شهدت عدّة مناطق في الضفة المحتلة منذ مساء أمس الأحد وحتى اليوم الاثنين مواجهات عنيفة خاصّة في مدينة جنين وبلداتها ومُخيّمها، وذلك في ظل الهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال بحثاً عن بقيّة الأسرى الستّة الذين تمكّنوا من تحرير أنفسهم من سجن "جلبوع" الأسبوع الماضي.
وشهدت جنين وبيت لحم منذ صباح اليوم حملة مداهمات واعتقالات طالت مُخيّمي الدهيشة وعايدة للاجئين الفلسطينيين، وسط اندلاع مواجهات عنيفة في كلا المُخيّمين.
واندلعت مواجهات في مُخيّم الدهيشة جنوب بيت لحم عقب اقتحامه من قبل قوات الاحتلال، وتركزت في حي الضاحية ومحيطها، وقام الشبان برشق الحجارة والزجاجات الفارغة وعدد من الحارقات تجاه الجنود، الذين ردوا بإطلاق العيارات النارية والمطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن وقوع إصابات بالاختناق في صفوف الفلسطينيين، كما اقتحم جنود الاحتلال مجموعة من المنازل في المُخيّم، من بينها منزل الشيخ يوسف اللحام، وقد تم اعتقاله، علماً أنه أمضى أكثر من عشر سنوات في السجن.
كما شهدت بلدة الدوحة مواجهات مماثلة عقب اقتحامها، وقد تركزت في محيط مخبز الباشا ومنطقة سارية العلم، وأطلق جنود الاحتلال وابلًا كثيفاً من العيارات المطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع، وتعمدوا التضييق على الأهالي من خلال إقامة الحواجز المفاجئة وتحديد الحركة المرورية، فيما اقتحم عشرات الجنود مُخيّم عايدة شمالاً، وداهموا عدداً من المنازل وفتشوها، واعتقلوا الشاب عز الدين البداونة ونقله إلى جهة مجهولة.
ولاحقاً، اقتحمت أعداد كبيرة من الجنود في ساعات الصباح الأولى قرية أبو نجيم جنوب بيت لحم، مدعومين بأفراد من الوحدات الخاصة المتنكرين بالزي المدني، وتم اقتحام منزل الشاب حسن شوكة، الذي يطالب الاحتلال باعتقاله منذ شهر وداهم منزله عدة مرات، وحاصر جنود الاحتلال المنزل واعتلوا عدداً من أسطح البيوت المجاورة ونادوا عبر مكبرات الصوت بأن يسلم حسن نفسه، ومن ثم اقتحموا المنزل ولم يجدوه، فاعتقلوا والدته سلوى وشقيقيه محمد وموسى واعتدوا بالضرب عليهما وعلى شقيقتهما آلاء، قبل أن ينسحبوا من محيط المنزل، مخلفين دماراً في المحتويات.
جنين محاصرة
بدوره، أوضح نادي الأسير الفلسطيني، أنّ قوات الاحتلال داهمت مناطق مختلفة وخاصة محافظة جنين التي تم إحكام حصارها، حيث اقتحمت دوريات الاحتلال العسكرية بلدة كفردان مسقط رأس الأسير الذي انتزع حريته من سجن "جلبوع" أيهم كممجي، وحاصرت منزل والده الستيني فؤاد كممجي، واعتقلوا عماد شقيق أيهم الذي جرى نقله لجهة مجهولة.
ولفت إلى أنّ قوات الاحتلال حاصرت منزل عم الأسير المحرر كممجي في بلدة اليامون، وانتهت حملة التفتيش باعتقال قيصر كممجي ابن عم الأسير المحرر، وتخلل العملية انتشار مكثف للاحتلال برفقة الوحدات الخاصة التي واصلت عملياتها في جنين حتى صباح اليوم.
واقتحمت قوات الاحتلال بلدة يعبد قضاء جنين، وداهمت منزل عائلة الأسير المحرر مناضل يعقوب انفعيات الذي انتزع حريته من سجن "جلبوع"، وفرضت طوقاً عسكرياً واعتقلت والده يعقوب انفيعات (60 عاماً)، واحتجزت أسرته وأخضعتهم للتحقيق والاستجواب.
تفاصيل جديدة عن عملية "نفق الحرية"
ظهر اليوم، نشر موقع "واللا" العبري، تفاصيلاً جديدة حول عملية نجاح ستّة أسرى فلسطينيين فجر الإثنين الماضي من انتزاع حريتهم من داخل سجن جلبوع عبر نفق صغير، حيث نقل الموقع عن مسؤول كبير مطلع على التحقيقات التي تجري، أن أوّل من خرج من فتحة النفق كان زكريا الزبيدي ثم تبعه باقي الأسرى، وأحد الأسرى علق في فتحة النفق الضيق وساعده البقية على الخروج منه.
وبيّن الموقع أنّ "عملية الفرار" موثّقة بالكامل عبر الكاميرات الأمنية للسجن، وبقي الأسرى 20 دقيقة عند فتحة النفق قبل أن يتوجهوا إلى المنطقة الزراعية القريبة من السجن، ومن خلال التحقيقات تبيّن أنّ الحارس الذي كان يتابع الكاميرات الأمنية كان يشاهد التلفاز في غرفة التحكم دون أن ينتبه للكاميرات وما تسجله، وباقي الحراس لم ينتبهوا للتنبيه الذي تم تفعيله بعد نباح كلاب الحراسة، حيث يوجد تقنية لدى مصلحة السجون بإرسال تنبيه للحراس عندما تنبح الكلاب.
وتابع المصدر للموقع: قبل أيّام من تنفيذ العملية، اشتكى بعض السجناء للحراس من وجود رمال في "الصرف الصحي"”، إلى جانب أنه لوحظ لاحقاً وجود رمال في صناديق القمامة الخضراء الموجودة داخل السجن، ولفت عامل نظافة انتباه العديد من الحراس لهذه القضية لكنهم ردوا بأن "كل شيء على ما يرام".
انتهاكات بحق الأسرى المعاد اعتقالهم
من جهتها، أكَّدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أنّ الأسرى الأربعة المعاد اعتقالهم، تعرّضوا للضرب المبرح، إذ بيّنت الهيئة أنّ سلطات الاحتلال ترفض السماح للمحامين بلقاء الأسرى الأربعة قبل تاريخ 19 الشهر الحالي.
يُشار إلى أنّ الاحتلال أعاد اعتقال زكريا الزبيدي ومحمود العارضة ومحمد العارضة ويعقوب قادري بعد تمكّنهم من حفر نفق وانتزاع الحريّة من سجن "جلبوع"، فيما لا يزال أيهم كممجي ومناضل انفيعات أحراراً ويكثّف الاحتلال عمليات البحث عنهما.