وثقت شهادات مروّعة لأسرى سابقين

العفو الدولية تدعو "إسرائيل" إلى إنهاء تعذيب الفلسطينيين وعزلهم في السجون

الخميس 18 يوليو 2024

دعت منظمة العفو الدولية في بيانٍ لها، اليوم الخميس 18 تموز/ يوليو، الاحتلال "الإسرائيلي" إلى إنهاء تعذيب الفلسطينيين وعزلهم في السجون، وذلك بعد توثيق 27 شهادة مروعة عن التعذيب لمعتقلين سابقين بينهم طفل يبلغ من العمر (14) سنة.

وقالت منظمة العفو الدولية: إن على السلطات "الإسرائيلية" الكفّ عن احتجاز الفلسطينيين من قطاع غزة بمعزل عن العالم الخارجي ولأجل غير مسمى، وبدون تهمة أو محاكمة، بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

وذكرت المنظمة أنه خلال الفترة ما بين شباط/ فبراير وحزيران/ يونيو 2024، وثقت منظمة العفو الدولية واحداً وثلاثين من حالات الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، ووجدت أدلة موثوقة عن استخدام التعذيب وسوء المعاملة على نطاق واسع.

وأجرت المنظمة مقابلات مع 27 أسيراً أفرج عنهم، وكلهم مدنيون ألقي القبض عليهم في قطاع غزة، كما تحدّثت المنظمة إلى أربعة من أقارب مدنيين مغيّبين منذ فترات بلغ أقصاها سبعة أشهر، ولم تكشف السلطات "الإسرائيلية" بعد عن مكان احتجازهم، وإلى محاميَيْن تمكنا مؤخرًا من زيارة الأسرى.

وأجرت المنظمة المقابلات مع فلسطينيين خرجوا من السجون بعد اعتقالهم في مواقع من مختلف أنحاء غزة، من بينها مدينة غزة وجباليا وبيت لاهيا وخان يونس.

وذكرت المنظمة أن اعتقالهم كان من مدارس تؤوى مهجرين قسرًا داخل القطاع أو أثناء مداهمات للمنازل والمستشفيات أو على حواجز التفتيش المنشأة حديثًا.

وأكدت أن من بين الأسرى كان هناك أطباء ألقي القبض عليهم في المستشفيات لرفضهم التخلي عن مرضاهم، وأمهات فُصلن عن أطفالهن الرضع وهن يحاولن عبور ما يسمى "الممر الآمن" من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، وكذلك كان هناك بين الحالات التي قابلتها المؤسسة حقوقيون وموظفون في الأمم المتحدة وصحفيون وغيرهم من المدنيين.

وقال جميع مَن تحدثت إليهم منظمة العفو الدولية: إنهم أخضعوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية "أنييس كالامار": إن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك العنف الجنسي، هي جرائم حرب، ويجب إخضاع هذه الادعاءات لتحقيقات مستقلة يقوم بها مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

وأضافت: يجب على السلطات "الإسرائيلية" أيضًا السماح للمراقبين المستقلين، فورًا ودون أي قيود، بالوصول إلى جميع منشآت الاحتجاز، وهو أمر لا يزال ممنوعًا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

وذكرت المنظمة أن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تستند إلى قانون (المقاتلين غير الشرعيين) لاحتجاز أفراد زُعمت مشاركتهم في هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ولكن لم تلبث أن وسعت استخدام القانون لاحتجاز فلسطينيين من قطاع غزة بالجملة بلا تهمة ولا محاكمة.

وأوضحت أن هذا القانون يمكّن جيش الاحتلال من تغييب الفلسطينيين من غزة وعزلهم عن العالم الخارجي بدون إصدار أمر رسمي بالاحتجاز، ويحرم القانون الأسرى من الاتصال بمحامٍ لمدة قد تصل إلى 90 يومًا، كما أن القانون لا ينص على حد أقصى لمدة الاحتجاز، بل يسمح لأجهزة الأمن باحتجاز الأشخاص بموجب أوامر احتجاز قابلة للتجديد لأجل غير مسمى.

شاهد/ي أيضاَ

وأوضحت "كالامار" أنه في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أصدرت السلطات "الإسرائيلية" تعديلًا مؤقتًا للقانون، يقضي بتمديد الفترة المسموح للجيش فيها باحتجاز فلسطينيين بدون أمر احتجاز رسمي من فترة 96 ساعة كبداية، قابلة للتمديد إلى مدة أقصاها 45 يومًا.

وقال أسيران أفرج عنهم لمنظمة العفو الدولية إنهما قد مثلا أمام أحد القضاة مرتين في جلسات استماع عن بعد، وفي كلتا المرتين، لم يكن بمقدورهما التحدث أو طرح أسئلة، وبدلًا من ذلك، أُبلغا بتمديد احتجازهما لمدة 45 يومًا إضافيًا. ولم يبلغهما أحد قط بالخلفية القانونية لاعتقالهما، ولا بأي أدلة قدمت ضدهما لتبرير اعتقالهما.

ومن بين هؤلاء آلاء مهنا التي احتُجز زوجها أحمد مهنا، مدير مستشفى العودة شمالي قطاع غزة، أثناء هجوم على المستشفى في 17 كانون الأول/ ديسمبر2023، وقالت لمنظمة العفو الدولية: إن المعلومات الشحيحة التي تتلقاها عنه تأتي من أسرى آخرين أفرج عنهم، وأضافت: "بطمّن الأولاد أنه أحمد بخير، وأنه قرب يرجع. بس إنك تعيشي حرب، ونزوح مستمر وقصف وفوق كل هذا مش عارفة زوجك وينه، مش قادرة تسمعي صوته، فبتحسي إنها حرب جوا حرب".

وقال طبيب أفرج عنه لمنظمة العفو الدولية: إن عدم معرفته أثناء احتجازه إذا كان أفراد عائلته أحياء أم أمواتاً كان بالنسبة له أسوأ حتى من التعذيب والتجويع.

ووصف الأسرى الـ 27 المفرج عنهم، الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم، على نحو متسق تعرضهم للتعذيب مرة واحدة على الأقل أثناء اعتقالهم ولاحظت المنظمة آثارًا وكدمات تتوافق مع آثار التعذيب على أجساد ثمانية على الأقل من الأسرى الذين أجريت مقابلات شخصية معهم، واطلعت كذلك على تقارير طبية لاثنين من الأسرى تؤكد شهادات التعذيب.

وقد تحقق مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية مما لا يقل عن خمسة مقاطع فيديو لاعتقالات جماعية، وحدّد مواقعها الجغرافية، ومن بينها مقاطع لأسرى جُرّدوا من ثيابهم بالكامل عدا ملابسهم الداخلية بعد اعتقالهم من شمالي قطاع غزة وخان يونس في الجنوب، والإجبار على التعري في العلن لفترات طويلة هو انتهاك لتحريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ويُعدُّ عنفًا جنسيًا.

فيما أجرت المنظمة مقابلات مع أسرى تم اعتقالهم في معسكر الاعتقال سيء الصيت "سديه تيمان" التابع للجيش "الإسرائيلي" بالقرب من بئر السبع جنوبي فلسطين المحتلة، ذكروا أنهم "ظلوا معصوبي الأعين ومكبّلي الأيدي طوال فترة احتجازهم في المعسكر". ووصفوا كيف أجبروا على البقاء في وضعيات مجهدة ساعات طويلة، ومنعوا من التحدث إلى بعضهم البعض أو رفع رؤوسهم.

وفي حالة أخرى، وثقت المنظمة اعتقال جيش الاحتلال لفتى (14) عامًا من منزله في جباليا شمالي القطاع، وتم احتجازه لمدة 24 يومًا في معسكر "سديه تيمان" مع ما لا يقل عن 100 أسير، وذكر للمنظمة أن المحققين أخضعوه للتعذيب، بما في ذلك ركل ولكم في العنق والرأس، وأحرقوه بأعقاب السجائر، وكانت آثار الحروق والسجائر والكدمات بادية للعيان على جسد الفتى.

شاهد/ي أيضاً

وفي 19 حزيران/ يونيو، تمكن المحامي خالد محاجنة من دخول معسكر "سديه تيمان" وقال لمنظمة العفو الدولية: إن موكله محمد عرب، وهو صحفي محتجز، أبلغه بأنه محتجز مع ما لا يقل عن 100 شخص في نفس البركس، في ظروف غير إنسانية، وأن الأسرى لم يلمسوا أي تحسن على الإطلاق خلال الأسبوعين الماضيين، وقال أيضًا إنه ظل محتجزًا في معسكر "سديه تيمان" لأكثر من 100 يوم بدون أن يعرف السبب.

اقرأ/ي أيضاً: الكشف عن اعتداءات وحشية بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون "الإسرائيلية"

وفي 3 حزيران/ يونيو ، أكد الجيش الإسرائيلي لصحيفة هآرتس أنه يحقق في وفاة 40 أسيرًا أثناء احتجازهم، من بينهم 36 لقوا حتفهم أو قتلوا في "سديه تيمان"، ولم تصدر أي لوائح اتهام بعد، ولا يشمل هذا العدد الأسرى الذين "لقوا حتفهم أو قتلوا" في مرافق الاحتجاز التابعة لإدارة السجون "الإسرائيلية".

وأفادت أسيرة لمنظمة العفو الدولية: إنها أمضت ثلاثة أسابيع في سجن الدامون، ثم أُبلغت أنهم سيطلقون سراحها، وحينها كبّل الحراس يديها وقيدوا قدميها بالأغلال، وعصبوا عينيها، ثم نقلوها إلى موقع آخر. ولدى وصولها إلى هذا الموقع، بدلًا من الإفراج عنها، فتشها الحراس على نحو عنيف بعد تجريدها من ثيابها باستخدام سكين كبيرة مزقوا بها ثيابها، وبعد ذلك، أعيدت إلى "عناتوت" حيث ظلت أسيرة لمدة 18 يومًا آخر.

وأعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها البالغ بشأن استخدام "إسرائيل" لقانون (المقاتلين غير الشرعيين)، الذي ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأوضحت أنه إضافة لهذا القانون، فإن لدى السلطات "الإسرائيلية" تاريخًا مشينًا من احتجاز الفلسطينيين بدون تهمة أو محاكمة من خلال استخدامها الممنهج للاعتقال الإداري، وهو من التجليات الرئيسة لنظام الأبارتهايد الذي تفرضه إسرائيل، ووفقًا لمركز الدفاع عن حقوق الفرد، بلغ عدد المعتقلين إداريًا في السجون الإسرائيلية 3379 شخصًا في 1 تموز/ يوليو 2024 غالبيتهم الساحقة فلسطينيون من الضفة الغربية المحتلة، بما فيها شرقي القدس.

شاهد/ي أيضاً

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد