يواصل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" منع دخول مستلزمات النظافة ولوازم النساء إلى قطاع غزة، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية والصحية لنحو 2.3 مليون فلسطيني، وخاصة 680 ألف امرأة في سن الحيض، اللواتي يفتقرن إلى المستلزمات الأساسية اللازمة خلال هذه الفترة، ما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض الجلدية والتهابات الجهاز التناسلي، حسبما نبّه المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان.
وقال المرصد في تقرير له الخميس 1 آب/ أغسطس: إن استمرار السلطات "الإسرائيلية" في فرض حصار تعسفي على قطاع غزة ومنع دخول أدوات التنظيف والنظافة الشخصية في ظل انتشار الأمراض المعدية والظروف المعيشية الصعبة هو تكريس لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
ونقل المرصد عن السيدة فلسطينية أية عاشور عابد البالغة من العمر (20 عاماً) ونزحت من منزلها في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة بعد قصفه في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن ابنيها أصيبا بحساسية وبكتيريا تحتاج إلى مراهم لا تستطيع توفيرها ولا تتوفر في عيادات وكالة "أونروا"، مضيفة: "عرضت ابني على الطبيب فأبلغني أن جسده بأكمله مصاب بالبكتيريا بشكل خطير بسبب قلة النظافة".
وأوضحت أن معاناتها الأكبر صارت في توفير الفوط الصحية، والتي أصبح توفرها في الأسواق المحلية شحيحاً وسعرها مرتفعاً. وقالت: "أضطر إلى قص فوط أطفالي إلى قطع صغيرة واستخدامها كفوط صحية خلال الدورة الشهرية رغم أنها غير ملائمة أبدًا للاستعمال، كما أنني اضطر أن أقضي اليوم كاملًا باستخدام فوطة واحدة فقط، وهو ما تسبب لي بتسلخات والتهابات عديدة".
موضوع ذو صلة: ماذا يعني أن تكوني امرأة في ظل ظروف الحرب في غزة؟
وأعرب المرصد عن بالغ قلقه إزاء التداعيات الوخيمة لاستمرار تأزم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، مشيراً إلى أن هذا الوضع يعرض الفلسطينيين لخطر الهلاك الفعلي بسبب تفشي الأمراض المعدية والجلدية ومرض الكبد الوبائي.
وأكد المرصد أن استمرار حرمان سكان قطاع غزة بشكل تعسفي ومنهجي من أدوات ومواد النظافة يساهم في الانتشار السريع للكارثة الصحية، والتي تفاقمت إثر النزوح القسري المتكرر للسكان وافتقارهم إلى مواد التنظيف والنظافة الشخصية، لا سيما في مراكز ومخيمات الإيواء المكتظة بمئات الآلاف من النازحين.
وأوضح المرصد أن الحصار "الإسرائيلي" وإغلاق كافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية أدى إلى تراكم خطير للأزمات التي تهدد حياة وصحة سكان قطاع غزة، بما في ذلك حرمانهم من المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب والأدوية والمستهلكات الطبية.
وأضافت السيدة عابد للمرصد، شارحةً المعاناة: "نحن أكثر من 30 شخصاً نعيش في هذا الفصل داخل مدرسة منذ نحو 9 أشهر، كان عددنا نحو 70 شخصاً قبل أشهر، ولكن تقلّص العدد قليلًا عند خروج بعض النازحين إلى خيام خارج المدرسة".
وأضافت عابد: إنه "على الرغم من أن عددنا كبير جداً ونحتاج بشكل متواصل لمواد التنظيف والنظافة الشخصية، إلا أننا لا نحصل عليها إلا بشكل محدود كل شهرين أو ثلاثة، وحتى في الأسواق لا توجد مواد صحية مثل المحارم والصابون والشامبو، وإن توفر ذلك يكون بسعر مرتفع جداً".
وأوضحت السيّدة "عابد"، أنّ سعر مكعب الصابون وصل إلى 30 شيكلاً (نحو 9 دولارات أمريكية)، وعبوة الشامبو وصل سعرها إلى 90 شيكلاً (نحو 25 دولاراً أمريكيا)، وقالت: "من أين لنا أن نوفر هذه المبالغ فقط للنظافة الشخصية ونحن لا نجد ما نأكل؟"
وأشار المرصد إلى عدم كفاية المياه ومستلزمات النظافة والمراحيض، واضطرار النساء في القطاع إلى استخدام مواد ملوثة أو غير معقمة، مما يعرضهن لخطر الإصابة بالأمراض، بما في ذلك سرطان الرحم والتهابات الجهاز التناسلي والمسالك البولية والعقم.
وأكد المرصد أنه الاحتياج الشديد للتنظيف والرعاية الشخصية يزداد جراء النزوح القسري لأكثر من 2 مليون نسمة، ولجوء مئات الآلاف منهم إلى مراكز إيواء وخيام تفتقر لأدنى مقومات الحياة والنظافة الشخصية والرعاية الصحية، مع انعدام توفر المنظفات.
كما أن تراكم النفايات وطفح المياه العادمة يزيد من المخاطر الصحية نتيجة عدم القدرة على تصريفها، بسبب قطع "إسرائيل" الكهرباء عن قطاع غزة بشكل كامل ومنع دخول الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية البديلة.
وأفاد "محمد سعد أبو هيثم" (42 عاماً)، أن عائلته المكونة من 8 أفراد والتي تقيم في خيمة في منطقة مواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة، تعاني بشدة جراء غياب مواد التنظيف وعدم وجود صابون للنظافة الشخصية أو لغسيل الملابس.
وأضاف "أبو هيثم": "لا نملك المال اللازم لشراء وجبات الطعام الكافية لأطفالنا، فكيف نستطيع شراء مواد التنظيف والصابون في ظل أسعارها العالية ونقص كمياتها؟ لقد انتشر القمل في شعر زوجتي وأطفالي ونعاني جميعنا من الأمراض الجلدية بسبب قلة الاغتسال وعدم توفر الصابون والشامبو".
وأفاد فريق المرصد بأنهم لاحظوا عرض كميات من مواد التنظيف البديلة والبدائية التي يتم تصنيعها محليًا في أسواق وسط وجنوبي قطاع غزة، والتي تعد غير آمنة ولا تفي بالغرض.
وأشار إلى تسجيل عشرات آلاف حالات الإصابة بالأمراض الجلدية في مراكز الإيواء وتجمعات النازحين في الخيام، خاصة الأكزيما التي تظهر بشكل ملحوظ على أيدي النساء اللواتي يستخدمن مواد بدائية غير آمنة لتنظيف أواني الطعام.
وأكد المرصد أن "إسرائيل" تفرض على سكان غزة حصاراً تعسفيًا خانقاً بقصد الإهلاك العمد لهم عبر التجويع وحشرهم في بيئة ضيقة ومنع الأدوية ومواد التنظيف وحرمانهم من المياه الصالحة للشرب والاستخدام الإنساني، في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
ودعا المرصد إلى ضرورة الضغط على "إسرائيل" لإعادة تشغيل خطوط أنابيب المياه الرئيسية التي تصل إلى قطاع غزة وضمان سلامة الفنيين لإجراء أعمال الإصلاح وإعادة التأهيل للبنى التحتية.
وجدد المرصد دعوته للمجتمع الدولي لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل فوري وآمن وفعّال، بما في ذلك منتجات النظافة الشخصية والأسرية، وخدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية لمنع وتخفيف المزيد من الضرر للنساء والأطفال وجميع السكان الفلسطينيين بشكل عام. وأكد أن حقوق سكان غزة لا يمكن كفالتها إلا من خلال رفع الحصار التعسفي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع