ألمانيا - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تستمر أزمة اللاجئين في ألمانيا بالتأرجح، ما بين إشارات ضعيفة لقبولهم في المجتمع الألماني، وأخرى تسعى لترحيلهم، فبعد القرار الذي يقضي بقانونية "الحماية الجزئية"، وهي الحماية المحدودة التي لا تتيح للاجئين حق لم شمل أسرهم، مروراً بالمضايقات والاعتداءات التي يتعرّض لها اللاجئون من وقت لآخر، والرفض الواضح من اليمين الألماني لتواجدهم، بالإضافة للعوائق التي تزيد من صعوبة تخطّيهم لمسألة النزوح، والبدء بحياة جديدة في ألمانيا، من ناحية العمل والتعليم والسكن وغير ذلك، تلجأ الحكومة الألمانيّة اليوم لطريقة جديدة للتخلّص من اللاجئين.
أطلقت الحكومة الألمانيّة برنامجاً جديداً، لصرف معونات ماليّة سيستفيد منها اللاجئون الذين يُقرّرون طواعيةً العودة إلى أوطانهم، وخصصت ما لا يقل عن أربعين مليون يورو إضافية ستُصرف خلال العام الجاري.
وكانت وزارة الداخلية الألمانيّة أعلنت الأربعاء الأول من شباط، برنامج "شتارتهيلفه بلوس" الذي يقضي بتخصيص الحكومة الألمانية من خلال هذا البرنامج، 40 مليون يورو لمساعدة اللاجئين الذين يُقررون إنهاء إجراءات اللجوء والعودة إلى أوطانهم.
بموجب البرنامج، سيتم منح 1200 يورو لكل لاجئ يزيد عمره عن 12 عاماً، ويقرّر سحب طلب لجوئه والعودة إلى بلاده، ومنح 800 يورو لكل لاجئ مرفوض يُقرّر العودة إلى بلاده وعدم الطعن على قرار رفض الطلب في المدة المقررة.
يأتي ذلك، في الوقت الذي نجح عدداً من اللاجئين الفلسطينيين السوريين وغيرهم من السوريين، بطعون مقدّمة ضد قرار المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، المتعلّق بحصولهم على إقامة الحماية المؤقتة، أي إقامة لمدة سنة واحدة.
حسب صحيفة "دي فيلت" الألمانيّة، فإنه في منتصف كانون الأول وصل عدد الطعون المقدّمة ضد الحكومة الاتحادية إلى ما يقارب (36) ألف طعن، بمعظمها من اللاجئين السوريين الذين حصلوا على صفة الحماية المؤقتة.
وذكرت الصحيفة الألمانيّة أن نسبة نجاح هذه الطعون (89%)، مشيرةً إلى أن (4718) محاكمة طعون أجريت، من إجمالي الطعون المقدمة والتي تم الحكم فيها، وربح اللاجئون (4167) حالة، وهذا يعادل نسبة (88%) من الطعون المقدمة بالنسبة لجميع اللاجئين، و(89%) للاجئين السوريين.
وتسعى الحكومة الألمانيّة من خلال برنامجها الجديد، إلى زيادة أعداد اللاجئين العائدين طوعاً، وأكّد وزير الداخلية توماس دي ميزير، أن "الرحيل الطوعي يمثّل بالنسبة لكل الذين ليس لهم فرص للبقاء، السبيل الأفضل من الترحيل"، وأضاف الوزير أنّ الحكومة ستستبعد بعض اللاجئين المنحدرين من دول بعينها، مثل منطقة غرب البلقان وذلك لتفادي إساءة استخدام هذا البرنامج.
يُذكر أنّ وزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرج الجنوبية الألمانية، توماس ستروبول، كان قد طرح خطّة، تهدف لترحيل 500 ألف مهاجر غير شرعي خلال عام 2017، إلى مركز للإيواء يتم إنشاءه في مصر، يستقبل اللاجئين العالقين في البحر المتوسط، واللاجئين المطرودين من ألمانيا، حسب موقع "اكسبرس" البريطاني.
وكان الوزير الألماني أوضح خطّته في مقال نشره في تشرين الثاني بصحيفة ألمانيّة، وشارك خطّته وزراء داخلية ولايات ألمانيا، عبر ورقة بعنوان "من يفقد حقه في الإقامة يجب أن يرحل"، حسب صحيفة "صنداي اكسبرس" البريطانية.
وأشار الوزير في ذلك الوقت، إلى أهمية استحداث أدوات جديدة لترحيل 500 ألف شخص يقيمون في البلاد بشكل غير شرعي، وإلا فإن ثقة الألمان في حكم القانون ستهتز.
حسب بيان صدر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في نهاية تشرين الثاني الماضي، استحدثت ألمانيا نظاماً للفحص الأمني على الحدود مع النمسا، ما تسبّب في منع المئات من طالبي اللجوء من دخول البلاد، ومصادرة الأغراض الثمينة للاجئين في بعض المناطق، فضلاً عن تعرّض اللاجئين وطالبي اللجوء ،لاعتداءات خطيرة وهجمات على التجمعات السكنية الخاصة بهم.
وعلى الرغم من سياسة "الباب المفتوح"، التي انتهجتها المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل تجاه اللاجئين، إلا أنّه مع مرور الوقت، بدأ هذا الترحيب بالتلاشي شيئاً فشيئاً مقابل تعالي الأصوات المناهضة للاجئين.
وكانت قد دعت زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" فراوكة بيتري، التي تمثل اليمين المتطرف في ألمانيا، قبل أشهر، أنّ على برلين إرسال المهاجرين الذين يتم رفض طلبات لجوئهم، والمهاجرين غير الشرعيين إلى جزر خارج أوروبا.
وخلال شهر أيلول الماضي، تظاهر العشرات من أنصار اليمين المتطرف في ألمانيا رفضاً لوجود اللاجئين في الأراضي الألمانية، مرددين شعارات تطالب بطرد اللاجئين والمهاجرين، تزامناً مع تحقيق حزب "البديل من أجل ألمانيا" تقدماً في الانتخابات المحلية في البلاد، وكانت قد تزايدت في ذلك الوقت الاعتداءات العنصرية ضد اللاجئين، من قبل عناصر يمينية متطرفة، في ظل تنامي الحركات المناهضة للاجئين.