شكل انهيار سعرصرف العملة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي، حالة إرباك لدى المستأجرين والمالكين على حد سواء، ما بات يهدد آلاف العائلات الفلسطينية في لبنان ويجعلها تبحث عن مأوى جديد بدل بيوتها المُستأجرة.
فأصحاب الأملاك يرون بأن المبالغ التي تم التعاقد عليها، لم تعد تتناسب مع الواقع المادي الذي فرضه الغلاء القائم، لذلك فهم يطالبون برفع قيمة العقار المستأجَر.
بدوره المستأجِر غير قادر على تلبية طلب المالك، نتيجة ضعف إمكاناته، حيث أن راتبه الذي يتقاضاه بالعملة المحلية لا يخوله دفع الايجار وفق التعرفة الجديدة أي بناء على سعر صرف الدولار المرتفع. هذا الواقع المتأزم قائم في تجمع وادي الزينة للاجئين الفلسطينيين تماماً كما في كل القرى والمدن اللبنانية.
هذا المستجد انعكس سلباً على الوضع الاجتماعي والاستقرار بشكل عام في البلاد، فالعائلات المستأجِرة تعاني، والشباب غير قادر على توفير سكن يساعده على الزواج، والمشكلة تدور في حلقة مفرغة، حتى ينقشع الخيط الابيض من الخيط الاسود في ليل الوضع الاقتصادي المتردي.
إيجارات البيوت في الوادي أصبحت فضيحة ولا تطاق
تقول اللاجئة الفلسطينية في تجمع وادي الزينة، فاطمة جواد، لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إن إيجارات البيوت في الوادي أصبحت فضيحة ولا تطاق، مشيرة الى أن أصحاب البيوت يرون البيت المؤجر راتب شهري يعيشون من خلاله، وخاصة أن آجار البيت قبل ارتفاع الدولار كان يعادل 300$ بحدود 450 ألف ليرة لبنانية، أما اليوم الـ 450 ألف ليرة تعادل 40 $.
تضيف جواد: "ان مالك البيت دائماً يتذرع بتصليح الأشياء التي قد يكسرها المستأجر، وهذه الحجج واهية والمكلّف بالتصليح هو المستأجر وليس المالك"، لافتة الى أن أغلب المؤجرين رفعوا سعر الإيجار ليتمكنوا من مجاراة الغلاء المعيشي.
وأكدت اللاجئة الفلسطينية جواد أن كثيراً من المؤجرين يخرجون المستأجرين من بيوتهم أو يضغطون عليهم لرفع الإيجارات "إذا مش قادر تدفع من هلق لأسبوع بدك تفضيلي البيت، يخرجون المستأجرين ليجلبوا آخرين بسعر أغلى"
وتابعت: "بدل الإيجارات في وادي الزينة بالنسبة للبيوت المرتبة بحارات هادئة تتجاوز 800 ألف ليرة، وهي بيوت صغيرة بثلاث غرف، ولكن هناك بيوتاً وصل إيجارها اليوم إلى مليون ونصف المليون ليرة شهرياً"، وتشير إلى أن أهلها يدفعون 500 ألف بدل إيجار المنزل، فيما صاحبه يريد زيادة، قد لا يتمكنون من دفعها ما يهددهم بالتشرد.
نحن عائلة مهددة بترك البيت كل شهر يرفع المؤجر بدل الإيجار ولا يوجد بيوت رخيصة
اللاجئة الفلسطينية، نعمة أحمد، ليست بأحسن حال، فقد تجد هي الأخرى، نفسها وأولادها وزوجها في الشارع بعد أن تم تهديدهم من قبل صاحب البيت، إما الدفع بما يتلائم مع الوضع الجديد بما فيه من غلاء فاحش، أو الخروج من المنزل فوراً.
تقول نعمة لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نحن عائلة مهددة بترك البيت، كل شهر يرفع المؤجر بدل الإيجار ولا يوجد بيوت رخيصة للاستئجار وأصحاب البيوت لا يرحمون، زوجي يعمل سائق تاكسي وبالكاد نؤمن سعر الطبخة التي سنأكلها خلال اليوم، مع ثمن إصلاحات السيارة ونفقات مستلزمات البيت التي لا نستطيع توفيرها أصلاً".
تطالب نعمة أصحاب البيوت بمراعاتهم لأن الظروف صعبة جداً.
حملة اجتماعية
هذا الوضع المتأزم بين أصحاب البيوت والمستأجرين، دفع اللاجئة الفلسطينية حنان موسى لطرح حملة اجتماعية تجمع النساء والرجال للمطالبة ملاك البيوت بالتعامل مع المستأجرين بما يتلائم مع الظروف الاقتصادية الصعبة، كما دعت حنان الى اعتصام في تجمع وادي وحمل لافتات تطالب ملاك البيوت بعدم رفع تعرفة الإيجار والصبر على الناس وعدم طرد أي مستأجر بشكل تعسفي.
تقول موسى لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن سبب الحملة كانت بعد ما تم الاتفاق بين ملاكي البيوت والعقارات في وادي الزينة على زيادة الأجور بشكل هستيري، عندها قررت أن أنظم حملة على وسائل التواصل الاجتماعي أتكلم فيها الى الناس لنرفع الصوت عالياً بوجه تلك الطبقة التي لا تفكر إلا بجمع المال" بحسب وصفها.
وأضافت: "أنا قررت أن أخرج ببث حي على إحدى مجموعات فيسبوك لأتشارك مع الناس رأيهم بهذه القضية، وفعلاً وجدت عدداً كبيراً من العائلات التي تعاني، والتي علقت على البث بأنها مهددة بالطرد من بيوتها، وهناك آخرون فعلاً تم طردهم بشكل تعسفي، ما أسفر عن مشاكل كبيرة بين الملاك والمستأجربن"
دعت موسى إلى لاعتصام في وادي الزينة للمطالبة بعدم زيادة الإيجارات على المستأجرين، مشيرة إلى أنها تلقت اتصالاً من صاحب المنزل يخبرها بزيادة أجار المنزل 600 ألف ليرة، موجهاً تهديداً صريحاً بالقول في شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم إذا لم تدفعوا فأنا أريد البيت، مؤكدة أنها لا تدري إذا كانت تستطيع الدفع للبقاء في المنزل أو الخروج.
المؤجِرون أيضاً يريدون مجاراة الوضع الاقتصادي
أما اللاجئ الفلسطيني مصطفى البللي فكان له وجهة نظره الخاصة، معتبراً أن مشكلة الإيجار ليس سببها المؤجرِين بل الوضع العام في البلاد، لأن هناك من يعيش من أجار البيوت والمحلات التي يملكها ومع ارتفاع الأسعار في لبنان، لم يعد يكفيه الإيجار القديم، بينما المستأجرين لا يملكون المال الكافي لدفع الزيادات المطلوبة.
وأضاف البللي: "بس يلي ما بيعتمد عأجار البيت أو المحل ليش بدو يغلي وليش ما بدو يشعر بصاحب العيلة، هون المشكلة، وموضوع الأجار مش بس بوادي الزينة بكل لبنان هيك"، لافتاً الى أن صاحب المحل الذي يبيع فيه السجاد طالبه بزيادة بالإيجار بـ ٣٠٠ ألف ليرة، فيما الأعمال متوقفة ولا يوجد حركة بيع في محله فكيف سيسد الآجار الجديد فيما القديم لم يكن باستطاعته تسديده؟
في الأيام القادمة سنعمل على تفريغ الناس من كل الشقق المؤجرة
بالمقابل، اتصل بوابة اللاجئين الفلسطينيين بالأشخاص الذين اعتبرهم الناس أصحاب العقارات والبيوت المتسببين بزيادة الإيجارات في تجمع وادي الزينة، فكان ردهم بعدم ذكر أسمائهم، في هذا التقرير، وقال أحدهم في الأيام القادمة سنعمل على تفريغ الناس من كل الشقق المؤجرة وهذا ما تم الاتفاق عليه بين عدة أشخاص في وادي الزينة تمهيداً لرفع ايجارت البيوت بما يتلائم مع سوق صرف العملة اللبنانية مقابل الدولار.
واضاف: "لا يعقل ان تكلفني الشقة أكثر من 100 ألف دولار وأنا أقوم بتأجريها بـ40 دولار أو 30، فالليرة اللبنانية فقدت قيمتها ونحن نشاهد في كل يوم كيف تخسر العملة اللبنانية قيمتها بعد أن وصل الدولار الواحد لـ15 ألف ليرة.