نشرت قناة "بي بي سي" معطيات جديدة حول ملابسات غرق مركب المهاجرين قبالة جزيرة "بيلوبونيز" اليونانية بتاريخ 14 حزيران/ يونيو الجاري، وراح ضحيته أكثر من 500 طالب لجوء بينهم 150 طفلاً، فيما نجا 104 أشخاص وانتشلت نحو 79 جثّة، في واحدة من أكبر كوارث الهجرة غير النظامية منذ سنوات.
وأشارت المعطيات التي نشرتها القناة، والمبنية على تحليل لحركة السفن، أنّ المركب كان متوقفاً لمدّة 7 ساعات قبل انقلابه، على عكس ما قال خفر السواحل اليوناني، الذي ادّعى أنّه خلال تلك الساعات كان المركب في طريقه إلى إيطاليا ولم يكن بحاجة إلى إنقاذ.
وقالت "بي بي سي" إنّها حصلت على بيانات رسوم متحركة حاسوبية، لبيانات التعقّب من منصة التحليلات البحرية “Marine Traffic" والتي أظهرت نشاطاً تركز في منطقة صغيرة وهي التي غرق فيها القارب، ما يولّد شكاً بالادعاء الرسمي اليونان بأن المركب لم يكن يعاني من مشاكل ملاحية.
وأورد تقرير القناة، أنّ القوّة الحدودية البحرية الأوروبية " فرونتكس" رصدت قارب المهاجرين لأوّل مرّة يوم الثلاثاء 12 حزيران، حوالي الساعة 8 بتوقيت جرينيتش، وأبلغت السلطات اليونانية بذلك.
كما جرى تتبع بيانات هاتف الإنذار، وهو الخط الساخن المخصص لحالات الطوارئ للمهاجرين الذين يواجهون مشاكل في البحر، وأظهرت ورود اتصالاً من المركب عند الساعة 12:17 بتوقيت جرينيتش، تفيد أن المركب في محنة.
وقالت " بي بي سي " إنها استخدمت صوراً ومقاطع فيديو موثقة من قبل " BBC VERIFY" وسجلات الشحن لتحليل حركة السفن في المنطقة في الساعات التالية، الرسوم المتحركة لـ Marine Traffic سفينة تسمى Lucky Sailor تتجه فجأة شمالًا في الساعة 15:00 بتوقيت جرينتش.
مالك Lucky Sailor أعطى " بي بي سي" دفتر السجل الخاص به، وأكد أن خفر السواحل قد طلب منه الاقتراب من قارب المهاجرين وتقديم الطعام والماء.
وبعد حوالي نصف ساعة، أي في الساعة 15:35 بتوقيت جرينتش، عثرت مروحية خفر السواحل على قارب المهاجرين، في وقت كانت السلطات اليونانية تواصل الادعاء بأنها كانت تسير في مسار ثابت في ذلك الوقت.
وأضافت تقرير القناة، أنّه وبعد ساعتين ونصف، أي حوالي الساعة حوالي الساعة 18:00 بتوقيت جرينتش، سافرت سفينة أخرى، وهي Faithful Warrior، إلى نفس المنطقة وقدمت الإمدادات إلى القارب. وقالت القناة إنّ أصحاب السفينة المذكورة أحالوهم إلى سلطات التحقيق.
وتابعت القناة، أنّ الفيديو الذي تم تصويره من السفينة Faithful warrior، يزعم أنه يظهر تسليم إمدادات إلى سفينة المهاجرين، عبر حبل في الماء، إلّا أنّ "بي بي سي" فحصت الفيديو، ووجدت أنّ السفينة التي لا تتحرك في اللقطات، تتطابق مع شكل سفينة المهاجرين التي شوهدت بالصور، وكانت الظروف الجوية مطابقة لتلك التي تم الإبلاغ عنها في ذلك الوقت، ولا يُعرف متى تم تصوير الفيديو. حسبما أشارت.
وتابعت، أنّه بين الساعة 19:40 حتى 22:40، ادعى المسؤولون اليونانيون في الأصل أن القارب كان يحافظ على "مساره وسرعته بثبات".
وزعم بيانهم الأولي، أنهم لاحظوا من مسافة سرية، لكن الصورة المقربة التي نشروها لاحقًا من هذه الفترة الزمنية، تشير إلى أن قارب المهاجرين لن يذهب إلى أي مكان.
كما زعم المتحدث باسم الحكومة في وقت لاحق إن خفر السواحل حاولوا الصعود على متن القارب لتقييم الخطر لكن من كانوا على متن القارب أزالوا حبلًا كان مربوطًا ولم يرغبوا في المساعدة.
وأشارت القناة، إلى أنّ جميع أنشطة الشحن في الساعات السبع قبل تحطم المركب، تشير على مكان واحد محدد، مما يشير إلى أن قارب المهاجرين لم يتحرك بصعوبة.، فيما يشير حجم الخريطة المتحركة أنّ المركب قطع أقل من بضعة أميالاً بحرية، وهو ما يمكن توقعه من سفينة محطمة تضربها الرياح والأمواج في أعمق جزء من البحر الأبيض المتوسط. كما أن تصرفات الأشخاص المنكوبين، وهز السفينة، كانت ستساهم أيضًا في أي حركة. حسبما أوضحت.
وأضافت، أنّه خلال هذه الفترة الزمنية، أصر المسؤولون اليونانيون على أن السفينة التي تحمل أكثر من 700 شخص، لم تكن في مأزق، وبدلاً من ذلك كانت في طريقها بأمان إلى إيطاليا، وبالتالي لم يحاول خفر السواحل الإنقاذ.
وعند الساعة 23:00، غرق القارب وعلى متنه المئات وتظهر الرسوم المتحركة للتعقب أي حركة غير اعتيادية من السفن القادمة للمساعدة، بعد ذلك، طلب من يخت خاص وفاخر اسمه "ملكة المايا" المساعدة في نقل بعض الناجين الذين بلغ عددهم 104 إلى الشاطئ، فيما تزال الكثير من الأسئلة حول الرد اليوناني ورواية حرس الحدود. حسبما جاء في تقرير " بي بي سي"
الناجون معزولون عن الصحافة
من جهتها، تساءلت منظمة " Aegean Boat Report" المعنية برصد انتهاكات حرس الحدود اليوناني ومراقبة الهجرة غير النظامية عبر المتوسط، سبب عزل الناجين خلف أسلاك شائكة في "كالاماتا" وعدم السماح للصحفيين بالحديث معهم.
ونقلت عن لاجئ سوري اسمه محمد يبلغ من العمر 23 عاماً يقيم في بريطانيا، أنّ ابن عمّه كان على متن المركب وهو من بين الناجين، وأكّد له أنّ خفر السواحل اليوناني سحب المركب بواسطة حبال قبل أن ينقلب.
وأكدت المنظمة، أنّ جميع الناجين مازالوا معزولين عن العالم الخارجي، ولا يُسمح لهم بالتحدث إلى أي شخص، ولا سيما الصحفيين الدوليين، ولا يمكنهم الوصول إلى الهواتف أو الإنترنت.
وكانت السلطات اليونانية قد أوقفت أمس الأحد 18 حزيران/ يونيو عمليات البحث عن ناجين، بعد انعدام الآمال بالعثور على ناجين بعد 4 أيام من الكارثة، فيما استقرت الأرقام على 104 ناجين، و79 جثمانا لضحايا جرى انتشالهم، وأكثر من 500 مفقود.
وسجّل من بين المفقودين 6 لاجئين فلسطينيين من سوريا، 5 من أبناء مخيم درعا وآخر من أبناء مخيم النيرب، فيما نجا اثنان.
اقرأي/ ايضاً نجاة لاجئ من مخيم النيرب وفقدان آخر في حادثة غرق مركب اليونان
الجدير ذكره، أنّ عضو البرلمان الأوروبي السابق " كريتون ارسينيس" قد نقل عن ناجين التقاهم في ميناء "كالاماتا"، أنّ خفر السواحل اليوناني كان يَقطُر سفينة الصيد المزدحمة بطالبي اللجوء عبر الحبال قبل انقلابها.
وفي المقابلة التي نشرتها صحيفة "the press project" اليونانية مع العضو السابق في البرلمان الأوروبي، أكد فيها تلقيه شهادات من ناجين، أخبروه أنّ خفر السواحل كان يجر المركب ثم انقلب فجأة، ووصف ما جرى بالجريمة التي يجب التحقيق فيها.
اقرأ/ي أيضاً ناج و5 مفقودين من مخيم درعا في غرق مركب طالبي اللجوء قبالة اليونان
وكانت شهادة أدلت بها الناشطة المغربية الإيطالية نول الصوفي، والتي تلقت أوّل نداء استغاثة من المركب المنكوب، أشارت إلى قيام خفر السواحل اليوناني بربط المركب بحبال.
وقالت صوفي: إنّ إحدى محاولات الإنقاذ التي جرت، "قد أشعرت المهاجرين على متن المركب بالخوف من أن تتسبب بغرقه، حيث اقتربت إحدى سفن الإنقاذ وقامت بربط حبال بجزأين من المركب، فيما شعر المهاجرون بخطر كبير من أن تتسبب الحبال في انقلاب المركب، لذلك قاموا بالابتعاد عن السفينة لتجنّب الغرق، وخصوصاً أنّ المياه كانت تدخل إلى المركب".
اقرأ/ي أيضاً شهادات تتهم خفر السواحل اليوناني بالتورط في حادثة غرق المركب