بدأ جيش الاحتلال "الإسرائيلي" صباح اليوم الاثنين 6 أيار/ مايو، عملية إخلاء في مدينة رفح بقطاع غزة، وسط مخاوف من نوايا اجتياح قريبة للمدينة المكتظّة بنحو مليون ونصف المليون نازح، يتواجدون على مساحة تقارب 64 كيلومتراً مربعاً تحاذي الحدود مع جمهورية مصر.
وزعم جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، في بيان له، عن "توسيع المنطقة الإنسانية في المواصي"، مشيراً إلى أنه سيسمح بإدخال مستشفيات ميدانية وخيام وكميات كبيرة من الإمدادات الغذائية والمياه والأدوية، بالتعاون مع منظمات دولية ودول أخرى.
وجاء في بيان الجيش: "أنّه بناء على موافقة المستوى السياسي، يدعو السكان المدنيين القابعين تحت سيطرة حماس إلى الإجلاء المؤقت من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح إلى المنطقة الإنسانية الموسّعة" وأوضح أنّ العملية ستتم بشكل تدريجي بناءً على تقييم الوضع، وسيتم توزيع مناشير ورسائل قصيرة ومكالمات هاتفية ومعلومات عبر الاعلام حول مناطق الانتقال، حسما زعم في بيانه.
وفي بيان منفصل، اعتبر ما يسمى بوزير الأمن "الإسرائيلي" يوآف غالانت إلى أن التحرك العسكري لجيش الاحتلال في رفح "ضروري بسبب رفض حماس مقترحات الهدنة التي قدمها الوسطاء، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عسكرية." حسب مزاعمه.
من جهتها، ذكرت صحيفة هآرتس العبرية الاثنين، نقلاً عن مصادر عسكرية "إسرائيلية" أن أوامر الإخلاء تأتي تمهيداً لاجتياح رفح، حيث تلقى سكان المنطقة رسائل صوتية تطالبهم بالتوجه نحو مناطق آمنة.
وقال متحدث باسم جيش الاحتلال، إن العملية تتم بشكل محدود، حيث بدأ الإخلاء من الجزء الشرقي من رفح، مشيراً إلى أن الحديث يدور عن عملية محدودة النطاق.
بدوره، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف، في تصريح صحافي، إنّ بعض سكان الأحياء الشرقية لرفح، بدأوا بالفعل في الاستجابة لطلب الاحتلال بالإخلاء.
وقال معروف: إن "إعلان جيش الاحتلال أن مناطق شرقي رفح هي مناطق خطرة يجب إخلاؤها من السكان يؤكد النية المسبقة لشن عدوان على مدينة رفح، ويتوافق مع التصريحات المعلنة من رئيس حكومة الاحتلال المجرم نتنياهو، وهو ما يدلل على أن الاحتلال ذهب إلى مفاوضات التهدئة مخادعاً، من دون التخلي عن فكرة العدوان الواسع على رفح".
ردود فعل محذّرة من اجتياح رفح المكتظة بالنازحين
وفي وقت سيجري فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن، محادثات هاتفية مع رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، حول اجتياح رفح، حسبما نقل موقع " أكسيوس" الأمريكي، لم يصدر أي موقف من البيت الأبيض حتى الآن حول الإعلان "الإسرائيلي"، فيما بدأت ردود الفعل المحذرة من الاجتياح، بالتوارد من قبل جهات دولية وإنسانية ورسمية.
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من أنّ” الهجوم الإسرائيلي على رفح، سيعني زيادة المعاناة والوفيات بين المدنيين.
ونبهت الوكالة من أنّ العواقب ستكون مدمرة على 1.4 مليون شخص، مشيرةً إلى أنها لم تقرر الإخلاء، وستستمر في البقاء في رفح أطول فترة ممكنة، وستواصل تقديم المساعدات المنقذة لحياة الناس.
أما منظمة "أكشن إيد" للإغاثة الدولية، فقد أطلقت تحذيراُ بشأن العواقب الكارثية المحتملة لإجبار أكثر من مليون فلسطيني نازح في رفح على الإخلاء دون وجهة آمنة.
واعتبرت المنظمة، أنّ هذا الإجراء ليس فقط غير قانوني فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى انتشار المرض والمجاعة والفوضى.
وقالت المنظمة: "يبلغ عمال الإغاثة لدينا عن بعض أقسى الظروف في الذاكرة الحديثة، حيث ستتفاقم المعاناة مع إخلاء هذا العدد الهائل من السكان دون توفير وجهة آمنة".
وأكدت المنظمة، عدم وجود مناطق آمنة في غزة، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك السريع لمنع وقوع المزيد من الفظائع والمحاسبة، بالإضافة إلى مطالبة الحكومة "الإسرائيلية" بالكف عن هذا الهجوم الوشيك.
ورسمياً، حذرت رئاسة السلطة الفلسطينية في بيان صادر عن الناطق باسمها نبيل أبو ردينة، من ارتكاب "إسرائيل" لأكبر جريمة إبادة جماعية في رفح المكتظّة بالنازحين، وحمّل الإدارة الأمريكية المسؤولية عنها.
وحذر أبو ردينة من أن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدأت فعلياً التمهيد لارتكاب أكبر جريمة إبادة جماعية باجتياح رفح"، محملاً الإدارة الأميركية مسؤولية هذه "السياسات الإسرائيلية الخطيرة".
وأكد أبو ردينة أن "الإدارة الأميركية التي توفر الدعم المالي والعسكري للاحتلال الإسرائيلي، وتقف بوجه المجتمع الدولي لتمنع تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان، وهي التي تشجع نتنياهو وقادته بالاستمرار بمجازرهم ضد الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية، كما يحدث في محافظة طولكرم ومخيماتها".
وأضاف أبو ردينة: "اجتياح رفح يعني أن مليون ونصف مواطن فلسطيني سيتعرضون لمذبحة إبادة جماعية، ومحاولات تهجير حذرنا منها سابقاً".
أما حركة المقاومة الإسلامية حماس، فقد أكدت في بيان لها، أن "أي عملية عسكرية في رفح؛ لن تكون نزهةً لجيش الاحتلال الفاشي، وأن مقاومتنا الباسلة، وعلى رأسها كتائب القسام، على أتَمِّ الاستعداد للدفاع عن شعبنا ودحر هذا العدو وإجهاض مخططاته وإفشال أهدافه".
ودعت حماس المجتمع الدولي للتحرُّك العاجل لوقف هذه الجريمة، التي تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين العزّل من أطفال ونساء وشيوخ.
كما دعت المنظمات والهيئات الإنسانية، وعلى رأسها وكالة "أونروا"، إلى البقاء في أماكنها في مدينة رفح وعدم مغادرتها، أو الرضوخ لإرادة الاحتلال الفاشي، واستمرار القيام بدورها في تقديم العون للنازحين المدنيين العزل، الذين يتعرّضون لأبشع الجرائم بفعل آلة القتل الصهيونية، المدعومة بلا حدود من الإدارة الأمريكية الشريكة في حرب الإبادة.
الاتحاد الأوروبي يرفض وفرنسا تجدد معارضتها
من جهته، أدان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في تصريح الاثنين، دعوة جيش الاحتلال، للفلسطينيين بإخلاء شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، واصفاً إياها بأنها "غير مقبولة".
وفي تصريح نشره على منصة إكس، أعرب بوريل عن قلقه إزاء هذا الإجراء، قائلاً: "أمر الإخلاء هذا ينذر بالأسوأ، أي مزيد من الحرب والمجاعة. هذا غير مقبول. على إسرائيل أن تتخلى عن الهجوم البري في رفح".
وأكد بوريل أن الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع المجتمع الدولي، لديه القدرة على التحرك لمنع تفاقم الوضع، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لمنع تفاقم الأزمة.
وختم بوريل تصريحه بالقول: "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتحدى هذا السيناريو الخطير، وأن يعمل بكل جدية مع الأطراف المعنية من أجل حلول سلمية ومستدامة تحقق السلام والاستقرار في المنطقة".
كما جددت فرنسا معارضتها لأي هجوم "إسرائيلي" على مدينة رفح، وجاء في بيان للخارجية الفرنسية الاثنين: "فرنسا تؤكد مجدداً أن أي تهجير قسري للمدنيين يمثل جريمة حرب بموجب القانون الدولي".
وكان الاحتلال، قد كثف غاراته على المناطق الشرقية من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، منذ صباح اليوم، واستهدف بالأحزمة النارية عدّة أحياء، وخصوصاً الأحياء الشرقية للمدينة، واستشهد منذ ليل أمس أكثر من 28 شهيداً في المدينة جلهم من النساء والأطفال.