فرحة العيد منقوصة في مدن ومخيمات الضفة الغربية

الأحد 16 يونيو 2024
رفاق الشهداء حمزة نزال وفارس أبو سمرة ومحمد سلمي من مدينة قلقيلية أمام قبور أصدقائهم صباح العيد
رفاق الشهداء حمزة نزال وفارس أبو سمرة ومحمد سلمي من مدينة قلقيلية أمام قبور أصدقائهم صباح العيد

بفرحة منقوصة، يحل أول أيام عيد الأضحى على الفلسطينيين في مخيمات ومدن الضفة الغربية المحتلة، مع استمرار حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة منذ 254، وما شهدته الشهور الماضية من مجازر مروعة وحرب تجويع وإبادة جماعية بكل ما تعني الكلمة من معنى، راح ضحيتها أكثر من 50 ألف فلسطيني بين شهيد ومفقود بالإضافة إلى أكثر من 85 ألفاً من الجرحى، وأسفرت عن نزوح مليوني فلسطيني ما يعادل تقريباً كل سكان القطاع، وبالتزامن معها يأتي العيد وسط تصاعد العدوان "الإسرائيلي" على مخيمات الضفة الغربية واغتيال أبنائها واعتقالهم والتنكيل بهم وهدم البيوت وتجريف الشوارع والمحال.

يقول فلسطيني في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن العيد مغمس بدماء شهداء وأطفال غزة، "لذا نحن هنا في الخليل علينا أن لا نغالي في إظهار مباهج العيد"، مضيفاً: إنه العيد الثاني الذي يمر على الفلسطينيين، فيما دخلت حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة شهرها التاسع وسط "عجز الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي" عن وقف المذبحة المستمرة بحق أبناء قطاع غزة.

لا مظاهر احتفال في المدن والمخيمات

وبالفعل، تخلو المدينة من مظاهر الاحتفال، لا سيما البلدة القديمة التي كانت تعج سابقاً بالزوار والمتبضعين من أبناء المدينة، بدت قبل يوم واحد من العيد خالية لا مظاهر احتفال فيها.

في هذا السياق يقول فلسطيني آخر لموقعنا: إن تصاعد الاعتداءت على الفلسطينيين في الضفة وتجرع الفلسطينين مرارة القهر على ما يحل بقطاع غزة، جعل البلدة القديمة تبدو في العيد بهذا الشكل.

فلسطيني ثالث يقول: "نحن كفلسطينيين لا نرى أن هناك عيداً قد أتى، ولولا أنه سنة عن نبيبنا لما احتفينا به، في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهد حرب تدمير وقتل وتجويع بحق أبناء قطاع غزة".

فلسطيني آخر، يؤكد أن تصاعد الاعتداءات "الإسرائيلية" على الضفة الغربية، أسفر عن تدهور الوضع الاقتصادي، وقلة العمل، ما يؤثر على فرحة العيد في نفوس الفلسطينيين.

وكعادة الفلسطينيين، منذ عقود يبدأ العيد في المدن والمخيمات بزيارة مقابر الشهداء وإلقاء التحية على أرواح من رحلوا فداء لفلسطين، وفي سبيل حريتها، وغالباً ما تتحول بيوت أهالي الشهداء إلى مجالس عزاء، يفد إليها الأقارب والأصدقاء للتخفيف عن ذوي الشهداء ألم الفراق، خاصة إذا ما كان أول عيد يحل بعد استشهادهم.

غصة في قلوب أمهات الشهداء

هكذا، بدا المشهد في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، شرقي مدينة نابلس، أمام أمام منزل الشهيد آدم فراج الذي ارتقى الأسبوع الماضي برصاص جيش الاحتلال "الإسرائيلي" خلال حفل زفاف شقيقه، بعد أن حاصرت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" قاعة مناسبات أقيم فيها الحفل في منطقة شراع القدس القريبة من المخيم، واغتالته بشكل مفاجئ ومباغت، قبل أن تحتجز جثمانه.

رصت صنوف الحلويات، أمام منزل الشهيد، وزينتها صور شهداء مخيم بلاطة الذي يتعرض منذ شهور طويلة لعمليات اقتحام متكررة، واعتداءات عدة، فأصبح العيد مناسبة لاستذكار الشهداء وإلقاء التحية على أرواحهم وزيارة بيوت ذويهم.

photo1718518599.jpeg

كذلك الأمر، في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية، الذي تتصاعد اعتداءات جيش الاحتلال عليه منذ ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتضعه حكومة الحرب "الإسرائيلية" ضمن أحد أهدافها الرئيسية، ولا يمر أسبوع إلا وقد يتعرض لاعتداء أو اثنين على أقل تقدير، ويعلنه جيش الاحتلال "منطقة عسكرية مغلقة" وخلال الأسبوع الماضي واجه عدواناً مماثلاً وحصاراً وتجريفاً للشوارع وتدميراً للبيوت والبنية التحتية، يعلم الفلسطينيون: أنها أفعال متعمدة لإزعاجهم والتكنيل بهم قبل أيام من العيد.

صبيحة العيد في المخيم، تعج مقبرة الشهداء بالأمهات الثكالى الذين يتجرعون مرارة استقبال العيد وسط فقدان فلذات أكبادهن، وهن كثيرات جداً إذا لا يكاد يخلو حي من أحياء المخيم إلا وقد شابين أو ثلاثة على أقل تقدير كشهداء.

وأظهر مقطع فيديو تداوله ناشطون، أمهات الشهداء في المخيم يمسحن قبور أبنائهن ويلقين عليهم التحية وسط الدموع، حيث تتزين المقبرة في العيد بصور أبناء المخيم الشهداء.

وفي القدس رفض المقدسيون توزيع الحلوى ابتهاجاً بالعيد، واقتصرت الضيافة في البيوت على القهوة والتمر، أسوة بما حدث في عيد الفطر الماضي، كشكل من أشكال التضامن مع قطاع غزة والاحتجاج على إبادة سكانها، وتقديراً لدماء الشهداء النازفة في قطاع غزة، والإبادة المتواصلة بحقهم منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر الماضي، وفق ما أوردت مصادر محلية ومواقع إخبارية.

اقتصار العيد على الشعائر الدينية

و في مدينة قلقيلية، نقلت مواقع إخبارية متعددة، عن الشيخ موسى ياسين، في خطبته بمسجد في المدينة، تشديده على ضرورة احترام مشاعر أهل غزة وذوي الشهداء والأسرى والنازحين والمنكوبين، وإظهار أقصى درجات التضامن معهم، وتجنب مظاهر الفرح والاقتصار على الشعائر الدينية. وقال: "أرجوكم تأدبوا في حضرة البلاء. لا داعي للتهاني والتبريكات. نسأل الله أن يديم عليكم فرحتكم، وأن يرزقها لغزة وأهلها قريباً عاجلاً".

وكسائر أهالي الشهداء في مخيمات الضفة الغربية توجه الفلسطينيون إلى المقبرة بعد خروجهم من صلاة العيد لمواساة أهالي الشهداء الذي يصطفون عادة في طابور لتقبل التبريكات بشهادة أبنائهم.

المظاهر ذاتها، تتكرر في كل مدينة ومخيم بالضفة الغربية المحتلة التي تواجه عدواناً "إسرائيلياً" يومياً كان متصاعداً منذ قبل بدء حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، وتصاعد بشكل أكبر بعدها، حيث استشهد في الضفة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أكثر من 537 فلسطينياً، و وجرح نحو 5 آلاف و200، وفق بيانات مؤسسات الأسرى، التي أكدت أيضاً اعتقال الاحتلال نحو 9170 فلسطينياً خلال الأشهر التسعة الماضية.

ووفق جمع بيانات عدة صادرة عن وزارة الصحة في رام الله، فإن 20 فلسطينياً استشهدوا منذ الأول من حزيران/ يونيو الجاري أي قبل حلول العيد بأسبوعين.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين / وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد