في ظل الأزمة الاقتصادية الأسوء في تاريخ لبنان يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من ظروف تهدد حياتهم بفعل الانهيار المستمر للخدمات الصحية الضرورية، ونقص حاد في الموارد والخدمات الأساسية.

ورغم مرور شهور على هذا الوضع المتردي لا يزال اللاجئون دون خطة إنقاذ رسمية فلسطينية، أو استعداد لاتخاذ تدابير طارئة لحماية أرواح اللاجئين وتوفير الحد الأدنى من الموارد لبقائهم.

ومع استمرار الأزمة وغياب التدخل الفاعل صار انقطاع التيار الكهربائي والمياه صفة ملازمة لحياة اللاجئين في المخيمات خلال الشهور الأخيرة، كما صار الوصول للمحروقات الضرورية لتشغيل مولدات الكهرباء داخلها أمراً شبه مستحيل، فيما تماطل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في توفير الوقود اللازم لتفعيل الخدمات الأساسية.

ولا تستطيع المستشفيات والمرافق الطبية توفير الحد الأدنى من الخدمات العلاجية في ظلِّ الانقطاع شبه الكامل للكهرباء، وانقطاع الوقود اللازم لتشغيل المولدات الاحتياطية، وشح الأدوية والمستلزمات الطبية والارتفاع الهائل لسعرها إن توفرت، ما يجعل الوصول إليها شبه مستحيل بالنسبة لغالبية اللاجئين الفلسطينيين، بما فيها أدوية كبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة.

عشرات المهن لا زالت ممنوعة على اللاجئين الفلسطينيين بموجب قوانين العمل اللبنانية المجحفة، مع وصول نسبة البطالة 80% من مجموع قواهم العاملة، وتبدو الدولة عاجزة ولا تعطي أي أولوية لواجباتها المنصوص عليها دولياً تجاه اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها.

في ظل الأزمة لم تكف "أونروا" عن مواصلة سياساتها في تقليص الخدمات، ولا زالت ترفض إطلاق خطة طوارئ لإنقاذ اللاجئين من الكارثة التي تنال منهم يومياً، كما تنصل مديرها في لبنان "كلاوديو كودوني" من مسؤوليتها عن توفير المازوت للمخيمات، باعتباره أن الوكالة ذاتها تواجه صعوبات في توفير احتياجاتها الأساسية من هذه المادة.

ولا زالت جائحة "كورونا" تشكل تهديداً مميتاً لحياة اللاجئين يعجز القطاع الصحي المنهار عن مواجهته، وتبدو إمكانية تنفيذ عملية تطعيم شاملة للاجئين وسكان المخيمات مستعصية مع وجود العقبات السابقة، بجانب ما تركته من صعوبات اقتصادية إضافية أثرت على اللاجئين.

إن الالتزام الوطني تجاه هذه الجموع من أبناء الشعب الفلسطيني، يستدعي تحركاً وطنياً فلسطينياً عاجلاً على المستوى الرسمي والأهلي يضمن وجود خطة طوارئ إنقاذية وطنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، واتخاذ تدابير سياسية تكفل قيام وكالة "أونروا" والأطراف والمؤسسات الدولية المعنية بمسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينين.

إن ترك أبناء شعبنا تحت رحمة الإجراءات العقابية المسلطة على لبنان، والأزمة الاقتصادية التي تأكل أرواح اللبنانين والفلسطينين قبل جيوبهم هو إمعان في الإهمال المستمر لأوضاع اللاجئين الذي لا يمكن فصله عن الموقف من حقوقهم .

نضم صوتنا لصوت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في نداء موجه لجماهير الشعب الفلسطيني أولاً، والجهات الرسمية والقوى الفلسطينية ثانياً، من أجل اتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذ الموقف الكارثي:
1- إقرار خطة طوارئ رسمية فلسطينية إنقاذية للاجئين الفلسطينيين في لبنان تحمل بنوداً واضحةً في الجانب الإغاثي والسياسي.

2- نهوض القوى الوطنية الفلسطينية بواجبتها وفي مقدمتها التداعي لتشكيل هيئات ولجان وطنية مشتركة بهدف القيام بالأدوار المطلوبة في مواجهة الأزمة.

3- حملة عاجلة لتوفير المستلزمات الإغاثية الضرورية، خصوصاً على مستوى القطاع الصحي والمستلزمات الدوائية.

4- التحرك السياسي لتحميل الأطراف والمؤسسات الدولية ذات الصلة مسؤولياتها وفي مقدمتها وكالة "أونروا" التي تواصل سياسات التقليصات والتقصير والمماطلة في ظل هذه الكارثة.

5- تحمُّل المؤسسات الأهلية والمجتمعية الفلسطينية على امتداد مناطق انتشارها لواجبها الوطني تجاه اللاجئين الفلسطينين في لبنان من خلال مبادرات جادة تعمل على دعم صمود الفلسطينيين في هذا البلد.

6- ضرورة تحمل القطاع الخاص الفلسطيني لمسؤوليته الوطنية والاجتماعية في هذه الأزمة، وتحديداً في تأمين فرص عمل للفلسطينيين، وكذلك تأمين الأموال اللازمة لصندوق وطني مخصص لتلبية احتياجات اللاجئين وتوفير الموارد لتعزيز صمودهم.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد