جابت شوارع العاصمة اللبنانية بيروت، عصر ومساء الخميس 20 أّيّار/مايو 2021 مظاهرة داعمة لانتفاضة الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، تحت عنوان: "من النهر إلى البحر.. مسيرات داعمة لنضالات الشعب الفلسطيني"، وذلك دعمًا لمقاومة الفلسطينيين بكافّة أشكالها في غزّة والقدس واللّد والشيخ جرّاح وسائر الأراضي الفلسطينية.
وانطلق المسير من ثلاث نقاط، من مخيّم مارالياس، وبشارة الخوري، ومخيم شاتيلا باتجاه جسر الكولا، ليلتقي بعدها المشاركون، من فلسطينيين ولبنانيين وأجانب، متجّهين نحو مقبرة الشهداء قرب مخيّم شاتيلا.
وحمل المشاركون الأعلام الفلسطينية، وشعارات ترفض الاعتداء على الفلسطينين والتطبيع الصهيوني، وردّدوا هتافات داعمة للمقاومة وإنجازاتها في رد العدوان الصهيوني على غزة، والاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة والقدي والداخل المحتل عام 48.
خطاب مختلف عن باقي الحراكات التضامنية
وتأتي مظاهرة اليوم بخطاب مختلف عن باقي الحراكات الداعمة للفلسطينيين والمنددة بجرائم الاحتلال في لبنان، بسبب انطلاق المشاركين فيها بقول "سياسي واضح ومباشر ضد أنظمة القمع العالمية في ممارسة دورها الوظيفي في حماية الكيان الصهيوني، على حساب حريّة الشعوب، سواء كانت هذه الأنظمة مطبّعة مع العدو أو أنظمة قامعة تتاجر بالقضية وتعمل كحرس للحدود مع الكيان وتمارس التضييق أكثر وأكثر على اللاجئين واللاجئات الفلسطينين في بلدان اللجوء".
واستنكر المشاركون ما وصفوه بـ"إجراءت قمعية" تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث مُنعت الأغلبية الفلسطينية مؤخّرًا من الوصول إلى الحدود، وتم تشديد الحصار أكثر على المخيّمات في الجنوب خاصة في الرشيدية وعين الحلوة، بحسب تأكيدهم.
الخطاب واضح ضد الأنظمة المطبّعة والقامعة..والمشاركون يريدون فرض خطاب آخر
تقول الناشطة اللبنانية ميليسّا مطر بهذا الخصوص لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينين" أنّ مسيرة اليوم مختلفة عن سابقاتها من الحراكات الداعمة التي تنطلق من لبنان لأن للمشاركين خطاباً محدداً يريدون إيصاله وفرضه، من ناحية الإضاءة على كل اعتداءات الاحتلال ووحشيته خلال محاولاته إلغاء وجود الفلسطينيين على أراضيهم، وصولًا إلى حقوق اللاجئين الفلسطينيين غير الممنوحة أصلًا في لبنان.
وتضيف مطر أن الخطاب واضح ضد الأنظمة المطبّعة والقامعة وأن المشاركين يريدون فرض خطاب آخر يتم فيه إعطاء كامل الشرعية للشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده في الحديث والنضال والتحرّك والتحرّر.
التضامن مع فلسطين لا يكون دون ربط التحرير بإعطاء اللاجئين حقوقهم
وهذه المسيرة الثانية من نوعها التي يتم فيها إطلاق موقف سياسي واضح، بعد المسيرة التي انطلقت من مخيم مارالياس وحتى مخيم شاتيلا التي انطلقت في 12 نيسان/مايو الشهر الجاري، حسبما تقول الناشطة اللبنانية نضال أيّوب، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
وتضيف نضال أنّ التضامن مع فلسطين لا يمكن أن يكون دون ربط تحرير فلسطين بإعطاء اللاجئين واللاجئات الفلسطينيات في لبنان أدنى حقوقهم المدنية والاجتماعية والسياسية. وتشير في هذا التفصيل إلى تخوّف من الأحزاب والسلطات في لبنان من المطالبة بحقوق سياسية للاجئين واللاجئات، مؤكّدة على أهمية المطالبة بهذه الحقوق وعلى أحقية اللاجئين واللاجئات في التنظيم سياسيّا ونقابيّا وحقهم في تنظيم مظاهرات والتعبير سياسيّا كفئة موجودة ومقيمة في لبنان.
وتضيف نضال أن "اتخاذ موقف سياسي لا يعزل اللاجئين واللاجئات عن باقي أبناء شعبهم في الداخل، ولا يُعبّر فقط عن التضامن مع الفلسطينين داخل الأراضي المحتلة، لأنّ القضايا عمومًا مترابطة ومتشابكة، إذ لا يمكن تحرير فلسطين في ظلّ سياسة المحاصرة المطبّقة من قبل الأنظمة العربية المجاورة، سواء من النظام اللبناني أوالسوري أو المصري" وأشارت إلى "أنّ الفلسطيني إذا أراد تحرير بلده من الخارج وحاول الالتحام معها، ممكن أن يُقتل من قبل الأنظمة العربية قبل الوصول إلى فلسطين".
وأكّدت نضال على أهمية التشبيك والربط بين القضايا، "فبينما نهتف لفلسطين، نهتف لتحرير الشعب العربي أيضا من أنظمته. وأنّ التشبيك في لبنان يكون بين اللبنانين والفلسطينيين والسوريين والعمال المغتربين والعاملات الأجانب، وصولًا إلى كلّ المتضررين من النظام السياسي القائم، وتمامًا مثلما تٌشبك الأنظمة مع بعضها كي تحمي نفسها بوجه ثورات شعوبها عليها، علينا هنا أن نتخطّى على الأقل الحدود الجغرافية من أجل بناء شبكة تضامن" بحسب قولها.
مشاركة عربية
عبد الباقي عامل سوداني شارك مع مجموعة من العمال السودانيين بلبنان في المظاهرة، يؤكّد عبد الباقي لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّه كسوداني وكإفريقي وكأي إنسان، يحمل القضية الفلسطينية داخله، ببعدها الإنساني والسياسي، حيث يقول: "إنّ أيّ إنسان حرّ يكره الاستعمار والاحتلال والعنصرية لا بد أن يكون معادي للنظام الصهيوني العنصري الفاشي والكاره والحاقد والمبني على أساس الخرافات والأساطير".
ويضيف أنه كإفريقي وشعبه كأفارقة عانوا سابقًا من الاحتلال والاستعمار لذلك إنّهم يعرفون جيّدا ما يُعانيه الشعب الفلسطيني من وجع وما يُقاسيه من ألم، كآخر نموذج احتلال، ممنهج، ومدعوم من الدول الإمبريالية.
موقف السودان الرسمي لا يمثل الموقف الشعبي
وأكد عبد الباقي أيضا أنّ موقف الدولة السودانية المطبعة لا يُمثّل الشعب السوداني ولا يُمثّله، قائلاً أن المجلس العسكري السوداني الذي طبّع هو نفسه الذي قتل لهم شهداء في السودان- شهداء الثورة- في جميع المناطق وتحالف مع العدو الصهيوني وجيشه ونظامه القاتل الذي يضمن وجوده كسلطة مثل جميع الأنظمة الوظيفية الموجودة في العالم العربي. "يجب أن نقول أنّ الشعب السوداني لم يُطبّع ولم يقبل بهذا التطبيع، فالمجلس العسكري لم يستشره أصلا" يقول عبد الباقي.
ويضيف أنّه: "وجب علينا نحن أهل السودان الأحرار أن نوصل رسالة للشعب الفلسطيني نقول فيها أنّه كما أنّنا شاركنا معهم في القتال عام 1948 وكنا آخر من انسحب من الجيوش العربية، نحن اليوم جاهزون للخوض والمشاركة والدخول في معارككم بكامل خبراتنا العسكرية."
وأرسل عبد الباقي عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" رسالة إلى كتائب شهداء الأقصى في الداخل وبالضفّة مفادها أنهم يعلمون أنهم أحرار، وواجب عليهم استعادة دورهم في الكفاح المسلح مشيرًا إلى أن القانون الدولي، يضمن النضال المسلّح للشعوب المضطهدة حتى تقرير مصيرها.
وفي بيان للمشاركين بالمظاهرة، أكدوا ـأنهم يمشون كي يلتحموا مع الشعب الفلسطيني بأكمله، سواء في معركته ضدّ الكيان الصهيوني، أو في نضالاته في بلدان الشتات، مطالبين بكافة الحقوق الفلسطينية في لبنان، المدنية منها والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومشدّدين على الترابط العضوي لنضالات الشعوب العربية ضد الديكتاتورية في سبيل الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية، كما التحرر والنضال ضد الاستعمار العالمي.
ودعا البيان الجميع إلى التضامن مع فلسطين بكلّ الوسائل الممكنة، من الكتابة والنشر المستمر دحرًا للبروبغندا الصهيونية، وصولًا إلى حملات المقاطعة للشركات الداعمة للكيان، وتنفيذ اعتصامات أمام سفارات الدول المطبعة مع الاحتلال .