أفادت تقارير صحفية عربية وعبرية، عن انطلاق مسار مفاوضات، قبل أيام، لدفع صفقة تبادل جديدة بين "إسرائيل" وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأشارت التقارير إلى جهود يبذلها الوسطاء لإعادة فرق التفاوض إلى الدوحة.
وتتقاطع هذه المعلومات مع ما كشفته أيضاً مصادر "إسرائيلية" حول وجود خطوات لتحريك المفاوضات قد تنضج خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكانت حركة حماس استبقت هذه التسريبات، لتعلن أنّها لن تفاوض تحت النار، ويأتي إعلان حماس على لسان القيادي فيها أسامة حمدان بأن "لا حديث عن تبادل للأسرى دون وقف لإطلاق النار" في وقت أظهرت تصريحات لإدارة الرئيس الأميركي "جو بايدن" عن امتعاضها من "إسرائيل".
عودة الحديث عن إمكانية عقد صفقة تبادل جديدة، تزامن مع إعلان جيش الاحتلال، الخميس، إصابة 8 جنود بينهم ضابطان خلال المعارك الدائرة في قطاع غزة، وذلك بعد ساعات على إعلانه مقتل جندي، ليرتفع عدد جنوده القتلى المعلن عنهم منذ بداية التوغل البري في القطاع إلى 117 جندياً.
وذكر جيش الاحتلال أن الجنود المصابين هم 4 من وحدة الهندسة القتالية وضابط في "الكتيبة 12" في لواء جولاني، مضيفاً أنهم أصيبوا جراء انفجار عبوة ناسفة في جنوب القطاع، كما أصيب جنديان في معارك في جنوب قطاع غزة، وأصيب ضابط في "الكتيبة 82" من لواء "شيفع" بجراح خطيرة في شمال القطاع.
وبحسب بيانات جيش الاحتلال أصيب 648 جندياً منذ بدء الهجوم البري "الإسرائيلي" على غزة، من بينهم 146 في حالة خطيرة و257 في حالة متوسطة و245 بجروح طفيفة.
في ظل الإعلان عن خسائر يومية يتكبدها الجيش "الإسرائيلي"، كشفت مصادر مصرية مطلعة عن تحركات للقاهرة بشأن وقف العدوان "الإسرائيلي" على القطاع، في تصريحات نقلتها "العربي الجديد" حول ما سمته بـ"انطلاق مسيرة مفاوضات صفقة تبادل أسرى جديدة لكنها لا تزال في مراحلها الأولية".
وأوضح أحد المصادر أن "انطلاق المفاوضات يعني أن هناك رغبة إسرائيلية وأفكاراً لعرضها على الجانب الآخر عبر الوسطاء"، مضيفاً أن "ما يحدث هو تطور كبير كنا بعيدين عنه خلال الأيام الماضية".
وأوضح المصدر، وفقاً لـ "العربي الجديد" أنه "عُرض على حركة حماس -عبر الوسطاء- خلال الأيام الماضية، مقترحات أولية بشأن صفقة تبادل أسرى يتخللها هدنة إنسانية، لكن حماس أبلغت الوسطاء موقفها بشكل واضح، بأنها ترفض التعاطي مع أية مقترحات أو محاولات دون أن تتضمن وقفاً كاملاً لإطلاق النار قبل بدء المفاوضات".
وبيّن المصدر أن ما يحدث خلال اليومين الماضيين يمكن وصفه بـ(معركة عض أصابع) في محاولة للحصول على موافقة على شروط الصفقة، مشيراً إلى أن "تسريب الأخبار المتعلقة ببدء تجهيزات غمر الأنفاق بمياه البحر من جانب الاحتلال الإسرائيلي، هدفها دفع حركة حماس للذهاب إلى مائدة المفاوضات سريعاً، وخاصة بعد تكثيف حماس وبقية الفصائل الفلسطينية عملياتها العسكرية ونشاطها الإعلامي، في بث مقاطع العمليات المكثفة خلال اليومين الماضيين، الذي يسبب المزيد من الضغط المتتالي على مجلس الحرب الإسرائيلي أمام الشارع، لوقف الحرب، خاصة مع تحول في مواقف بعض الدول الداعمة لإسرائيل مؤخراً".
وفي التفاصيل، كشف المصدر أن "اتصالات مصرية-إسرائيلية تجري بشكل يومي لمتابعة التطورات الميدانية، سواء تلك المتعلقة بحركة مرور المساعدات عبر معبر رفح، أو الأخرى المرتبطة بالأوضاع الأمنية على الحدود، سواء بين سيناء وقطاع غزة، أو مصر والنقب"، كاشفاً أيضاً عن أن مصر "رصدت مجموعة من الخروقات مرتبطة بعمليات جمع المعلومات التي تقوم بها إسرائيل وكذلك أطراف أوروبية داعمة لها، تجاوزت الشريط الحدودي إلى داخل الأراضي المصرية".
ولفت المصدر، إلى أن "هناك جهوداً حثيثة من الوسطاء لنقل المفاوضات إلى مرحلة تالية، بعودة فرق التفاوض المباشرة إلى الدوحة مجدداً"، متوقعاً في الوقت ذاته أن "تساهم زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إلى إسرائيل، في التعجيل بزيارة مدير وكالة الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، إلى المنطقة مجدداً لاستكمال جهود عقد صفقة جديدة".
"يديعوت أحرونوت": خطوة ما ستنضج خلال أيام لإتمام صفقة جديدة
في سياق متصل، قال موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الخميس، نقلاً عن مصدر سياسي "إسرائيلي"، لم يسمه، إن خطوات تحريك صفقة أسرى جديدة قد تنضج في الأيام القريبة. وأضاف أن قرار مجلس الحرب بشأن صفقة جديدة ينص على عدم مبادرة "إسرائيل" إلى تحريك مفاوضات من أجل ذلك "لكن هذا لا يعني أنها غير منفتحة على الاستماع إلى أفكار"، وبحسب التقديرات في تل أبيب، فإن "خطوة ما ستنضج خلال بضعة أيام وبالتالي سيتم تحريك مفاوضات معيّنة في الأسبوع المقبل".
ويرتبط قرار الكابنيت، بجدولين زمنيين، وفق ما ذكره الموقع العبري، أحدهما استكمال التقدّم في العملية البرية في قطاع غزة وزيادة الضغط على حركة حماس، إلى جانب الضغط الأميركي من أجل هدنة أخرى وصفقة أخرى، ويضاف إلى ذلك زيارات مسؤولين أميركيين لإسرائيل منذ يومين وفي الأيام القريبة.
وتأتي التصريحات التي نشرتها "يديعوت أحرونوت" على خلفية ما كشفته "القناة 13 الإسرائيلية"، الأربعاء، بأن رئيس جهاز الاستخبارات "الإسرائيلية" (الموساد) تقدّم خلال جلسة عُقدت في الأيام الأخيرة باقتراح السفر إلى قطر برفقة اللواء "نيتسان ألون" قائد الجهد الاستخباراتي المسؤول عن ملف الأسرى والمفقودين، من أجل تحريك صفقة جديدة، لكن مجلس الحرب "الإسرائيلي" قرر عدم السماح بمثل هذه الزيارة، وطالب بعدم توجه مسؤولين "إسرائيليين" كبار إلى الدوحة، ونقلت القناة عن مسؤول سياسي "إسرائيلي"، لم تسمّه، قوله: "لن نتوجه إلى قطر في الوقت الحالي، والقرار هو أن نستمع إلى العروض في حال جاءت".
أهالي الأسرى "الإسرائيليين": ندعو الكابنيت إلى تجاوز حالة الجمود في المفاوضات
في غضون ذلك أعلن ما يسمى "منتدى عائلات المحتجزين الإسرائيليين" في غزة أنه أجرى، الأربعاء، تصويتاً بحضور نحو 100 عائلة من أجل اتخاذ قرار حول كيفية عمل المنتدى بعد اليوم. وأضاف أن 91 بالمائة من العائلات صوتت لصالح استمرار الضغط على متخذي القرارات "الإسرائيليين" من أجل مبادرات جديدة لإطلاق سراح المحتجزين.
وأصدرت العائلات، بياناً عبرت فيه عن "استغرابها" من قرار الحكومة بـ "تأجيل رحلة رئيس الموساد لصياغة مخطط لصفقة تفضي للإفراج عن المحتجزين في غزة"، وطالبت العائلات بتوضيح فوري من رئيس الحكومة وأعضاء الكابنيت، ودعت إلى تجاوز حالة الجمود في المفاوضات غير المباشرة مع حماس.
وأضافت العائلات في بيانها أنها "صُدمت بنبأ رفض طلب رئيس الموساد لصياغة اتفاق لإطلاق سراح الرهائن" بحسب قوله.
لا تفاوض إلا بوقف العدوان والاستجابة لشروط المقاومة
وكانت حركة حماس أعلنت رفضها التفاوض بخصوص أي صفقة لتبادل الأسرى مع "إسرائيل"، إلا بوقف كامل للعدوان على قطاع غزة، والاستجابة لشروط فصائل المقاومة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده القيادي في الحركة أسامة حمدان، الأربعاء، في العاصمة اللبنانية بيروت.
وقال حمدان: "لا تفاوض بخصوص أي صفقة لتبادل الأسرى، إلا بعد وقف كامل للعدوان على قطاع غزة، والاستجابة لشروط المقاومة".
وأعرب عن انفتاح الحركة على كافة الجهود التي تفضي لوقف العدوان على غزة والضفة، ولإطلاق سراح الأسرى، وتؤدّي إلى تشكيل مرجعية وطنية على طريق استرداد الحقوق الوطنية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
لواء النخبة "جولاني" تعرض لكارثة ثقيلة
بالعودة إلى ما يدور من حديث في تل أبيب حول إعلان الجيش "الإسرائيلي" عن خسائره الفادحة في قطاع غزة، استعرض موقع "واللا" العبري "الكارثة الثقيلة" -وفق وصفه- التي حلت بالكتيبة 13، أفضل كتائب "لواء النخبة جولاني" في حي الشجاعية، "معقل حماس" وفقاً لموقع "واللا".
وأوضح تقرير "واللا"، أن الكارثة الثقيلة التي تعرضت لها الكتيبة 13 في حي الشجاعية أضيفت إلى سلسلة من الكوارث التي تعرضت لها هذه الكتيبة في معارك تاريخية شاركت فيها الكتيبة 13، الأفضل في "لواء جولاني"، بدءاً من حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، مروراً بحرب لبنان الأولى، وقلعة شقيف، ثم بنت جبيل، وصولاً إلى حي الشجاعية في عام 2014، ثم بعد عودتها إلى حي الشجاعية ضمن معركة طوفان الأقصى.
وبيّن التقرير، أن 44 جندياً وضابطاً من الكتيبة 13 في "لواء جولاني" لقوا حتفهم في معركة طوفان الأقصى، بدءاً من صباح يوم 7 تشرين أول/ أكتوبر، مضيفاً أن خسائر بهذا الحجم يُفترض أن تؤدي إلى حل هذه الكتيبة، إلا أنها مازالت تواصل القتال حتى الآن.
وتصدر ما يعرف بـ "لواء جولاني" في جيش الاحتلال واجهة أحداث الحرب البرية في قطاع غزة، منذ أيام لفداحة خسائره من ضباط وجنود.
يُشار إلى أن الكتيبة 13 ليست الوحيدة التي تعرضت لضربة موجعة في معارك قطاع غزة، فالكتيبة 12، وفقاً لاعتراف جيش الاحتلال، تعرضت لضربة، الخميس، بإصابة قائدها بجروح خطيرة، وهو ثاني قائد لهذه الكتيبة يتعرض لإصابة خطيرة منذ بدء التوغل البري "الإسرائيلي" في القطاع.