والاقتصادي الذي يُعاني منه اللّحام في هذه الظروف الصّعبة، يفيد أبو سمير أنّ اللحامين خسروا 45% من مبيعاتهم، إذ يقول: "اليوم ما عم تتجاوز مبيعاتي 45 كيلو، هديك السنة كانت توصل لل 120 كيلو."

ويشتري أبو سمير اللحم غير المدعوم ويبيعه بسعر 70 ألف ليرة لبنانية للكيلو الواحد، وهو بذلك لا يجلب له ربح يُذكر، إلّا أنّ السبب في ذلك هو الحفاظ على مصلحته وعدم التخلّي عن زبائنه من أهالي المخيّم.

ولفت كذلك،  إلى أنّ الوضع المعيشي للعائلات التي لا تتقاضى رواتب ثابتة من منظمة التحرير الفلسطينية أو من وكالة "أونروا"، مزري إلى درجة أن تأتي زبونة إلى ملحمته، وتطلب منه لحم بقيمة 5 آلاف ليرة، بينما الأوقيّة سعرها 14 ألف، أي تطلب أقل من نصف أوقية، ممّا يجعل اللحام يعطيها لحم دون أن يزينه في الميزان تفادياً لإحراجها أمام بقيّة الزبائن.

العامل الذي يتقاضى 20 ألف يوميًا كيف سيشتري لحم، والكيلو ب 70 الف؟؟

ويعبّر أبو سمير عن التفاوت الطبقي في المخيّم الذي لوحظ بعد أزمة تدهور العملة اللبنانية، إذ ينقسم الأهالي بين أولئك الذين يتقاضون رواتب ثابتة من منظّمة التحرير الفلسطينيّة وموظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والذين أصبحوا يصنّفون من ضمن العائلات الميسورة بسبب تقاضيهم معاشات بالدولار الأمريكي، وبين أولئك غير المحسوبين لا على تنظيمات ولا على وكالة "أونروا" وهم غالباً الفئات الشعبية واليد العاملة المياومة، التي تمثّل الشريحة الأكبر من النّسيج المجتمعي الفلسطيني في الرشيدية، حسب أبو سمير الذي يقول: "العامل الذي يتقاضى 20 ألف يوميًا كيف بدو يشتري لحمة والكيلو ب 70 الف."

وطالب بهذا الصدد، عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" المعنيّين والهيئات والمنظّمات غير الحكوميّة بالنّظر إلى حال هذه العائلات والأهالي، ومساندتهم كي يتمكّنوا من عبور الأزمة، خاصّةً في ظلّ تفشّي جائحة "كورونا" وتوقف كثير من الأشغال.

أذهب منذ الساعة الثامنة مساءً وحتى الثانية فجراً في انتظار دوري، كرمال 30 كيلو لحم مع عظمه، في وقت تتطلّب فيه ملحمتي 150 كيلو

ويتفّق بلال العينين، أحد لحّامي مخيّم البص، مع المير وأبو سمير، من ناحية توزيع اللحم المدعوم في مسلخ صور بناءً على المحسوبيات، إلّا أنّه ينفي أي تمييز معه كونه لاجىء فلسطيني. ويذكر أنّ الإذلال الذي يتم التعاطي فيه مع اللّحامين عابر لجنسياتهم، وأنّ هذا الإذلال في التعاطي هو السبب الذي يمنعه من الحصول على اللحم المدعوم.

 ويقول في هذا الصّدد: "أنا ما بناسبني أنذلّ وأذلّ زبائني، المطلوب مني أن أذهب منذ الساعة الثامنة مساءً وحتى الثانية فجراً في انتظار دوري، كرمال 30 كيلو لحم مع عظمه، في وقت تتطلّب فيه ملحمتي 150 كيلو."

ويضيف أنّ توزيع اللحم المدعوم بالأساس حصل عليه اللّحامين بعد مظاهرات نفّذتها نقابة اللحامين واللحامين في صور.

ويبيع العينين اللحم غير المدعوم الآن بـ 70 ألف، دون ربح يُذكر أيضاً، بسبب غلاء مستلزماته، إذ علبة أوراق "النيلون" وحدها وصل سعرها إلى 50 ألف، في وقت يقول فيه: "إلي بياخد كيلو لحمة بكون أبو زيد"، مشيراً أنّ أبناء التنظيمات وأصحاب معاشات الدولار هم فقط الذين لا يزال بإمكانهم شراء اللحم، بينما يبقى أصحاب الدخل اليومي والمحدود بالليرة اللبنانية خارج معادلة هذا الامتياز.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد