نظّمت مجموعة من الناشطين الفلسطينيين واللبنانيين مساء أمس الإثنين 8 آب/ أغسطس، مسيرة ووقفات احتجاجيّة أمام السفارة المصرية والإماراتية في العاصمة اللبنانية بيروت، نددت بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر، وأكدّت على دعم المقاومة الفلسطينية المسلحة، واستنكرت مجازر الاحتلال الصهيوني المتواصلة، وسياسة التصعيد ضد الفلسطينيين وتطبيع الأنظمة العربية مع الاحتلال.
وبدأ المسير بالتجمّع تحت جسر الكولا، متوجّها نحو السفارة المصرية عند المدينة الرياضية، واستكمل نحو سفارة الإمارات في منطقة الرملة البيضاء، حيث رفع المشاركون لافتات كتب عليها: "موحّدون في الساحات ضد الاحتلال والأنظمة العربية المطبّعة"، "فلسطين أمانة والتطبيع خيانة"، "قاوم العدو ولا تساوم"، وهتفوا هتافات تندّد بالتطبيع وتنسيق السلطة الفلسطينية مع الاحتلال وتتغنّى بالمقاومة المسلحة والعمليات الفدائية، وتؤكّد على فعالية دور اللاجىء الفلسطيني في الشتات حيث كان أبرزها "مين قال اللاجىء مات، هيو بيهتف بالساحات".
الرد على خطاب الحياد
وعن تنظيم المسير والتظاهرة والبُعد السياسي الذي حملته، قالت إحدى المنظمات، الناشطة اللبنانية رهف دندش لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "نحنا نزلنا لحتى نفرض ونرجّع خطاب مُغيّب صرلو فترة عن الساحة بما يخص دور الدول العربية والمطبّعة الذي لا يختلف عن دور الاحتلال في جرائمه التي يرتكبها ضد الفلسطينيين، ولإنه مش مقبول كل م يكون في عدوان على غزّة ما يكون في أي حركة تضامنية بالشارع."
وأشارت دندش، إلى أنّ الحراك عادةً يكون في قلب المخيمات، الّا أنّ النشطاء يسعون أن يتوسع إلى أن يكون خارج المخيّمات ايضاً، "وتكون من أفراد لبنانية وفلسطينية لحتى نقول نحنا مش ناسيين، بهمنا نكون عم نستهدف السفارات المطبعة وساقبت بلّشنا اليوم بالمصرية والإماراتية لإنهم قراب على بعض وبالتالي في إمكانية تنظيم مسير بيوصل السفارتين وبنفس الوقت يوصل للعالم الي بالشارع وعالطريق من خلال الهتافات". حسب قولها.
وأضافت دندش، أنّ الهتافات ليست فقط ضد الحكومات المطبّعة، بل هي أيضًا تتوجه وتدعم الشعوب العربية التي غالبًا ما تتظاهر ضد التطبيع سواء في السودان أو المغرب أو حتى الأردن في مظاهرات شعبه ضد صفقات الغاز مع الاحتلال، وقالت: "بنعرف انه في عالم عم تجرّب تقاوم التطبيع بكل البلدان العربية على قد م الوضع بيسمحلها ورغم كل شي عم تمرق فيه، وهاد الخطاب مهم يكون موحّد ومهم إعادة إحيائه بكل الدول العربية".
وأكّدت دندش على أهمية هذه التحرّكات على صعيد الساحة اللبنانية لأنها تواجه وترد على خطابات رائجة عدّة أهما خطاب الحياد اللبناني عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخطاب ضرورة التركيز على الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان حاليًا والنأي عن أي قضايا أخرى.
وأضافت: "من المهم توضيح أننا ندعم المقاومة الفلسطينية المسلحة والمقاومة بكل أشكالها ضد الاحتلال بلا م نفكر مرتين حتى".
تطبيع فكرة التظاهر لفلسطين خارج المخيمات
وفي الحديث عن أهمية تنظيم تظاهرات تتخطّى حدود المخيّمات، قالت الناشطة الفلسطينية وهي إحدى منظّمات المسير، رنا مكّي، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إن الهدف من المسير هو تطبيع فكرة التظاهر في لبنان من أجل فلسطين وخارج المخيّم، وكسر حاجز الخوف والتخويف والوهم الذي طالما زرعوه فينا منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، مشيرةً بذلك إلى سياسة تسكيت الفلسطينيين سياسيًا المتعبة في لبنان والمنفّذة بالتعاون مع الفصائل الفلسطينية التي تسعى أيضًا بدورها إلى "إسكاتنا وتخلق لنا تخويفات لمنعنا من المشاركة في العمل السياسي ومن ضمنه التخويف من الخروج من المخيّم"، حسب قولها.
وأوضحت سياسة التسكيت قائلة: "نحنا نفسنا أوّل ما بدأنا نتظاهر برّا كنا نموت من الخوف، بس بعدين اكتشفنا إنه عادي فينا نتظاهر وذلك بعد تجربتنا مع عدة مظاهرات، وإنه التظاهر هو حقنا متلنا متل أي لبناني".
واعتبرت مكّي أنّ "حصر نشاطنا، ووجودنا وكينونتنا كفلسطينيين ضمن حدود المخيّم فقط، وكأنه نحنا بس مسموح نشوف بعض وما حدا غيرنا يشوفنا، هو أكبر خيانة للقضية الفلسطينية وكلنا عم نشارك بتعزيز هالشي."
وشرحت، أنّ الهدف من فعل التظاهر ليس تحقيق المطالب المنادى بها بالتظاهرات وحسب والتي قد تبدو بعيدة المنال، بل التظاهر نفسه من هدفه أن يكسر "ويلبّك" ويقحم بخطابه الحياة اليومية الاعتيادية للناس في الشارع، وأنه إحدى الطرق للتثقيف، سواء تنثقيف المتظاهرين أنفسهم أو الناس من حولهم والتي من الممكن أن تساهم في تجييشهم، ولذلك من المهم جدًا بالنسبة لمكّي التظاهر في أماكن مكتظة خارجًا مثل جسر الكولا، وهي النقطة التي بدأ فيها المسير.
الهدف أيضًا هو تذكير العالم بفلسطين وذلك بعدما اختفت تقريبًا القضية من الحيز العام، وذلك سواء بسبب المحاربة الدائمة لها من قبل مجموعات الحياد والخط الآخر الذي يعتقد انه استحوذ على القضية
أمّا على صعيد الساحة اللبنانية، فاعتبرت مكّي أنّ الهدف أيضًا هو تذكير العالم بفلسطين وذلك بعدما اختفت تقريبًا القضية من الحيز العام، وذلك سواء بسبب المحاربة الدائمة لها من قبل مجموعات الحياد والنأي بلبنان عن صراعات المنطقة أو بسبب الخط الآخر الداعم لحزب الله والذي يعتبر أنّه بإمكانه الاستحواذ على القضية وتحييدنا كفلسطينيين في لبنان، حسب رأيها.
تضيف مكّي أنّ الخروج من المخيّم ومشاركتنا في تظاهرات خارج حدوده وحواجزه هي أهم جزء ويجب تكرار مثل هذه التظاهرات من أجل استرجاع الساحة اللبنانية حيث تقول: "لازم كلمة فلسطين تضل حاضرة، القضية الفلسطينية، المطالب الفلسطينية، الهموم... 3 أيام حرب نحنا مش نايمين وقاعدين طول نهار عم نحضر اخبار ونتابع بوقت في كتير لبنانية وحتى فلسطينية مش فارقة معن ومش عم بتابعه".
وتتابع: "عادةً ما نلوم الإعلام بس نحنا كمان دورنا ممكن يكون بسيط، مجرد النزول إلى مظاهرات في الشارع، وعدم خسارة الحيز العام يلي هو أبسط شي ممكن نوصله، متل م الإعلام بغطّي القضية لازم بالشارع هاي القضية تكون موجودة كمان".
وعن التظاهر أمام السفارات تحديدًا تقول أننا في السابق كنّا نحتار في مكان التظاهر عند كل عدوان او حدث في فلسطين، أمّا في العدوانيين الآخرين فكان واضحًا أنّ الهدف هو سفارات الدول والأنظمة العربية المطبّعة، فخلال السنة الماضية، شهدنا عامًا مكثَفًا بالتطبيع، ولم نستطع فعل شيئًا، لذلك استراتيجية تهديد السفارات مهمة لدحر السفارات وفكرة التطبيع وللضغط على دولها.
وعن السفارة المصرية قالت الناشطة الفلسطينية سيرين النابلسي: إنّ النزول أمام سفارة مصر تحديدًا سببه أنّ مصر هي أولى الدول التي باشرت بالتطبيع منذ كامب ديفيد أوائل السبعينات، وبسبب الحصار الذي يفرضه النظام المصري على قطاع غزة، ومعرفة مصرمسبقًا بالاستهداف الذي كانت تنويه إسرائيل من أجل شن عدوان على القطاع، وأيضًا لأن مصر تتدخَل من أجل تسوية وتهدئة فقط بعدما يحقَق الاحتلال أهدافه، مؤكدةً أنّ التظاهرة ضد الأنظمة المطبعة وليس شعوب هذه الدول، الانظمة التي تساهم بالاحتلال والحصار وقتل الأطفال والمناضلين.
وكان المنظمون قد دعوا الجميع للتحرك في مناطقهم ومخيماتهم ومشاركتهم تظاهرة أمس وتنطيم تحركات تدعم شعبنا في غزة.
يّذكر أنّ الاحتلال الصهيوني كان قد شنّ عدوانًا على غزة، استمر لمدة ثلاثة أيّام، ارتقى خلاله 46 فلسطينيًا/ةً بينهم 15 طفلًا وطفلة وأدى إلى إصابة 360 آخرين بجروح مختلفة، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.