النمسا - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تقرير : وليد صوان
ما إن انتهت معاناة وخطورة طريق الوصول إلى أوروبا، حتى بدأت معاناة من نوع آخر تتمثل بالحصول على سكن لائق في عدد من دول القارة العجوز، حيث يتطلب الأمر دفع مبالغ كبيرة، بسبب عجز عدد من الدول عن مساعدة جميع اللاجئين بتأمين مسكن لهم، وتفضيل بعض اللاجئين السكن في المدن، ليتحولوا إلى ضحايا عمليات نصب.
طارق لاجئ فلسطيني قدم من مخيم اليرموك إلى النمسا قبل نحو عام ونصف، حيث حصل على قرار اللجوء قبل أشهر قليلة في مقاطعة تيرول، وانتقل إلى العاصمة فيينا ليستقر فيها.
يقول طارق لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "تعرضت لاستغلال مادي كبير، كالكثير من اللاجئين، خاصة من قبل السماسرة العرب، فاضطررت أنا وغيري لدفع ثلاثة أضعاف أجرة البيت كتأمين، وضعفي الأجرة لأحد المكاتب العقارية، إضافة إلى مبالغ السماسرة العرب الذين طلبوا نقوداً إضافية مقابل تأمين شقة سكنية".
ويضيف "حصلت على منزل يحتوي غرفتين بعد معاناة، بإيجار شهري يبلغ 800 يورو، ودفعت حوالي 5 آلاف يورو سمسرة وأجرة تأمين، ما دفعني لإسكان أصدقائي معي وأخذ أجرة منهم لأخفف الاعباء المالية عني وأعوِّضَ ما دفعته".
حالات كثير مشابهة لطارق عرضتهم لاستغلال السماسرة العرب، نتيجة عدم تحدث اللاجئين اللغة الألمانية، واشتراط أصحاب البيوت النمساويين لعقد عمل للمستأجر، وهو غير متوفر لدى اللاجئين، خاصة الحاصلين حديثاً على حق اللجوء.
نضال عز تحدث عن "طريقة استغلال أخرى تتمثل بما يسمى السكن الشبابي، حيث يقيم أكثر من10 أشخاص في منزل واحد يتكون من ثلاث غرف، ويدفعون أجرة تبلغ 250 للسرير الواحد أـو "الفرشة" في وقت يقيم مستأجر المنزل بالمجان ويأخذ أضعاف مبلغ الإيجار".
يؤكد نضال أن هذا السكن أسوأً من ظروف الإقامة في "الكامبات" التي أقام فيها عند وصوله البلاد، حيث يصعب تأقلم الشباب مع بعضهم، إضافة إلى الاستغلال المادي ومشاكل تتعلق بالنظافة والتدخين، لكن رغم ذلك يستطيع توفير مبلغ مالي معين شهرياً على أمل الحصول على شقة لاستئجارها.
ذات المشكلة يعاني منها اللاجئون في ألمانيا، خاصة في العاصمة برلين، حيث تعرض عدد من اللاجئين للنصب، كما حصل مع أحمد سعيد الذي قدم من قطاع غزة.
تعرف أحمد على السمسار أبو أيمن الذي عرض عليه الكثير من البيوت، وأخذ منه ألف يورو كسمسرة على أن يستكمل مبلغ التأمين من دائرة العمل بعد تقديم عقد الإيجار، فحصل بعد فترة وجيزة على موافقة دائرة العمل لدفع المبلغ، على أن يدفع ثلاثة آلاف يورو كتأمين للشقة وألف سمسرة، وبعد حوالي شهر هرب أبو أيمن وأخذ معه الألف يورو، وفقاً لما أكده أحمد.
في السويد تتكرر نفس القصة، حيث يتواصل عددٌ من اللاجئين مع السماسرة، بعضهم يتعرضون للاحتيال وبعضهم الآخر يكتشف الأمر مبكراً، فيوقف التعامل معهم.
كما حصل مع هبة خالد التي تواصلت مع سمسار لتعبئة طلب، ودفع المبالغ عن طريق شركة لمشاهدة البيت، غير أن هبة توقعت أن يكون هذا الكلام كذباً لأن المنزل موجود في وسط العاصمة استكهولم، ولم تقتنع بكلام السمسار وشعرت بوجود تلاعب، لأن أجرة المنازل مرتفعة جداً وسط العاصمة، على حد قولها.
شكل آخر للاستغلال تتحدث عنه هبة فهناك "شخص من خارج استوكهولم، ويملك بيتاً يتكون من غرفة ومطبخ حصل عليه من إحدى الشركات العقارية، وقام بمبادلة عليه مع شخص آخر، وأخذ منه مبلغاً من المال، وقام بتأجيره بـ15 ألف كرون، بعد تقسيم المنزل لقسمين أحدهم بـ 10 آلاف كرون والقسم الاخر بـ 5 الاف كرون، وهذا ما يسمى بــ " الإيجار بالأسود".
تؤكد هبة أن من يقومون بمثل هذا العمل هم المقيمون منذ زمن طويل في البلاد، أي من يتحدث السويدية، ولديه خبرة بالقوانين وكيفية التلاعب عليها، حيث ينصب على اللاجئين الجدد.
لكن لا يمكننا التعميم، فهذ المصير المؤلم الذي يواجه كثيراً من اللاجئين، نجا منه بعضهم بمساعدة من الأوروبيين المتعاطفين مع اللاجئين بتأجيرهم منازل أو باستضاف اللاجئين –عائلات وأفراداً- في بيوتهم، إضافة إلى تأمين شقق سكنية لهم من قبل بعض منظمات كالكاريتاس ودياكوني وغيرها، فيما قدمت بعض الجمعيات الخيرية قروضاً تتراوح بين الألف يورو وألفين على أن يتم تسديدها على دفعات، كما هو حاصل في النمسا.
يذكر أن عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى القارة الأوروبية عام 2015 قد بلغ نحو المليون، بينهم حوالي تسعة وسسبعين لاجئاً فلسطينياً من سوريا حتى منتصف 2016 توزعوا على ألمانيا والسويد والنمسا وغيرها.