خضع لاجئان فلسطينيان مهجران من سوريا، وقصدا هولندا منذ سنوات هرباً من الحرب السوريّة، إلى محاكمة بتهمة " تهريب البشر" بعد أن حاولا استقدام والديهما وأختهما، بطرق التهريب إلى هولندا، علماً أنّ الشابين حاصلان على الجنسيّة الهولندية.
وفي تفاصيل القضيّة كما سًردت في المحاكمة، التي انعقدت بتاريخ 17 آب/ أغسطس الجاري، وجّهت المحكمة تهمة "تهريب البشر من أجل الربح" لكل من "طارق" وهو مطوّر برمجيّات، و "محمد" الذي ينهي سنته الأخيرة في ماجستير تخصص هندسة كهربائيّة، بحسب صحيفة (NRC) الهولندية، التي أشارت إلى أنّ كلمة "مهربين" تستخدمها النيابة العامة على الدوام في هكذا حالات.
وتابعت الصحيفة في تقرير ترجمته " زمان الوصل" أنّ كلّ من طارق ومحمد، ساعدا والدهما المسنّ وأمهما وأختهما الحامل في الوصول إلى هولندا، وقد فعلوا ذلك خلافاً للقواعد، واعترفا أنهما فعلا ذلك بعد أن رفضت دائرة الهجرة والتجنيس كافة طلبات لم شمل الأسرة.
وأضافت "لم يكن للأقارب بديل آخر"، ونقلت عن الشقيق الأكبر قوله إنّ "هولندا هي الدولة الآمنة الوحيدة التي يمكنهم الذهاب إليها " موضحةُ أنّ والديهما كانا في مصر، ويقيمان بشكل غير قانوني، وأختهما كانت تقيم بموجب تأشيرة طالب منتهية الصلاحية، وكانت العائلة تعيش خطر الترحيل إلى سوريا حيث يحكم الديكتاتور بشار الأسد.
وجرى نقل الأسرة إلى هولندا عبر تركيا، حيث استأجر طارق ومحمد منزلاً لوالديهما وأختهما، ومن خلال أحد المعارف، جرى الاتصال بأحد المهربين، وجرى نقل الأسرة إلى اليونان عبر البحر ومن ثمّ إلى هولندا عبر جوازات سفر مزوّرة عبر مطار أثينا. وأشارت الصحيفة إلى أنّ المكوث في تركيا لم يكن سهلاً لتعثّر الحصول على إقامة.
وتابعت الصحيفة أنّه "تم القبض على الأسرة وهم في طريقهم إلى مركز تقديم طلبات اللجوء في "تيرابل"، ثم من خلال تحقيق واسع حول العائلة وشركاؤهم الأتراك، ثم السماح قانونيا بتحليل المكالمات الهاتفية لدى الأخوة وهذا بالنهاية قاد إليهما".
ونقلت الصحيفة عن "طارق" قوله إنّه وشقيقه اتصلوا بالشرطة، بعد أن قام المهربون بنقل والديهم وأختهم عبر شاحنة خطرة، وهو ما دفعهم للتبليغ لحماية أسرتهم من المخاطر التي تعرضوا لها أثناء رحلتهم في العام 2014.
رئيس المحكمة بدوره، كان ردّه على ذلك أنّ المحكمة " تولي أهميّة للحقائق بالدرجة الأولى ومن ثمّ الأخلاق" وتساءل رئيس الجلسة بحسب الصحيفة، عن مبلغ 12 الف يورو دفعها الشقيق الأكبر للمهربين، وما اذا كانت هناك خطّة وهل قاموا بشراء تذاكر الطيران بأنفسهم؟.
ولكن جواب رئيس الجلسة كان "المحكمة تولي الحقائق أهمية، ثم تأتي الأخلاق" ، حسب الصحيفة التي أردفت "الحقيقة هي أن الأسرة أقامت بشكل غير قانوني في هولندا. ما هو دور الإخوة في هذا؟ هل كانت هناك خطة؟ على سبيل المثال، هل قاموا بشراء تذاكر الطيران بأنفسهم؟".
ونفى "طارق" أن يكون قد دفع المبلغ، مؤكّداُ أنّ المال كان من مدخرات والده، "وعلاوة على ذلك، لم يكن هو، بل أخته، هي من رتب الرحلة إلى هولندا ودفع ثمنها عبر هاتفه" بحسب الصحيفة.
وتابعت، أنّ الأخ الأصغر "محمد" نفى علمه أنّ ماقاما به يصنّف تحت تهمة "تهريب البشر" وقال للقاضي :" لم أكد أريد صوى إيصال أهلي إلى برّ الأمان" وذلك في إجابته على سؤال وجهه القاضي له : "تهريب الأشخاص غالبًا ما يحكم عليهم بالسجن. ماذا يعني ذلك بالنسبة لك؟" بينما قال طارق أنّ شقيقته "صدمت، بعد ذلك فقط أدركت أنني قد انتهكت القانون".
حصلا على حكم مخفف
وبحسب الصحيفة، فإنّ المدعي العام طالب بأن يُحكم الشقيقان بخدمة المجتمع لمدّة 100 يوم، بالإضافة إلى السجن لمدّة يومين كحبس احتياطي، كما جرى إسقاط دافع الربح من القضيّة، بينما يبقى الشقيقان مذنبان بتهمة "تهريب البشر".
و قال المدعي العام: "يمكنني أن أتخيل بأنك تقدم على مافعلته كابن، لكن هذا يؤدي إلى الدخول والإقامة غير القانونيين في هولندا، وهذا يقوض ويحبط سياسة الحكومة".
بدوره، طالب المحامي ببراءة المتهمين، نظراً لكونها تصرفا على أسس "مثالية و إنسانية"، لأنّ الأسرة كانت في خطر وشيك إذا تم إعادتها إلى سورياتحت حكم الأسد. وإذا كانت المحكمة لا ترى ذلك، فإنه يطلب اعتبارهما مذنبين دون عقاب.
وقضى حكم المحكمة، بما طالبت به النيابة العامّة، وحكمت " على الشقيقين بـ "خدمة المجتمع" لأنهما ساعدا في تهريب الأشخاص. على أن يجري حبسهما لمدّة 6 أشهر في حال تكرر الخطأ مرة أخرى في غضون ثلاث سنوات.
تجدر الإشارة، إلى أنّ البحث عن طرق التهريب باتجاه دول اللجوء الأوروبيّة، من قبل فلسطينيي سوريا، متواصل منذ العام 2012، ويزداد الطلب على الهجرة بالتوازي مع ازدياد الأوضاع في سوريا سوءاً.