اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بأنه يتعامل وفق سياسة الكيل بمكيالين و"يتواطؤ مع إسرائيل في جرائهما بغزة" مشيراً إلى أن أي استمرار لتسييس المحكمة الجنائية يهدد بتآكل مصداقيتها وتقويض أي أفق للعدالة الدولية، وداعياً إلى "وجوب مساءلة المدعي العام عن مسؤوليته في تراجع شرعيتها، وإنهاء شبهات التواطؤ في السماح لإسرائيل بالإفلات من العقاب".
وأعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن صدمته من "إصرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، على تجاهل أي تحرك عملي إزاء ما يجرى في الأراضي الفلسطينية، لا سيما قطاع غزة"، معتبراً أن ذلك قد يرتقي بوضوح إلى ازدواجية معايير ويثير شبهات تبعية سياسية.
وقال المرصد الأورومتوسطي في تقرير نشره عبر موقعه الرسمي: إنه في ظل ما تشهده غزة من توثيق غير مسبوق في التاريخ الحديث للحروب لكل مفردات الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي، يختار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الملفات بانتقائية مشينة ويفرض رؤيته على حساب العدالة، بربط مهمته بقرار صادر حصراً عن مجلس الأمن الدولي، وبالتالي لدول معينة تملك القرار.
وذكر الأورومتوسطي أنه في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، "قام كريم خان زيارة سرية -أثارها الأورومتوسطي إعلامياً في حينه-، تفقد خلالها المستوطنات في جنوب فلسطين المحتلة، ونسق مع السلطات الإسرائيلية بشأن العرقلة المتعمدة للتحقيق الجاري في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة".
يضيف المرصد الحقوقي: "بينما حاول المدعى العام للمحكمة الجنائية إبقاء زيارته طي الكتمان لنحو أسبوعين، فإنه وجد نفسه مجبراً على البوح بها بعد تصاعد الانتقادات لمواقفه المعطلة للعدالة الدولية، بما في ذلك زيارته لإسرائيل والامتناع حتى الآن عن زيارة قطاع غزة."
ويرى المرصد الأورومتوسطي أن خان الذي تولى منصبه في حزيران/ يونيو 2021 نهج اقتصار "الأولوية" للقضايا التي يحيلها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (دارفور وليبيا)، وفي المقابل التقليل من شأن قضايا أخرى كانت المحكمة تحقق فيها أصلاً، مثل فلسطين وأفغانستان.
ويذكَر المرصد بأن "خان في إحاطته الافتتاحية لمجلس الأمن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أكد التزامه بربط عمله بمجلس الأمن، واشتكى من أن"الموارد الشحيحة لمكتب المدعي العام كانت موزعة بشكل ضئيل للغاية، وأنه فيما يتعلق بجميع الملفات القديمة المعروضة على المكتب ستتم مراجعتها فقط."
يقول المرصد الأورومتوسطي: إن السلوك والتصريحات أعلاه من قبل كريم خان إشارة صريحة إلى قضايا لم يُحلها مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية، وتتضمن -الحالتين المنفصلتين- فلسطين وأفغانستان، وكلاهما رفضتهما الولايات المتحدة وردت عليهما عام 2019 بإلغاء تأشيرة المدعي العام السابق "فاتوا بنسودا" إلى الولايات المتحدة، تلاها عام 2020 عقوبات شخصية عليها وعلى مسؤولي المحكمة الآخرين.
وكان مكتب المدعي العام السابقة يحقق في شبهات ارتكاب "جرائم حرب خطيرة" في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2021 بحسب إعلان المحكمة نفسها.
في المقابل لم يصدر كريم خان، بياناً استباقياً يذكر فيه "إسرائيل" بولاية المحكمة الجنائية بالتحقيق في أفعالها منذ بدء حربها على غزة التي خلفت أكثر من 60 ألف ضحية بين قتيل ومفقود وجريح، و1.7 مليون نازح، وتدمير نحو 60% من القطاع.
كل ما ورد سابقاً ذكره تقرير المرصد الأورومتوسطي، مضيفاً أنه في تاريخ 30 أكتوبر/ تشرين أول، أي بعد 23 يوماً من بدء حرب "إسرائيل" على غزة، زار كريم خان معبر رفح المصري مع غزة، وصرح أن "منع وصول المساعدات الإنسانية" إلى القطاع يمكن أن يشكل "جريمة"، ومع ذلك، فإن المساعدات ما تزال مقيدة ولا تلبي الاحتياجات الإنسانية، فيما يلتزم خان الصمت على جرائم أخرى توثقها الأمم المتحدة وعدد كبير من المنظمات الحقوقية الدولية.
وجدد المرصد دعوته للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، لتحمل مسؤولياته وإنهاء سياسة ازدواجية المعايير وأن يستجيب لصوت الضحايا في غزة، على غرار استجابته العاجلة في الأزمات الأخرى بما فيها أوكرانيا، على الرغم أنها ليست دولة عضو في المحكمة.
إعلان الجزائر.. ملاحقة الاحتلال
وفي سياق ذي صلة، عقدت ندوة دولية في الجزائر، بمبادرة من النقابة الوطنية للقضاة الجزائريين والاتحاد الوطني لمنظمات المحامين، على مدار يومي الأربعاء والخميس، بمشاركة وفود من عدة دول عربية وأجنبية، تحت عنوان "العدالة للشعب الفلسطيني"، توجت أعمالها بجملة من القرارات العملية، ضمن مبادرة حقوقية للملاحقة القضائية لجرائم الاحتلال "الإسرائيلي" في قطاع غزة.
وقرّر المشاركون في هذه الندوة تقديم بلاغات إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفقاً لما تم تقريره وللخطة القانونية الموضوعة.
ونص "إعلان الجزائر" -المنبثق عن أشغال الندوة- على إقامة دعاوى جزائرية ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، ومخاطبة المنظمات والهيئات الدولية لمحاصرة هذا الاحتلال وملاحقته.
وبحث المشاركون، وهم رؤوساء نقابات المحامين في دول عربية عدة تقديم الشكاوى أمام المحاكم الدولية إزاء هذه الجرائم غير المسبوقة، على حد وصف القائمين على المبادرة.
وكانت قد أُودعت شكوى ضد "إسرائيل" أمام المحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث وكّل فيها المحامي الفرنسي "جيل ديفير" رفقة محامين من عدة بلدان عن عدد من ضحايا حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة.