كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن فظائع ارتكبها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بحق الفلسطينيين خلال الهجمة العسكرية على مناطق غربي قطاع غزة على مدار أربعة أيام عمد خلالها على تدمير وحرق المنازل وأجبر مئات العائلات على النزوح القسري نحو جنوبي القطاع، وذلك في إطار حرب الإبادة المستمرة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وكان جيش الاحتلال قد انسحب من منطقة "الصناعة" ومحيط الجامعات غربي مدينة غزة، بعد توغله فيها فجر الإثنين 8 يوليو/تموز الجاري، وشن خلالها عشرات الأحزمة النارية والقصف العشوائي.
وفي غضون ذلك، اقتحم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" المنازل الفلسطينية ونكّل بسكانها، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 60 فلسطينياً، قد انتشلت طواقم الدفاع المدني جثامينهم التي عُثر عليها في الطرقات وبين الأزقة، منهم جثث متناثرة ومقطعة، ومنها ما هو متفحم.
مقطع مصور لانتشال جثامين شهداء من تحت الأنقاض في حي تل الهوى والصناعة بمدينة #غزة بعد الانسحاب الجزئي لجيش الاحتلال
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) July 12, 2024
الدفاع المدني: انتشال أكثر من 60 جثماناً وعائلات كاملة انتشلت جثامين أفرادها#غزة_الآن #غزة_تحت_القصف#Gaza #GazaGenocide pic.twitter.com/ZuEM8Y8Qj1
عمليات إعدام ميدانية لنساء كبار في السن
وقال الأورومتوسطي في تقرير له: إنّ طواقمه الميدانية تعمل على التحقق من تنفيذ قوات الجيش "الإسرائيلي" عمليات إعدام غير قانونية وجرائم قتل عمد دون مبرر للعديد من السكان الفلسطينيين معظمهم من النساء، وعرف منهم الشقيقتان "ميسون يعقوب الغلاييني" و"أروى يعقوب الغلاييني"، فيما أصيبت شقيقتهم “رفيدة يعقوب الغلاييني" التي تركت ليومين تنزف حتى الموت دون أن تسمح القوات "الإسرائيلية" للطواقم الطبية بالوصول إليها وإنقاذها.
ونقل الأورومتوسطي معلومات تلقاها حول اغتيال جيش الاحتلال مجموعة من الفلسطينيين، بعضهم عائلات بكاملها بعد مداهمة منازلهم، في منطقة "الصناعة" غربي مدينة غزة.
وعرف من هذه العائلات: "مصطفى أحمد زيدية"، والشقيقان "عماد خالد زيدية" و”محمود خالد زيدية"، و”أبو يوسف ناصر زيدية" و”فهمي لولو" والسيدة "جملات الشوا"، وأبناؤها "أحمد ماهر البدري" و"سها ماهر البدري" إلى جانب ستة أفراد من عائلة "الخطيب" داخل منزلهم خلف الجامعة الإسلامية غرب غزة.
تنكيل وتعذيب بحق الفلسطينيين
ووثقت فرق المرصد الأورومتوسطي تعذيب الجيش "الإسرائيلي" عدداً آخر من الفلسطينيين، عرف منهم: خالد درويش محمد زيدية" (58 عاماً)، وضربه ضرباً شديداً أثناء حصاره قرابة 12 ساعة مع عدد من أقاربه في منزله القريب من منطقة الصناعة"محور توغل آليات الاحتلال.
وقال المسن الفلسطيني "زيدية" لفرق الأورومتوسطي: "تبول الجنود ووضعوا القهوة على بولهم وأجبرونا على شربها، الأطفال والنساء كانوا يبكون وأجبروهم على الخروج، وبعدها بدؤوا بتعذيبنا وقيدونا، ومازالت آثار القيود علينا، ابن أخي مصطفى الذي قُتل كان يطلب فك قيود يده أو تخفيف القيد، وكان الجنود يرفضون ويضربونه في كل أنحاء جسده، فمن كان يحاول الكلام يقومون بضربه بوحشية."
وأضاف: "وضع أحد الجنود ساقه فوق رأسي وأخذ يدوس عليها بكل قوة عدة مرات ثم ذهب ليعذب أحداً آخر من بين 21 شخصًا موجودين، وعاد مرة أخرى. ابن أخي تورم وجهه وهو مريض قلب وآخر من ذوي الاحتياجات الخاصة تركوه يذهب مع النساء، وقف أحد الجنود فوقي وأنا مستلقي على بطني وبدأ يؤذيني ببسطاره وأنا أحاول تمالك نفسي وأصبر فبدأ بالقفز عدة مرات فوقي بوزنه الثقيل ويضغط بساقيه يريد تكسير عظامي".
وفي شهادة سيدة فلسطينية أخرى طلبت عدم ذكر اسمها قالت للأورمتوسطي:"أطلق الجيش النار تجاه المنزل، فتحنا لهم ثم نزلنا بالراية البيضاء، أجبروا الرجال على خلع ملابسهم واعتدوا عليهم أمامنا، ابني تعب، فضربوه، ونحن أجبرونا على النزوح دون أن نأخذ شيئا إلى جنوبي قطاع غزة".
تدمير مستشفيات صحية ومدارس تابعة لـ "أونروا"
ووفقاً للمرصد الحقوقي دمر الاحتلال مستشفى "أصدقاء المريض" للمرة الثانية، بعد أن كان أعيد ترميمه قبل نحو شهر لتقديم خدمات صحية لسكان غزة المحاصرين، كما قصف الجيش "الإسرائيلي" عيادة السلام وهي المركز الصحي الوحيد في حي الصبرة، جنوبي مدينة غزة.
وإلى جانب تدمير وإحراق العديد من المنازل، أحدث الجيش "الإسرائيلي" دمارا واسعًا أيضا في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في محيط منطقة الصناعة، في الفصول الدراسية خاصةً الطوابق الأرضية، وتدمير كل ما يتعلق بالأثاث المدرسي فيها.
سرقة ممتلكات ومصوغات ذهبية من الفلسطينيين
كما وثق الأورومتوسطي شهادات حول قيام جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بعمليات سلب وسرقات واسعة من السكان ومنازلهم بما يشمل مقتنيات ثمينة وأموال عند اقتحامها، وتهجير ساكنيها قسرًا أو لدى حرقها وتدميرها.
علاوة على ذلك، يقول المرصد الحقوقي: إنه تأكد من سلب الاحتلال المصاغ الذهبية والأموال، من المنازل التي داهمها، ومن السكان خلال إجبارهم على النزوح إلى جنوب وادي غزة، حيث كانوا يجبرون على ترك حقائبهم وكل أمتعتهم التي يستولي عليه الجنود.
وقال أفراد من عائلتي "خضير" و"جاد الله" لفريق الأورومتوسطي: إن قوات الجيش "الإسرائيلي" أقدمت على جمع ممتلكاتهم الشخصية في حقائب وسرقتها، وتخلل ذلك الاعتداء عليهم بالضرب واعتقال الذكور منهم قبل طرد النساء والأطفال لإجبارهم على النزوح إلى وسط قطاع غزة.
و إزاء ذلك جدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية وحماية المدنيين في قطاع غزة، وفرض العقوبات الفعالة على "إسرائيل"، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها.
ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى تحقيق دولي شامل ومحايد في الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق السكان في قطاع غزة وممتلكاتهم من قبل قوات الجيش "الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنها تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان وقائمة بذاتها، وتلحق الدمار والأضرار الجسيمة بالمدنيين وسبل عيشهم بلا ضابط أو مبرر أو ضرورة عسكرية، واتخاذ إجراءات تضمن المساءلة والمحاسبة القانونية.