"من بيروت لفلسطين رفضاً للإجرام والقمع والتنسيق الأمني والنهج التصفوي الذي تمارسه السلطة" تحت هذا الشعار دعا بضعة شبابٍ وشابات من اللاجئين الفلسطينيين لتنفيذ وقفة أمام السفارة الفلسطينية في بيروت، ولكن ما لبث أن وصل الشباب إلى المنطقة حتى تحوّل هدف وقفتهم إلى محاولة الدفاع عن أنفسهم من بطش عناصر تابعة لسفارة السلطة في لبنان، اعتدت عليهم بشكل عنيف.
200 $ ثمن قمع المحتجين
واحد من هؤلاء العناصر الذين نزلوا بلباس مدني بالمئات لقمع بضع عشرات من الشباب المحتج على سلوكيات السلطة في الضفة، قال أمام فريق بوابة اللاجئين الفلسطينين: إنهم جاؤوا بأوامر مباشرة من السفارة التي تلقت الأمر من رئيس السلطة محمود عباس، وهدف مشاركتهم في قمع الشبان بالعصي والسكاكين وشفرات الحلاقة هو فقط الحصول على مبلغ 200 دولار .
فريقُ بوّابة اللاجئين نجا بأعجوبةٍ بعد أن هرب واختبأ في مكانٍ آمن، وانتظر على بعد مئات الأمتار ليوثّق عمليات القمع بعد أن أجبر أحد عناصر السفارة المصورَ على حذف لقطات كان قد أخذها بكاميرته.
قرار من الفصائل بعدم المشاركة في احتجاج ضد السلطة
رنا مكي واحدة من المشاركات في الوقفة الاحتجاجية وهي لاجئة من قطاع غزة ومقيمة في مخيم برج البراجنة تقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: " كان هناك توجّه من قبل الشباب الفلسطيني في لبنان منذ لحظة اغتيال نزار بنات في الخليل بتنظيم وقفة أمام سفارة السلطة في بيروت، لكن للأسف هناك قرار من الفصائل الفلسطينية بعدم المشاركة بحجّة عدم حدوث اقتتال داخلي وأن الفلسطينيين شعب واحد في خندق واحد، لكنّ الحقيقة التي أثبتها قمع اليوم أننا لسنا شعب واحد، نحن شعبان في هذا الصراع طرف يريد أن يساوم وأحد الأشخاص من طرفهم قالها بوضوح(نحنا همّنا لقمة العيش مش أكثر) وفريق آخر مؤيّد لخطّ المقاومة".
وتضيف رنا، "ما حدث اليوم أننا شباب لا نتجاوز العشرين شخصاً وقفنا لثواني أمام مئات من الشباب الذين حشدتهم السفارةا لفلسطينية، وقفنا عزّل بشكل سلميّ، وتحدّث إلينا أحد عناصر السفارة وقال(اتركوهم يعبّروا عن رأيهم) لكن على ما يبدو هذه الجملة هي إشارة للاعتداء علينا بكافّة الأشكال، الأعلام التي كانوا يحملونها هي أعلام تمويهية واستخدمت كأداة لضربنا وسحلنا في الطرقات أمام أعين الأمن الوطني الفلسطيني وعناصر من الدرك اللبناني"
وتؤكّد مكّي أنّ ما حدث اليوم وما سبقه من اعتداءات مماثلة خلال تظاهرات مطالبة برفع العقوبات عن غزة وأخرى منددة باغتيال باسل الأعرج، هي ضمن سياسة ممنهجة وقرار استراتيجي موحّد في رام الله والخارج بقمع كلّ صوت ورأي مخالفٍ لرأي السلطة الفلسطينية وضرب وسحب هواتف المشاركين، موضحةً أن" السلطة الفلسطينية ليست شرعية ولا تمثّل الشعب الفلسطيني وأن حدودها فقط الضفة الغربية وغزة، بينما في الشتات وفي لبنان الذين اعتدوا على الناس هم عناصر من حركة فتح".
ورغم ما تعرّضت له رنا وزملاؤها، أكّدت أن فكرتهم ستستمر وصوتهم سيبقى يصدح عالياً ضدّ الاستسلام ومع مشروع العودة والتحرير.
ضرب وسحل ومصادرة هواتف
عينٌ أخرى وثّقت ما حدث، اللاجئة الفلسطينية ميرا كريّم قالت: "جئنا اليوم لندد بجريمة اغتيال المعارض نزار بنات وممارسات السلطة الفلسطينية الشبيهة لممارسات الاحتلال، فوقعنا ضحيةً لهذه الممارسات في بيروت".
وتشير كريّم أنّها رأت أكثر من ثلاثين شخصًا من عناصر السفارة الفلسطينية بلباس مدني انهالوا بالضرب المبرح على زميل لها أعزل وهو ابراهيم صوتري، كما سرقوا هواتف أربع شابات وكاميرات لمصورين لحجب ما يقومون به، وأن شابّة صوّرت مقطعًا صغيرًا لعملية القمع صادروا هاتفها وحذفوا الفيديو".
وتردف كريّم" هذه الممارسات ليست جديدة وفعلٌ متوقّع، فقد مورست على أخيها الطفل منذ ثلاث سنوات فقط لأنه يحمل يافطة كتب عليها(ارفعوا العقوبات عن غزة).
هذه "الاستراتيجية القمعية الهمجية" وفق كريّم تثبت مرة أخرى أن السلطة الفلسطينية هي جزء لا يتجزء من مشروع العدو الصهيوني.
تواصل فريق بوابة اللاجئين عبر الهاتف مع المصاب اللاجئ ابراهيم صوتري، الذي قال: "شاركت اليوم أمام السفارةالفلسطينية لأطالب بنقطتين: إلغاء كل اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية إلى يومنا هذا والنقطة الثانية لأقول لا للقمع الذي يتعرض له شباب الضفة الغربية وضد مسلسل الاغتيالات وتكميم الأفواه الذي تمارسه السلطة الفلسطينية".
وأكّد صوتري أن هدفهم كان واضحًا وسلميًا بحتًا ولم يريدوا افتعال أيّ مشاكل، لكن بمجرّد وصولهم تمّ الاعتداء عليهم، وقال صوتري أنه تعرّض لمحاولة قتلٍ عمدٍ هو وزملائه" الي نازل حامل عصي وسكاكين يعني نازل يقتل"، مطالبًا بمحاسبة كلّ شخص اعتدى عليهم.