قد يعتقد البعض أن جريمة اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة أمام الكاميرات وانتشار قصة اغتيالها في كبريات الصحف ووسائل الإعلام في العالم، قد يخفف قليلاً من الانحياز الحكومي الأوروبي للاحتلال الذي لا يشك عاقل في إدانته،  بيد أن الأمر لم يبدو كذلك في ألمانيا حيث يواجه الفلسطينيون قراراً بمنع إحياء فعاليات النكبة هذا العام بذرائع الخوف من نشاطات "معادية للسامية".

 في الوقت الذي تصر فيه المؤسسات الفلسطينية الفاعلة على الساحة الأوروبية عدم تمرير يوم ذكرى النكبة دون إحياء يرتقي إلى مستوى التضحيات التي قدمها الفلسطينيون طلية عقود النكبة، ويكون مناسبة للتذكير بالجريمة الأولى والكبرى التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني ومن دعمه من دول العالم في تهجير الفلطسينيين وقتلهم والاستيلاء على أرضهم، ثم المضي بكافة أشكال الجرائم من الاعتقال والتعذيب والتهويد والقتل الذي يعيشه الفلسطينيون يومياً.  

 فعاليات إحياء ذكرى النكبة في أوروبا تلقي الضوء على الجرائم الصهيونية

يقول رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا، فوزي اسماعيل: إنّ تنسيقاً يجري بين المؤسسات الفلسطينية للعمل على تجهيز مظاهرات ومسيرات في عدد من العواصم والمدن الأوروبية.

ويضيف لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ هذه الفعاليات ستبرز حقيقة ما يحدث من عملية تهجير عرقي واستيطان على أرض فلسطين، وتهدف إلى إيصال فكرة أنّ هذا الاستعمار لا يزال قائماً وما زالت عملية التطهير قائمة سواء في النقب أو القدس أو أيّ مكان على أرض فلسطين".

 في أوروبا، عادة ما يتم إلقاء الضوء على الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين من خلال ندوات وأفلام ولقاءات بالتعاون مؤسسات وقوى سياسية مؤيدة للشعب الفلسطيني وهذا الأمر بحسب اسماعيل يبرز التفافاً من قبل الجاليات العربية لمناصرة لقضية فلسطين ومن الأوروبيين.

يؤكد اسماعيل: أنّ "كافة جهود المؤسسات الفلسطينية في أوروبا تسير باتجاه خلق رأي عام أوروبي مناصر للقضية الفلسطينية وللرواية الحقيقة حول ما جرى عام 1948 قبله، مشيراً إلى تطور متصاعد في اتضاح الصورة للمجتمعات الأوروبية، بالرغم من أنّ الحكومات لا تزال تساند وتدعم الكيان الصهيوني بكافة الوسائل، سواء بتزويده بالمال والتكنولوجيا والسلاح. إلّا أنّ نسبة كبيرة من الشعوب الأوروبية صارت تعي حقيقة ما جرى.

188084231_268790051702629_4918898303166449603_n.jpg

 

ازدياد عدد اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا ساهم بحالة خلق وعي بالقضية الفلسطينية لدى المجتمعات الأوروبية

 يلفت اسماعيل إلى أن ازدياد عدد اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا، لا سيما بعد هجرة عشرات آلاف الفلسطينيين من سوريا إلى القارة الأوروبية ساهم في زيادة حالة الوعي داخل المجتمعات الأوروبية بحقيقة القضية الفلسطينية، ونشأتها والانتهاكات والاعتداءات التي ما يزال الفلسطينيون يتعرضون لها من قبل الاحتلال حتى اليوم.

يتحدث اسماعيل عن أهداف موجودة لدى الفلسطينيين في أوروبا تم تأطيرها من خلال المؤسسات الفاعلة وهي العمل على توحيد الشعب الفلسطيني سياسياً خلف حقوقه الثابتة كالتحرير والعودة وتقرير المصير والمشاركة السياسية، وذلك رغم تشتته الجغرافي.

يضيف أن الرسالة التي يودون إيصالها للاحتلال والعالم هي أن الشعب الفلسطيني حي مقاوم، وأنّ الجيل الفلسطيني الثاني والثالث يحمل راية المطالبة بحقّ العودة، وتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، أما الرسالة الثانية فهي إلى الفلسطينيين داخل فلسطين بأن جزءاً منك مشتت في أوروبا ولكنه داعم أساسي لصمودكم.  

من المخيم إلى كل دول أوروبا..  هي محطات نحو العودة

 هذا الشتات الفلسطيني في الدول الأوروبية  يرى فيه عضو منطقة السويد في حركة المسار الفلسطيني الثوري البديل إياد أبو العلا مصدر قورة يجب استثمارها سياسياً ووطنياً، وأن خارطة توزع الفلسطينيين في القارة الأوروبية تمثل فرصة لأن يستعيد الشتات الفلسطيني دوره الوطني المهمش يفعل اتفاقيات أوسلو، حسب تعبيره.

يقول أبو العلا: إن مسؤولية تقع على اللاجئين الفلسطينيين في نقل الرواية الفلسطينية المغيبة عن الساحات الخارجية فكل الساحات نراها ساحات عمل وطني، من المخيم إلى كل دول أوروبا هي محطات للعودة، مشيراً إلى أن الفلسطينيين خاصة القادمين من سوريا إلى أوروبا يحييون كل عام ذكرى النكبة وأسبوع النضال الفلسطيني ومناسبات وطنية فلسطينية كيوم الأرض في غالبية المدن السويدية (مالمو هلسنبوري فيخو يوتوبوري استوكهولم وأوبسالا)  كما كانوا يفعلون في مخيماتهم وهم على تفاعل متواصل مع ما يحدث داخل فلسطين.

162048197_1668640373343559_4107569763682580298_n.jpg

وتستعد عدد من الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية ومناصري القضية الفلسطينية لتنظيم مسيرة في مدينة توبوري يوم الأحد الذي يصادف ذكرى النكبة الرابعة والسبعين وتنظم يوم السبت مظاهرات عدّة منها في مدينتي فيخو وفيلسنبوري.

إلا أن هذه الفعاليات الفلسطينية تشهد بالمقابل تحركات معادية  من مؤسسات الحركة الصهيونية المنتشرة بشكل قوي في أووربا، ويقول أبو العلا: إنهم يحاولون التضييق على الناشطين الفلسطينيين والمناصرين الأوروبيين لفلسطين وتشويه النضال الفلسطيني وهذا ما يحدث في الغرب عموماً وليس أوروبا.

ويذكّر أن كندا من أيام طالبت بطرد الناشط الفلسطيني خالد بركات من أراضيها بتهم تتعلق بدعم المقاومة و تهم مزورة بما يسمى "معاداة السامية" مشيراً إلى أن التحركات المضادة "لن تستطيع تخويفنا وعليه قررت شبكة صامدون وعدد من المؤسسات الفلسطينية بزيادة نشاطها الميداني في المرحلة المقبلة".

التحرير والعودة والمشاركة في النضال السياسي مفردات حاضرة على أجندة الفلسطينيين في أوروبا

يرى معظم الفلسطينيون في أوروبا يوم الخامس عشر من أيار / مايو يوماً للنضال الفلسطيني من أجل العودة والتحرير وهذا ما يؤكده ممثل شبكة صامدون في بروكسل محمد الخطيب.

يبدو أن التحرير والعودة والمشاركة في النضال السياسي مفردات حاضرة في أجندة الفلسطينيين في أوروبا، يترجمونها من خلال تجمعاتهم ومحاولات خلق فعل سياسي يمارسونه بأنفسهم وأيضاً يحاولون تأطير هذا الفعل ضمن مؤسسات وهيئات انتشرت باضطراد على الساحة الأوروبية.

ورغم عدم إيجاد صيغة واضحة لتوحيد الجهود الفلسطينية في أوروبا إلا أن هذا الهدف يستمر بالحضور جلياً، وبحسب الخطيب: فإن ذكرى يوم النكبة مناسبة هامة لتجديد الدعوة إلى ضرورة النّضال المُوحَد، والمُضي قُدماً نحو تأسيس جبهة وطنية فلسطينيّة عربية مُوحّدة تُشارك فيها كل فئات وقطاعات الشعب الفلسطيني، وتقودها قوى الثورة والمقاومة الفلسطينيّة والحركات الشبابيّة والنسوية والعمالية في الوطن والشتات.

186570741_267548978493403_7293687301340726765_n.jpg

يضيف الخطيب: أن دوره ورفاقه في شبكة صامدون هو العمل المستمر مع كل القوى والفعاليات الشعبية لاستعادة دور الشعب الفلسطيني في الشتات وتحمل المسؤولية تجاه الفلسطينيين في الأرض المحتلة عبر فضح جرائم الاحتلال على الأقل للمستوى الشعبي الأوروبي، مشيراً إلى أنه رغم الشتات الجغرافي إلا أن الفلسطينيين شركاء في مشروع المقاومة والتحرير، وهذا يتطلب العمل على اعادة بناء المؤسسات الوطنية وتنظيم الجاليات الفلسطينية ودعم صمود الشعب المحاصر في مخيمات اللجوء واستعادة الدور السياسي والنضالي الذي حرم منه اللاجئون الفلسطينيون.

ووفق الخطيب فإن التاثير في الرأي العام العالمي، لكن هناك دور مختلف اليوم للجاليات الفلسطينية في اوروبا وأميركا الشمالية وحول العالم، لا يقتصر على التاثير في الرأي العام، بل أيضا في فضح دور الاتحاد الأوروبي على اعتباره مؤسسة استعمارية تمد الكيان الصهيوني في المال والسلاح وبمختلف الإمكانيات الاقتصادية والعلمية، وأيضاً فضح ومواجهة الجامعات والشركات التي تقدم الدعم المباشر وغير المباشر للعدو الصهيوني، والمشاركة في حملات المقاطعة وفي كل أشكال والتمسك بالحقوق وعلى رأسها المقاومة والعودة وتحرير فلسطين من النهر للبحر.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد