بقلق وخوف شديدين، بحثَت لساعاتٍ عن رقم جلوسها داخل موقع وزارة التربية والتعليم، علها تعرف نتيجتها، خاصة بعد أن تملّكها هاجس رسوبها في اللغة الإنجليزية، وهو ما أخبرت به العائلة، لتزفّ لها أختها الكبرى النتيجة، بعد طول انتظار، 92.05٪ .

بفخرٍ واضح، تروي بتول عطية، المنحدرة من مدينة اللد المحتلة واللاجئة في الأردن لبوابة اللاجئين الفلسطينيين عن اللحظات الصعبة التي مرت بها، منذ بداية العام الدراسي حتى لحظة تلقّيها خبر تفوقها، في الفرع الأدبي.

جراء انتشار فيروس كورونا داخل المملكة الأردنية ، أغلقت المدراس كافة مع بداية العام الدراسي، وأصبح التعليم عن بعد – الإلكتروني-  من خلال منصة درسك التعليمية تقول عطية:" منصة درسك يقدمها نخبة من المعلمين والمعلمات ولكنها لا تتناسب مع مرحلة  الثانوية العامة، إضافة إلى أنه صدر قرار بمنع المدرسة أن تشرح للطلبة عن بعد ، عدا أن المراكز التعليمية كانت مغلقة كإجراء احترازي ضد تفشي الجائحة ".

كثير من الطلاب الفلسطينيين في الأردن لم يستطيعوا شراء بطاقات تخولهم حضور الدروس الالكترونية

لجأ بعض طلبة الثانوية العامة إلى دروس خصوصية إلكترونية عبر منصات تفاعلية يتقدم لها الطلبة، للحصول على محاضرات في المواد الدراسية المقررة لامتحانات التوجيهي، عبر بطاقات دفع مسبق من خلال الانترنت تشحن وتباع في مكتبات معينة.  

تقول بتول: إن هناك كثيراً من الطلبة لم يستطيعوا شراء هذه البطاقات واعتمدوا على التدريس الذاتي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع ثمنها، مما زاد العبء على الطالب فهو مطالب أن يكون مدرس وطالب في ذات اللحظة.

بتول واحدة من هؤلاء اضطرت أن تعتمد على نفسها وتنسى كل ما يتعلق بالمدرسة والهيئة التدريسية، وقسمت وقتها ما بين شرح ومذاكرة.

تصف التعليم الالكتروني بأنه تحد يومي يعيشه الطالب والأهالي بسبب ضعف خدمة الإنترنت وتردى الأوضاع المعيشية، إضافة إلى الضغط النفسي الناتج عنه.

رغم كل الصعوبات والتحديات التي واجهتها بتول واعتمادها على ذاتها في التعليم، ما عدا مادة اللغة الإنجليزية التي  جعلتها تستعين بمدرس خصوصي في الفصل الثاني لصعوبتها، بحسب ما تقول، "إلا أن السماء لا تتسع لفرحتها، فرحة النجاح التي لا تضاهيها أي فرحة".

سليمان لا يملك هاتفاً خاصاً أو كمبيوتراً وتكاليف الانترنت باهظة بالنسبة لعائلته

الحال مشابهة بالنسبة للاجئ الفلسطيني معاذ سليمان الذي يقطن في مخيم حطين الواقع  جنوب غرب الزرقاء في الأردن ، يقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنه "حصد معدل 94.10% في الثانوية العامة -الفرع العلمي، إلا أنه كان يتوقع أن يحصل على نسبة أعلى".

ويؤكد سليمان، أن سوء الوضع المالي لعائلته، من أصعب التحديات التي واجهته خلال العام الدراسي، مشيرًا إلى أنه اعتمد على ذاته في الدراسة، دون الرجوع للدروس الخصوصية.

ويوضح، أن التعليم عن بعد حرم طلبة الثانوية العامة من الحصول على ذات المستوى من التعليم، وذلك لاختلاف مستويات المعيشة لدى أهالي الطلبة.

ويشير سليمان إلى أنه لم يكن يمتلك هاتفاً ذكياً، أو جهاز كمبيوتر خاصاً به، ليسهل عليه العملية الدراسية، بالإضافة إلى صعوبة توفير الإنترنت بالجودة العالية نظراً لظروفه المادية الصعبة.

ويتابع: أن "ظروف التعليم عن بعد، زادت العبء النفسي على طلبة الثانوية العامة"، موضحًا أن التعليم الوجاهي يسهم في مضاعفة القدرة الاستيعابية للطالب "أغلب الطلبة لا تصلهم المعلومة بشكل كامل، إلا إذا كان التعليم وجاهيًا، على خلاف بعض الطلبة الذين اعتادوا على التعلم عن بعد، ولم يشعروا بفرق كبير" على حد قوله.

معاذ الذي يحلم في  دراسة الطب البشري أو طب الأسنان، أعرب عن استيائه من الآلية التي اعتمدتها  وزارة التربية والتعليم في التعليم عن بعد، والتي أثرت على احتمالية  حصوله على المعدل الذي يؤهله للقبول في كلية الطب.

 قدم معاذ  لمكرمة أبناء المخيمات حتى  تدعمه  بالقبول في كلية الطب، والمكرمة الملكية السامية لأبناء المخيمات تخصص مقعدًا للطالب وليست منحة دراسية.

إغلاق المدارس بسبب جائحة كورونا شكل ضغطاً نفسياً على الطلاب

 جومانة محمود تقطن مخيم سوف الذي يقع  بالقرب من آثار جرش الرومانية الشهيرة على بعد 50 كيلومتر إلى الشمال من عمان،  حصلت على معدل 95.9% وترتيبها الثانية على مدرستها والسادسة على محافظة جرش  في الفرع الأدبي.

تقول: إنه مع بدء الفصل الدراسي الأول انتشرت جائحة كورونا بشكل كبير وأغلقت المدارس مما أربك الطلبة،  ولم يعد بإمكاننا أن نتواصل مع المدرسين وأصبح الاعتماد على الطالب بكل شيء، حتى أصبح مدرس نفسه.

"عندما يكون الاعتماد عليك دون العودة للمدرسين للاستفسار منهم، في حال تعذر عليك فهم المنهاج التعليمي، يسيطر عليك الشعور بالإحباط والخوف، وهذا بدوره يؤثر على طموحك في حصد معدل مرتفع، لو فهمت غلط وشرحت لنفسي غلط راح يضيع كل جهدي وتعبي دون جدوى" كما وصفت .

إغلاق المدراس شكل ضغطاً نفسياً على جومانة وباقي الطلبة هي استطاعت أن تستعين بمدرس خصوصي في مواد اللغة الإنجليزية والرياضيات والحاسوب، أم غيرها بسبب تردي أوضاعه الاقتصادية والمعيشية إضافة إلى اغلاق المراكز التعليمية و صعوبة التنقل لم يستطيعوا أن يتعاونوا مع مدرس خاص مما أثر على تحصيلهم العلمي.

تضيف جومانة: إنهم كانوا في السابق يعتمدون على المعلمات والمعلمين  وهم ذوات كفاءة، أما في هذا العام  اعتمدوا على المنصة وتم منعهم من  التواصل مع المدرسات والمدرسين "المنصة لا تكفي لمشاهدة المادة أو حتي الاستفسار أو إعادة شرح نقطة غير واضحة، مما شكل قلقًا و ضغطًا نفسيًا على الطالب، عدا أن  الامتحانات جاءت صعبة، ونسبة النجاح أقل من السنة الماضية"

كانت الساعة تشير إلى السادسة وعشر دقائق صباحًا، حينما ظهرت نتيجة جومانة بعد محاولاتها المستمرة من الساعة 12 منتصف الليل دون جدوى تقول:في كل  عام  تظهر النتيجة قبل المؤتمر الصحفي الذي يعقد في العاشرة صباحًا، على خلاف ما حدث هذا العام، انتظرت  لساعاتٍ  طويلة  يتخللها الخوف والتوتر.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد