أعلنت الحكومة السورية عن خطة جديدة لإعادة هيكلة الدعم المالي، سيتم بموجبها تحرير أسعار السلع الأساسية، وتحويل الدعم من شكله الحالي إلى دعم نقدي موجه لفئات معينة عبر "بطاقات مصرفية" وبحسب تصريحات مسؤولين حكوميين، فإنّ القرار سيجري تطبيقه خلال ثلاثة أشهر.
جاء القرار، مٌفجّراً مخاوف واسعة من تدهور الأوضاع المعيشية، بسبب ارتفاع الأسعار الكبير المتوقع في أسعار السلع الأساسية، بما فيها الخبز، والذي قد يصل إلى زيادة بنسبة 600% وما إذا كانت خطّة الدعم المالي المباشر ستسهم في تقليل الهوّة بين الأسعار الجديدة والقدرة الشرائية للمواطنين.
وسيؤثر القرار بشكل مباشر، على نحو 400 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا، يستفيدون من الدعم الحكومي للسلع الأساسية، ويعانون من نسب فقر مطلق في صفوفهم تتجاوز 90%، ويستفحل في صفوف المهجرين عن مخيماتهم المدمّرة، والذين يدفعون إيجارات منازل، وقدّرت الوكالة عددهم بنحو 40% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في البلاد.
بحسب بيان صدر عن حكومة النظام السوري، تهدف هذه الخطة إلى "إعادة هيكلة الدعم باتجاه دعم نقدي مدروس وتدريجي"، مما يسمح للحكومة بتحرير الأسعار والانسحاب من دعم المواد الأساسية كالخبز والوقود.
وطلبت الحكومة، من حاملي البطاقات الذكية الصادرة عن شركة "تكامل" بضرورة فتح حسابات مصرفية خلال الأشهر الثلاثة القادمة، بحيث يتم تحويل مبالغ الدعم إلى هذه الحسابات مباشرة، حيث سيتحول الدعم إلى كتلة مالية تُضاف إلى البطاقة، مما يعني أن المواد التي سيرفع عنها الدعم ستباع بسعر التكلفة، وسيحصل المستفيد على مبلغ نقدي مقابل دعمه السابق.
وبموجب السياسة الجديدة، ووفق ما نشرته صحيفة " الوطن" شبه الرسمية، ستباع ربطة الخبز بعد رفع الدعم بمبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية بعد ان كانت بـأربعمئة ليرة عبر "البطاقة الذكية"، بينما بعد تطبيق السياسة الجديدة، ستعوض الدولة بمبلغ ألفين وستمئة ليرة لكل ربطة خبز، سواء اشتراها المستفيد أم لا.
أما أسطوانة الغاز فستُباع بـ 125 ألف ليرة سورية، مع تحويل 80 ألف ليرة كمساعدة للمستفيد، كما سيتم دفع 10 آلاف ليرة عن كل لتر مازوت من المخصصات، سواء تم شراؤه أم لا.
التغييرات وفق الخطة الجديدة، لن تقتصر فقط على السلع الأساسية، بل ستمتد إلى تكاليف الرعاية الصحية والاستشفاء، حيث ستصل تكاليف معاينة الطبيب المختص إلى 50,000 ليرة سورية، والاستشارة الطبية إلى 150,000 ليرة، ومعاينة الطبيب العام 25 ألف ليرة، مما يضاعف من الأعباء المالية على السكان في وقت هم في أمس الحاجة إلى خدمات صحية ميسورة التكلفة.
وتبرر الحكومة السورية هذا الإجراء، بأنه "سيساهم في تقليل الهدر وزيادة كفاءة استخدام الموارد، وأشارت إلى شكاوى متكررة من استخدام الخبز المدعوم كعلف للحيوانات بسبب جودته المتدنية، وهي مشكلة تسعى الحكومة لمعالجتها بتحسين نوعية الخبز وتقليل الفاقد منه، بحسب ما نشرت صحف حكومية.
وتثير هذه الخطة، مخاوف واسعة وخصوصاً في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، وأشار مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم درعا جنوب سوريا وهو أحد أفقر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في هذا السياق، إلى أنّ سياسيات توجه الدعم طالما أثرت على القدرة الشرائية، وساهمت في تدهور الأوضاع المعيشية للكثير من الشرائح.
وكانت الحكومة السورية قد اعتمدت منذ شباط\ فبراير 2020 المنقضي، توجيه الدعم عبر "البطاقة الذكية" التي تصرف بموجبها كيلوغراماً واحداً لكل فرد من أفراد الأسرة شهريّاَ من مادتي السكّر والأرز، وبضعة أرغفة من الخبز يومياً، تقدر بحسب أفراد الأسرة، فضلاً عن جرة غاز واحدة شهرياً وكمية من المحروقات بالسعر المدعوم.
وساهمت تلك السياسية منذ تطبيقها، بإشكاليات كثيرة تتعلق بجودة التوزيع والمنتج نفسه، حيث ازدهرت تجارة الخبز المدعوم وكذلك الغاز والحبوب المدعومة وسواها في السوق السوداء، مع شحّ أعداد المندوبين، وانتشار الوساطات والمحسوبيات في عمليات التوزيع.
الجدير ذكره، أنّ سياسات رفع الدعم في سوريا، المترافقة مع انهيار اقتصادي ومعيشي متواصل في تفاقمه، يأتي في ظل تقليص وكالة "أونروا" خدماتها وتقديماتها الإغاثية للاجئين الفلسطينيين منذ سنوات، جراء العجز المالي المزمن الذي تعانيه، وازداد تفاقماً جراء سياسة الاستهداف "الإسرائيلي" للوكالة بالتوازي مع حرب الإبادة على قطاع غزة، ووقف العديد من الدول تمويلها.
ويطالب اللاجئون وكالة "أونروا" بزيادة الدعم النقدي في سوريا، وجعل المعونة المالية الدورية التي توزعها الوكالة على اللاجئين الفلسطينيين شهرية، علماً أنها توزّع كل 3 أشهر، ولا تتعدى قيمتها 22 دولاراً أمريكياً، لا تكفي لتلبية احتياجات الأسرة الغذائية.