قالت منظمة الهجرة الدولية في تقرير لها نشرته أمس الأربعاء 26 تشرين الأول/ اكتوبر إنّها وثقت 29 ألف حالة وفاة أثناء رحلات الهجرة غير النظامية باتجاه القارة الأوروبية منذ العام 2014 حتّى العام 2021 الفائت. وأشارت ضرورة توفير مسارات آمنة للهجرة.
التقرير الذي قام به " مشروع المهاجرين والمفقودين" التابع للمنظمة، أورد أنّ ما لا يقل عن 2836 حالة وفاة واختفاء، جرت على مسار البحر المتوسط خلال العام 2021 فقط، مشيرةً إلى زيادة عمّا كانت عليه بين العامين 2019-2020.
وفيات الطرد القسري عبر المتوسط
وأورد التقرير، أنّ 252 مهاجراً على الأقل، قضوا في عمليات الطرد القسري التي تقوم بها السلطات الأوروبية منذ العام 2021 حتّى 24 أكتوبر 2022 الجاري، والمعروفة ايضاَ باسم " عمليات الإعادة" حسبما أشارت المنظمة.
وقالت المنظمة، إنّه تم توثيق الوفيات المرتبطة بالاستجابة في وسط البحر الأبيض المتوسط (97 حالة وفاة منذ عام 2021)، وفي شرق البحر الأبيض المتوسط (70 حالة وفاة)، وعلى الحدود البرية بين تركيا واليونان (58 حالة وفاة)، وفي غرب البحر الأبيض المتوسط (23 حالة وفاة).
كما أشارت إلى توثيق 4 وفيات على الحدود بين روسيا البيضاء وبولندا. يذكر أنّ هذه النقطة مثّلت مساراً للمهاجرين غير النظاميين ولا سيما من سوريا، وجرى توثيق وفاة لاجئة فلسطينية مهجّرة من سوريا، بسبب تردي الظروف الإنسانيّة هناك.
الّا أنّ المنظمة قد أشارت ايضاً، إلى استحالة التحقق من مثل هذه الحالات التي وقعت عند الحدود البيلاروسية البولندية بالكامل، "بسبب الافتقار إلى الشفافية، ونقص الوصول إلى المعلومات، والطبيعة المسيّسة للغاية لمثل هذه الأحداث، وبالتالي من المحتمل أن تكون هذه الأرقام أقل من العدد الحقيقي للوفيات."
زيادات في عدد الوفيات منذ 2021
ولفتت المنظمة في تقريرها، إلى توثيق زيادات في عدد الضحايا على العديد من الطرق باتجاه أوروبا الأخرى غير البحر المتوسط، منذ عام 2021 الفائت مقارنة بالسنوات السابقة، ولا سيما عند الحدود البرية بين تركيا واليونان.
وتم توثيق (126) حالة وفاة عند الحدود التركية اليونانية، و(69) على طريق غرب البلقان)، و(53) عند معبر القناة الإنجليزية، وعلى حدود بيلا روسيا والاتحاد الأوروبي (23) ووفيات الأوكرانيين الفارين من الصراع الأخير (17).
الجدير بالذكر، أنّ مسارات البحر المتوسط باتجاه أوروبا، وكذلك الطرق البريّة بين تركيا واليونان، تشهد حركة نشطة للمهاجرين الفلسطينيين سواء الفارين من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية في سوريا ولبنان، وكذلك القادمين من قطاع غزّة.
وأشار التقرير، إلى أنّه "على كل من هذه الطرق الخارجية الطويلة والخطيرة، من المرجح جدًا أن تكون بيانات العام الحالي غير مكتملة نظرًا للعملية كثيفة العمالة للتحقق من "حطام السفن غير المرئي" المتكررة للغاية - وهي الحالات التي تُفقد فيها قوارب بأكملها في البحر دون أن يجري أي بحث أو إنقاذ."
وأضاف، أنّ "الفشل الهيكلي في توفير مسارات آمنة مناسبة، تُظهر سجلات مشروع المهاجرين المفقودين أن العديد من الوفيات على طرق الهجرة إلى بلدان المقصد في أوروبا كان من الممكن منعها من خلال المساعدة السريعة والفعالة للمهاجرين الذين يعانون من المحن."
تحديد 4 جنسيات للضحايا على طريق أوروبا والبقية مجهولون
وأشار التقرير، إلى أن معدلات تحديد هوية الضحايا على طرق الهجرة إلى أوروبا وداخلها أقل مما هي عليه في مناطق أخرى من العالم.
وفي أمثلة أوردها، قال التقرير إنّه في وسط البحر الأبيض المتوسط، تم تحديد جنسيات 4 فقط من أصل 59 شخصاً (7%) ماتوا قبالة سواحل أوروبا في عام 2021، مما يعني أن هويات 55 شخصًا الباقين من المحتمل أن تظل غير معروفة. حسب التقرير.
ولفت التقرير إلى انّ ذلك الرقم، أقل بكثير من أولئك الذين لقوا حتفهم قبالة سواحل شمال أفريقيا، عند معبر وسط البحر الأبيض المتوسط، حيث تم تسجيل 457 من أصل 1508 مهاجر (30%) في بلد منشأ معروف.
وتابع، أنّه تم إدراج أكثر من 17000 شخصاً فقدوا حياتهم على الطرق المؤدية إلى أوروبا وداخلها بين عامي 2014 و2021 دون أي معلومات عن بلد المنشأ، "وهي تفاصيل تعريف رئيسية تلقي الضوء على الخسارة التي لم يتم حلها لعدد لا يحصى من العائلات التي تبحث عن أقارب مفقودين فقدت في رحلات الهجرة إلى أوروبا." بحسب التقرير.
ودعت منظمة الهجرة الدولية في تقريرها، الدول في أوروبا وخارجها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لإنقاذ الأرواح وتقليل الوفيات أثناء رحلات الهجرة.
وقالت المنظمة: "يجب على الدول أن تحافظ على الحق في الحياة لجميع الناس من خلال منع المزيد من الوفيات والاختفاء. وينبغي أن يشمل ذلك إعطاء الأولوية للبحث والإنقاذ في البر والبحر، بما في ذلك إنهاء تجريم الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تقدم المساعدة الإنسانية للمهاجرين المعرضين للخطر. في نهاية المطاف، من أجل إنهاء وفيات المهاجرين، يجب على الدول مراجعة تأثير سياسات الهجرة الخاصة بها لضمان الهجرة الآمنة، وتقليل أي مخاطر وفاة أو فقدان المهاجرين."
يأتي ذلك، في ظل ارتفاع الطلب على الهجرة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين سواء اللاجئين في مخيمات لبنان أم سوريا، أم الفلسطينيين من أبناء قطاع غزّة، الذين يقصدون طرق الهجرة عبر المتوسط والطرق البريّة بين تركيا واليونان، ما يؤدي إلى وقوع العديد من الضحايا.
وكانت معدلات الهجرة التي تنطلق من لبنان ومخاطرها، استدعت من 3 وكالات تابعة للأمم المتحدة، وهي المنظمة الدوليّة للهجرة، والمفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين "UNHCR" ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" المجتمع الدولي، الدعوة للـ "العمل على تعزيز سبل الوصول إلى مسارات بديلة أكثر أمانا لمنع الناس من اللجوء إلى رحلات محفوفة بالمخاطر." وذلك بعد كارثة تحطم مركب قبالة سواحل سوريا يقل مهاجرين انطلقوا من لبنان عبر المتوسط، وراح ضحيته العشرات في أيلول/ سبتمبر الفائت.
ويتوقع مراقبون، ازدياد حالات وقوع ضحايا بين طالبي اللجوء عبر المتوسط، ولا سيما من اللاجئين الفلسطينيين، بعد أن كشفت مديرة الإغاثة والخدمات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" دوروثي كلاوس إنّ 40 % من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يفكّرون بالهجرة، بعد ارتفاع معدلات الفقر.