على وقع تصريحات تركية رسمية تشير الى قرب عقد لقاءات بين الجانب التركي، والنظام السوري، لبحث مسألة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، تبرز تخوفات مئات الأسر الفلسطينية المهجرة في مناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة المعارضة، من مغبة إعادة قسرية دون ضمانات على أمنهم وخصوصية أوضاعهم كلاجئين فلسطينيين.
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد قال في تصريح له قبل أيّام: إنه بصدد عقد لقاء مع نظيره السوري منتصف شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، "لبحث تعاون النظام السوري مع تركيا في مسألة إعادة اللاجئين السوريين من تركيا على سوريا."
ورغم ما أضافه جاويش أوغلو، على سبيل "تطمينات" حول عدم اتخاذ اجراء "تطبيعي مع النظام" دون موافقة المعارضة، الّا أنّ ذلك لم يمنع بروز مخاوف لمئات الفلسطينيين على مصيرهم، وهو ما اوضحه أحد اللاجئين المهجرين في الشمال السوري لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين."
وقال اللاجئ الذي طلب عدم ذكر اسمه: إنّ اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في الشمال السوري يتخوفون على مصيرهم مثل السوريين، نظراً لغياب ضمانات حول أمنهم في حال العودة، علماً انّ معظمهم مطلوبون للخدمة العسكرية، حسبما أشار.
وتساءل اللاجئ، عن شروط الإعادة إلى مناطق النظام، أو مصيرهم في حال افضت المباحثات إلى تسلم النظام السوري السيطرة على مناطق الشمال، وما إذا ستتوفر ضمانات لعدم ملاحقهم بتهم مختلفة تبدأ بالتخلف عن السوق إلى الخدمة الإلزامية، وتنتهي بتهم بـ " الإرهاب."
وأكّد اللاجئ المهجر، أنّ معظم من اختاروا الهجرة باتجاه الشمال، قرروا ذلك مدفوعين بأسباب قسريّة، وعلى رأسها دمار مخيماتهم التي تضم مصادر رزقهم ومنازلهم، كاليرموك وخان الشيح ودرعا وسواها، وعدم امتلاكهم القدرة على استئجار منازل في مناطق أخرى، ما اضطرهم لقصد المخيمات التي اعدت لاستقبال المهجرين.
وكان نحو ألفي لاجئ فلسطيني قد شاركوا الآلاف من أبناء مناطق جنوب دمشق، عام 2018، في خيار الهجرة باتجاه الشمال السوري، ودفعهم إلى ذلك حينها، عدم توفير ضمانات لهم تحميهم من الملاحقة والاعتقال، في وقت كانت تجربّة مخيّم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين مع التسوية التي أبرمت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، ماثلة في أذهانهم، نظراً لما شهده المخيم من اعتقالات ومصادرات لمنازل لاجئين اتهموا بالمشاركة بالأحداث التي اجتاحت المخيم منذ العام 2013 في إطار الحرب السوريّة.
وفي إيضاح سابق، من أحد النشطاء الفلسطينيين في جنوب دمشق الذين اختاروا قرار الرحيل إلى الشمال، قال اللاجئ عمار قدسي لموقعنا، إنّ اللحظات الأخيرة قبل اتخاذ القرار بالرحيل بالنسبة للفلسطينيين، كانت شديدة الصعوبة، حيث كان الجدل بين خيار البقاء أو الرحيل محتدماً بين الناس، إلى أنّ جرى حسمه حين أخبرتهم اللجنة المخصصة لذلك حينها، بأنّ موضوع البقاء من عدمه هو خيار شخصي، دون توفير ضمانات للاجئين الفلسطينيين بعدم التعرّض لهم أمنيّاً.
وأشار قدسي، أنّ ما عزز الحسم باتجاه الرحيل، هو تواصل قد جرى مع “منظمة التحرير الفلسطينية" حينها، حول توفير ضمانات للاجئين الفلسطينيين تحميهم من الملاحقة الأمنيّة والاعتقالات، وكان ردّها آنذاك " لا يوجد ضمانات، فأنتم تعيشون تحت مظلة الدولة السوريّة، وستخضعون للقوانين والإجراءات المتبّعة فيها".
وأثارت الأنباء حول تطبيع العلاقات التركية مع النظام السوري، غضب مئات الالاف من السوريين المهجرين من مناطقهم، ويقطنون في ادلب والمناطق الشمالية، وشهدت تلك المناطق منذ مطلع العام، تظاهرات حاشدة عبّرت عن رفض اللاجئين المهجرين السوريين، لأي تسوية مع النظام على حساب أمنهم الشخصي.
ويقطن في مناطق الشمال السوري قرابةَ 1500 عائلة فلسطينية مهجّرة، بحسب أرقام غير رسميّة، وهجرت معظم هذه العائلات من مخيّمات اليرموك وخان الشيح وجنوب دمشق وحلب والغوطة وسواها، وتقيم في مخيمات وبلدات شمالي سوريا الخارجة عن سيطرة النظام السوري، وتعيش أوضاعاً مأساوية وسط تهميش من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وفصائل منظمة التحرير.