كشف تقرير صحفي نشرته صحيفة " هآرتس" العبريّة الوم الخميس 10 حزيران/ يونيو، عن اعتداءات وحشيّة نفّذها سجانو معتقل النقب الصحراوي جنوب فلسطين المحتلّة، يوم 24 آذار/ مارس 2019.
واستند التقرير، إلى ما التقطته كاميرات المراقبة الخاصّة بالسجن، وأظهرت قيام السجانين بالاعتداء على 55 أسيراً فلسطينياً مكبّلاً بعد رميهم أرضاً، ومحاوطتهم وضربهم بالعصي والركل لمدذة ساعات طويلة، ومنعهم من التحرّك أو الحديث.
وبحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤول سلطة السجون، فإن هذا الاعتداء هو "أحد الأحداث الأكثر عنفا في السجون الإسرائيلية"، في وقت لم تقم فيه "الوحدة القطريّة للتحقيقات مع السجانين _ لاهف 433" بتحقيق جدّي، حيث لم تحقق سوى مع اربعة سجانين قبل أن يجري إغلاق الملف بذريعة " مجرم غير معروف".
وأشارت الصحيفة، إلى أنّ الاعتداءات جاءت في خضم اجواء متوترة، على خلفيّة قرار صدر عن سلطة السجون بنصب أجهزة تكنولوجية تهدف إلى منع محادثات يجريها الأسرى بهواتف نقالة، وزعمت الصحيفة كذلك أنّه "مساء اليوم نفسه طعن أسير سجانين، وبعد ذلك اقتحم سجانون قسم أسرى حماس".
وأظهرت كاميرات المراقبة التي استند عليها التقرير، السجانون وهم يعتدون على أسرى بلكمات وعصي وركلات، من دون رد فعل او استفزاز من جانب الأسرى، ليجري تجميعهم وتكبيلهم وإلقائهم أرضاً في ساحة القسم، بين خيام السكن، حيث ضُربوا بالعصي".
وفي شهادته، قال الأسير أمير سلوم (26 عاما)، من أبناء شعفاط في القدس المحتلّة وقضى أربع سنوات في القسم ، إنّ السجانين "قرروا نقلنا من القسم 4 إلى القسم 3، وفجأة، أثناء النقل، سمعنا أحدا ما يصرخ ’طعن، طعن’. وخلال عدة دقائق دخل سجانون من وحدة ’متسادا’ (وحدة خاصة تابعة لسلطة السجون) وبدأوا يطلقون علينا عيارات حديدية كهذه. وهربنا إلى أطراف القسم".
وتابعت الصحيفة، أنّ الاعتداء تواصل بدخول وحدة "كيتر" المختصّة بالسيطرة على السجون إلى القسم، وأشارت إلى أنّ سلطات السجن زعمت حينها أن مواجهات جرت في السجن بعد طعن سجان، "اضطرت السجانين إلى السيطرة على القسم".
"إلا أن توثيق الكاميرات لا يُظهر مواجهات، وفي هذا المكان، شوهد ممارسة عنف شديد من جانب السجانين. وجرى نقل قرابة 15 أسيرا في المساء نفسه إلى مستشفى سوروكا، بينهم اثنان في حالة خطيرة" حسبما أضافت الصحيفة العبريّة.
وقال سلوك في هذا الصدد : "قيدونا ولم يقاوم ذلك أي أحد، وعندها بدأوا بضربنا بالعصي. وألقوا بنا في مركز القسم كأننا لا شيء، وضربونا من دون أن نتمكن من الدفاع عن أنفسنا. كسروا حمكي وأسناني وأنفي".
واضاف: أن "هؤلاء السجانين كانوا معروفين للأسرى، إذ كانوا يلتقون بهم يوميا، "وهذا لم يمنعهم من ضربنا بدون رحمة. وكنا متأكدين أنهم سيقتلوننا هناك. وتضرع الجميع إلى الله. وفقط بعد أن شاهدوا الدماء من حولي، أصدر أحد الضباط أمرا بإخلائي إلى العيادة. وفي الطريق إلى هناك ضربوني أيضا".
أسير آخر تحدث في شكوى قدمها ضد عنف السجانين ضدّه وقال : "أحد السجانين ضربني بعصا، 7 – 8 مرات تقريبا. وكان يقول طوال الوقت: ’أأنت رجل كي تهاجم سجانين؟’"، وبعد ذلك نُقل إلى الساحة الكبيرة في القسم فيما هو مكبل ويديه خلف ظهره.
وأضاف: "بقيت هكذا عدة ساعات. وبسبب الضرب، كُسرت ستة من أسناني وفُتح رأسي في أربع أماكن. وبعد ثلاث ساعات قيدونا أزواجا وبقينا في هذا الوضع حتى الصباح. وأخذوا الفراش والملابس أيضا، وهكذا بتنا ثلاثة أيام، من دون شيء. وبقيت رؤوسنا مطأطأة، وأي أحد رفع رأسه تلقى ضربات".
ووصف الأسير علي دعنا أن السجانين نفذوا حملة انتقام ضد الأسرى، وأشار: "قلت لأحد السجانين أني مصاب بمرض مزمن، وأجابني أن هذا ليس مهما، واستمروا بالضرب".
وأضاف أسير آخر في شكواه أن "السجانين من وحدة كيتر استمروا بركلنا وضربنا طوال الوقت وكانوا يوجهون إلينا شتائم عنصرية. وقال أحد الضباط لهم: ’شوهوا وجوههم’، وصرخ ضابط آخر: ’أريد دماء’".
وكان 13 أسيراً قد قدّموا شكاوى إلى الشرطة الإسرائيلية وطالبوا بإجراء تحقيق، إلا أن الشرطة زعمت أنها لم تنجح بالعثور على جميع السجانين الذي شاركوا في هذا الاعتداء، بادعاء أنه ليس بالإمكان التعرف على السجانين وفقا لكاميرات المراقبة،رغم توثيق الاعتداء على الأسرى.
وجرى التحقيق مع أربعة سجانين فقط، وكانت هذه تحقيقات قصيرة، ومن دون أن يكلف المحققون أنفسهم التعرف على سجانين آخرين، رغم أن الأسرى أكدوا أن بمقدورهم التعرف على السجانين الذين اعتدوا عليهم. وزعم السجانون خلال التحقيق معهم أنه "جرت أعمال شغب في السجن وأن السجانين استخدموا القوة "بشكل معقول".
وفي تواطؤ واضح، اعتبرت ضابط التحقيقات، يهودا أهروني، في رسالة إلى النيابة العامة، أنه "جرى استخدام القوة من أجل لجم ووقف الشغب في السجن، وفي هذا الإطار استخدمت القوة ووسائل فيما كان السجانون محميون ولذلك ليس بالإمكان التعرف عليهم. وإثر ذلك أُوصيَ بإغلاق التحقيق بذريعة مجرم غير معروف". ووافق نائب المدعي العام لمنطقة الجنوب، يوآف كيشون، على توصية الشرطة وتم إغلاق التحقيق.