أكّدت منظمة الإغاثة الدولية "أوكسفام" في بيان صادر عنها اليوم الجمعة 22 كانون الأول/ ديسمبر، أنّ 90% من أهالي قطاع غزّة يعانون من الجوع الشديد، وهو رقم يشير إلى ارتفاع واسع عمّا كانت عليه النسبة قبل أيام قليلة،أشارت إليها مراكز متخصصة، كالمرصد " الأورو متوسطي" الذي أشار إلى نسبة 71%.
وأوضحت "أوكسفام" في بيانها، أنّ "جميع سكان غزة تقريباً، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، يواجهون الجوع الشديد ويزداد خطر المجاعة يوماً بعد يوم ما لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار".
وحمّلت المنظمة، الاحتلال " الإسرائيلي" مسؤولية دفع أهالي القطاع إلى الجوع، وقالت إنّ الجيش "الإسرائيلي" يقصف قطاع غزة ويدفعه إلى مستويات غير مسبوقة من الجوع.
وشككت المنظمة الدولية، ببيانات صدرت يوم أمس الخميس، عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بشأن معدلات الجوع في غزّة، حيث حدد البرنامج أنّ نسبة 25% من أهالي القطاع يواجهون الجوع الشديد.
وأكدت المديرة الإقليمية لمنظمة "أوكسفام" للشرق الأوسط وشمال أفريقيا سالي أبي خليل أنّ "انحدار غزة الصادم إلى المجاعة كان متوقعاً لدرجة أنه كان متعمداً، وهو جريمة حرب مستمرة من قبل حكومة إسرائيل."
واعتبرت أبي خليل، أنّ حجم الكارثة الغذائية في قطاع غزّة، والتي تهدد بمجاعة شاملة، دليل دامغ على أن الهجمات "الإسرائيلية" قد دمرت النظام الغذائي الهش بالفعل في غزة بشكل كارثي لدرجة أن معظم الناس لم يعودوا قادرين على إطعام أنفسهم وأسرهم.
وحذّرت من أن الناس يتضورون جوعا في غزة، وأنّه في حال لم يتم التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وزيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية، فإن غزة معرضة لخطر الانزلاق إلى المجاعة.
وقالت المنظمة: "إنه أمر بغيض وبالكاد يمكن تصوره في عام 2023، أن يتم استخدام طعام النساء والأطفال والرضع وكبار السن والمرضى، والأشخاص الأكثر ضعفًا، كسلاح ضدهم. إن الرعب الذي تشعر به الأم غير القادرة على إطعام طفلها هو الرعب الذي تعيشه غزة اليوم."
وحمّلت "أوكسفام" مسؤولية المجاعة في قطاع غزّة، إلى الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، واعتبرت ان تلك المنظمات الدولية "تتلاعب بالكلمات بدلاً من التصويت لصالح وقف إطلاق النار."
وأكّدت المنظمة، أنّ الذين رفضوا في المجتمع الدولي كبح جماح الآلة العسكرية "الإسرائيلية" وعقابها الجماعي للفلسطينيين في غزة، يرعون العدوان "الإسرائيلي" الذي يقتل الكثير من المدنيين في القطاع.
وتشير بيانات "أوكسفام" إلى تصاعد حدّة الجوع ورقعته في قطاع غزّة، بين يوم وآخر، مقارنة بأرقام سابقة نشرتها مراصد متخصصة، كالمرصد "الأورو متوسطي" لحقوق الانسان الذي أشار في يوم الثلاثاء 19 من ديسمبر الجاري، إلى أن أكثر من 71% من الفلسطينيين في قطاع غزة أفادوا بأنهم يعانون من مستويات حادة من الجوع، في ظل استخدام "إسرائيل" التجويع سلاحاً لمعاقبة المدنيين الفلسطينيين، وفق دراسة أجراها.
برنامج أممي: سكان غزة بأكملهم سيواجهون أزمة جوع عالية المستوى
في سياق متصل، أفاد تقرير لبرنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم، الخميس، أن كل شخص يعيش في قطاع غزة الذي يشهد عدواناً إسرائيلياً متواصلاً منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، سيواجه مستوى عال من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأسابيع الستة المقبلة.
وتوقع تقرير برنامج "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (آي بي سي)، الذي يصنف مستويات الجوع من واحد إلى خمسة، أنه بحلول 7 شباط/ فبراير، وفي "السيناريو الأكثر ترجيحاً" سيكون "سكان قطاع غزة جميعهم (نحو 2,3 مليون شخص)" عند مستوى جوع يلامس "الأزمة أو ما هو أسوأ".
وكشف التقرير أن "هذه هي أعلى نسبة على الإطلاق من أشخاص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي قامت (آي بي سي) بتصنيفها مقارنة بأي منطقة أو بلد".
والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مجموعة من المبادئ التوجيهية المقبولة دولياً لتحليل انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية من خمسة مستويات، وطوّر من خلال مشاورات مع خبراء الأمن الغذائي والتغذية من 15 منظمة.
وحذّر التقرير من أن نحو 50% من المواطنين في قطاع غزة يُتوقع أن يدخلوا بحلول 7 شباط/ فبراير مستوى "الطوارئ" الذي يشمل ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد وزيادة الوفيات.
وأشار التقرير إلى أن "واحدة على الأقل من كل أربع أسر"، أي أكثر من نصف مليون شخص، ستواجه ظروفاً كارثية في "المستوى الخامس".
وأضاف "رغم أن مستويات سوء التغذية الحاد والوفيات غير المرتبطة بالصدمات ربما لم تتجاوز بعد عتبة المجاعة، فإن هذه عادة ما تكون نتائج فجوات طويلة وشديدة في استهلاك الغذاء".
من جهتها، اعتبرت منظمة "كير" إن هذه الأرقام "مروعة".
وبحسب تقرير لبرنامج الأغذية العالمي نشر مساء أمس الخميس، عن تحليل الأمن الغذائي في غزة أن جميع سكان غزة (حوالي 2.2 مليون شخص) يعانون أزمة أو ما هو أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وذكر التقرير أن "هناك خطر حدوث مجاعة خلال الأشهر الـ 6 المقبلة إذا استمر الوضع الحالي الذي يتسم بالصراع الشديد ومحدودية وصول المساعدات الإنسانية".
وحذّر كبير الخبراء الاقتصاديين في البرنامج، عارف حسين، من مجاعة شاملة خلال الأشهر الستة المقبلة إذا استمر تقييد وصول المساعدات الإنسانية، واصفاً الأزمة غير المسبوقة.
كما حذّر عارف من تفشي الأمراض بين سكان قطاع غزة على نطاق واسع؛ بسبب ضعف أجهزتهم المناعية، لأنهم لا يحصلون على ما يكفي من التغذية.
وكان تقرير لوكالة "رويترز" للأنباء حذر من أن الحرب في غزة تعطل إمدادات الغذاء، وأن العائلات النازحة تمضي أياماً في البحث عن طعام.
وقالت الوكالة، إن الجوع أصبح المشكلة الأكثر إلحاحاً من بين المشكلات العديدة التي تواجه مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين في غزة، إذ لم تتمكن شاحنات المساعدات من جلب سوى جزء صغير مما هو مطلوب، كما أن التوزيع غير متكافئ بسبب فوضى الحرب.
بدورها، قالت منظمة "أنقذوا الأطفال"، التي تُعنى بالدفاع عن حقوق الطفل في العالم، إن استمرار الحصار والقصف اللذين تمارسهما إسرائيل يعرضان آلاف الأطفال لخطر الموت جوعا وبالأمراض.
ورأت المنظمة أن كل سكان قطاع غزة مهددون بـخطر المجاعة؛ بسبب تلك الأوضاع، مؤكدة أن السكان جميعهم هناك يواجهون أزمة انعدام الأمن الغذائي، أو ما هو أسوأ من ذلك.
يذكر أن المرصد الأورومتوسطي، أجرى دراسة تحليلية شملت عينة مكونة من 1,200 شخص في غزة للوقوف على آثار الأزمة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع، في خضم حرب الإبادة "الإسرائيلية" المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأظهرت نتائج الدراسة أن 98% من المستطلعة آراؤهم قالوا: إنهم يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء، بينما أفاد نحو 64% منهم بأنهم يتناولون الحشائش والثمار والطعام غير الناضج والمواد منتهية الصلاحية لسد الجوع.
يأتي ذلم في وقت، تتواصل تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من الأزمة الإنسانية العميقة في قطاع غزة، حيث يعاني نصف السكان من مشكلة الجوع بشكل شديد أو حاد. مع حرمان 90% منهم من الحصول على الطعام لمدة يوم كامل و بشكل متواصل، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".