يشهد مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوبي لبنان أوضاعاً صحية ومعيشية متدهورة في ظل الحرب "الإسرائيلية" المستمرة على لبنان، ومع تصاعد القصف على مناطق مدينة صور ومحيط المخيم، وتردي الوضع الأمني، وسط انقطاع الخدمات الاستشفائية، والاحتياجات الأساسية معيشياً، فيما تتدهور أوضاع العائلات المتبقية يوماً بعد يوم، وسط انسحاب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من العمل في مخيمات وتجمعات الفلسطينيين جنوبي لبنان بحجة "تردي الوضع الأمني".
محاولات لسد الثغرات
مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مخيم الرشيدية عماد حلاق يشير لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، إلى أن الجمعية سارعت منذ بداية الحرب إلى تفعيل خطة الطوارئ التي كانت قد أعدتها مسبقاً.
وأضاف: أنّه تم استنفار كافة الفرق الطبية والإسعافية في جميع مراكز الهلال الأحمر في لبنان، موضحاً أن الجمعية ما زالت تقدم خدمات طبية وإسعافية للسكان الذين لم يتمكنوا من مغادرة المخيمات أو المناطق المجاورة في مدينة صور، في ظل موجات النزوح الكبيرة نحو مناطق أكثر أماناً مثل صيدا وطرابلس.
مخاوف من فقدان الأدوية والأوكسجين والوقود
وعلى الرغم من هذه الجهود، تزداد المخاوف حول استمرار توفر الأدوية والمواد الحيوية مثل المازوت والأوكسجين، خاصة مع استمرار القتال وصعوبة التنقل الآمن على الطرقات.
وأضاف حلاق: "حتى اللحظة لم نواجه نقصاً كبيراً في الإمدادات، ولكننا لا نعلم إلى متى ستستمر الحرب وما قد يترتب على ذلك من صعوبات".
وفيما يتعلق بالخدمات التي تقدمها وكالة "أونروا"، أكد حلاق أن العيادات التابعة للوكالة ما زالت مغلقة، ما زاد من معاناة المصابين بالأمراض المزمنة الذين يعتمدون على هذه العيادات لتلقي العلاج والأدوية. داعياً جميع الجهات المعنية إلى التنسيق من أجل ضمان استمرارية تقديم الخدمات الطبية.
موضوع ذو صلة: تراجع "أونروا" عن فتح العيادات يثير غضب اللاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان
الوضع المعيشي في تدهور
على الجانب المعيشي، تعيش العائلات المتبقية في مخيم الرشيدية حالة من الشح والنقص الحاد في المواد الغذائية الأساسية.
الحاجة حياة علي الزيني، إحدى اللاجئات القاطنات في المخيم، وصفت الوضع بالسيء للغاية، وأشارت إلى إغلاق مراكز "أونروا"، ونقص الخضار واللحوم والدجاج في دكاكين المخيم، حيث يعتمد السكان على كميات محدودة من الخضار التي تأتي من صيدا، رغم المخاطر الكبيرة التي يواجهها من يحاول جلب هذه المواد.
كما أشارت إلى أن الكهرباء غير متوفرة بشكل دائم، وأن الاشتراكات الكهربائية محدودة، فيما يلجأ البعض إلى استخدام ألواح الطاقة الشمسية، ما يدفع الجيران إلى حفظ المواد الغذائية في برادات أولئك الذين يملكون مثل هذه الألواح.
وعن الوضع الصحي، قالت الزيني: "المخيم خالٍ من العيادات، والصيدليات مغلقة، وإن فتحت صيدلية تكون خالية من الأدوية"، كما تحدثت عن تراكم القمامة في المخيم بشكل كبير، مما يزيد من سوء الوضع البيئة، بعدما توقف عمال البيئة في وكالة "أونروا" عن العمل.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد تفاقمت معاناة الأهالي بعد توقف مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية عن دفع الرواتب، ما دفع العديد من السكان إلى الاعتماد على التموين الذي قاموا بتخزينه مسبقاً.
وأكدت لاجئة أخرى، أن بعض العائلات تعاني بشدة بسبب عدم صرف الرواتب، بينما الرواتب التي يتقاضاها البعض الآخر لا تتجاوز 300 دولار، وهو مبلغ ضئيل لا يكفي لسد الاحتياجات الأساسية في ظل الارتفاع الهائل في أسعار السلع.
وذكرت أن سعر كيلو الكوسا وصل إلى 80 ألف ليرة لبنانية، وهو مبلغ لا تستطيع معظم العائلات تحمله، خاصة أن العائلات الكبيرة تحتاج إلى كميات أكبر من الخضار، فيما تعتمد المخيمات على إمدادات تأتي من صيدا، ولكن بأسعار مرتفعة جداً لا يمكن للجميع تحملها.
ويتخوف اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الرشيدية، من استمرار التدهور مع استمرار الحرب "الإسرائيلية"، وتفاقم الأزمات الصحية والمعيشية، فيما يشهد المخيم حركة نزوح منه وأخرى عكسية، من وإلى مخيم البص في ذات المدينة، وسط تردي الأوضاع في كلا المخيمين، حسبما أكدت مراسلة بوابة اللاجئين الفلسطينيين.
موضوع ذو صلة: الفلسطينيون جنوبي لبنان في ظل الحرب: بين معاناة التهجير وإهمال "أونروا"