كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الأحد 13 تشرين الأول/ أكتوبر، أن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" يستخدم روبوتات مفخخة ومحملة بأطنان من المتفجرات في عمليات التدمير والقتل الواسعة التي ينفذها شمالي قطاع غزة، خلال اجتياحه المتواصل لليوم التاسع على التوالي.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان له أن الجيش "الإسرائيلي" فصل محافظة شمال غزة عن مدينة غزة بالكامل، من خلال تمركز الآليات ووضع السواتر الرملية وركام المنازل المدمرة، إلى جانب الغطاء الناري من الطائرات المسيّرة.
وأبرز الأورومتوسطي شهادات عديدة عن استخدام الجيش لروبوتات مفخخة وتفجيرها عن بعد، محدثًا أضرارًا واسعة النطاق في المنازل والمباني المحيطة وخسائر كبيرة بالأرواح، في وقت يتعطل بالكامل تقريبًا عمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني، باستثناء نطاق ضيق في بعض الأحياء.
وقال الأورومتوسطي: "إن استخدام إسرائيل للروبوتات المفخخة أمر محظور بموجب القانون الدولي، حيث أن هذه الروبوتات تعد من الأسلحة ذات الطابع العشوائي التي لا يمكن توجيهها أو حصر آثارها فقط بالأهداف العسكرية".
وأضاف:" نظرًا لطبيعة الروبوتات، فهي تصيب السكان المدنيين على نحو مباشر، أو تصيب الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأعيان المدنية بشكل عشوائي دون تمييز، وبالتالي، تعد من الأسلحة المحظورة بموجب القانون الدولي، ويشكل استخدامها في المناطق السكنية جريمة دولية قائمة بحد ذاتها.
جيش الاحتلال يفجّر الروبوت بالمنازل دون علمه بوجود مدنيين داخلها أم لا
وأبرز الأورومتوسطي، شهادة أحد الأشخاص المحاصرين في أحد الأحياء القريبة من حي "القصاصيب" جنوب غرب مخيم جباليا شمالي قطاع غزة والذي قال: "مساء يوم الأربعاء (9 أكتوبر/تشرين أول)، حدث انفجار هائل في حي القصاصيب على مقربة من مكان وجودنا".
وتابع: "كان صوت الانفجار قويًّا جدًّا، لم أسمع بقوته من قبل، فقد أصبحنا نميّز بين أصوات الانفجارات، فنعرف إن كان هذا الصوت قصف من الطائرات أم المدفعية أم غيره. حقيقة، كان صوت الانفجار أقوى بمرات من صوت القصف الجوي، حتى أن الغبار الأبيض غطى المنطقة بالكامل".
وأضاف: "تبين لنا لاحقًا أن هذا الانفجار ناتج عن تفجير روبوت محمّل بأطنان من المتفجرات، وأن هذا الروبوت يدمّر قرابة 6 أو 7 منازل دفعة واحدة، جيش الاحتلال يفجّر الروبوت بالمنازل دون علمه بوجود مدنيين داخلها أم لا".
ووثق الفريق الميداني للأورومتوسطي تفجير الجيش "الإسرائيلي" روبوتين آخرين في منطقة "التوام" وفي حي "الزهراء" الملاصق للدفاع المدني غرب مخيم جباليا، وروبوتًا آخر في محيط تقاطع "أبو علي مصطفى" في "بئر النعجة" بالمناطق الغربية لمخيم جباليا.
200 ألف فلسطيني محاصرون بين ركام المنازل المدمرة شمالي قطاع غزة
وأفاد شاهد آخر محاصر في منطقة الفالوجا، لطاقم الأورومتوسطي: "هناك انفجارات هائلة حدثت في المنطقة المحاصرين بها بالقرب من دوار الشرافي، لا يمكن تمييز ماهيتها"، مضيفًا أن أكثر من 50 فردًا محاصرين حاليًّا في منزل، تعرض ثلاثة منهم لإصابات دون تمكنهم من نقلهم إلى المستشفى."
وبدأ الجيش "الإسرائيلي" باستخدام تلك الروبوتات للمرة الأولى في غزة في مايو/أيار الماضي، خلال الاقتحام الثاني لمخيم جباليا. وأدى ذلك حينها لقتل عدد من المدنيين وتدمير منازل عدة في المخيم. ومع نهاية مايو/أيار الماضي، خرجت صور من منطقة "محطة تمراز" وسط مخيم جباليا لاثنين من الروبوتات المفخخة المعدة للتفجير.
وأكد الأورومتوسطي أن الجيش "الإسرائيلي" توسع في عمليات تدمير ونسف المنازل والمباني السكنية في مناطق توغله شمالي قطاع غزة، ويستخدم في ذلك ثلاث وسائل؛ وهي القصف الجوي، والروبوتات المفخخة، إلى جانب زراعة المنازل بالمتفجرات ونسفها.
وأشار إلى أنه ورغم صعوبة الحصول على عدد دقيق لأعداد السكان داخل محافظة شمال غزة، إلاّ أن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من 200 ألف إنسان في بقايا المنازل المدمرة ومراكز الإيواء، وهم يرفضون الخطط "الإسرائيلية" المنهجية والعلنية الرامية لتهجيرهم قسرًا، لافتاً إلى أن القوات "الإسرائيلية" أصدرت ما لا يقل عن ستة أوامر تهجير في غضون أسبوع، بما في ذلك إلقاء منشورات تطالب السكان بالتوجه إلى جنوب قطاع غزة.
ونبه الأورومتوسطي إلى وجود نحو 200 ألف آخرين في محافظة غزة يعانون هم أيضًا من القصف المستمر والجوع نتيجة توقف إدخال المساعدات والبضائع، وهو ما يعني أن أكثر من 400 ألف من السكان المتواجدين شمال وادي غزة يتعرضون لمختلف أنواع القتل والتشريد والتجويع.
السكان المحاصرون في بيوتهم وفي مراكز الإيواء لا يستطيعون التحرك بحثاً عن الطعام والماء
وحذر الأورومتوسطي بأن من ينجو من القتل والقصف المباشر يبقى مهددًّا بالموت جوعًا أو عطشًا، حيث تمنع القوات "الإسرائيلية" إدخال أي مساعدات لشمال غزة، كما قامت بتدمير وحرق المخابز هناك، بالإضافة إلى تجريف ما كان متبقيًا من آبار المياه.
علاوة على ذلك، فإن السكان المحاصرين في منازلهم ومراكز الإيواء لا يستطيعون التحرك للبحث عن أي طعام في محيطهم، كما أن اضطرار بعضهم للنزوح الداخلي عدة مرات دفعهم للتخلي عن أمتعتهم ومخزونهم من الطعام والماء، وبالتالي، فإن أغلبهم محاصرون بلا طعام أو مقومات حياة.
وبيّن الأورومتوسطي أنه رغم طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي من السكان النزوح للجنوب عبر شارع "صلاح الدين"، إلاّ أنه يستهدفهم بمجرد خروجهم من منازلهم أو مراكز الإيواء التي يتواجدون فيها. كما أن الطائرات الإسرائيلية أطلقت النار تجاه العديد من مراكز الإيواء وأصابت العشرات من النازحين داخلها.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن الواقع الصحي في شمال غزة كارثي، حيث بات مستشفى "كمال عدوان" الذي يعمل بشكل جزئي المستشفى الأساسي الذي يستقبل الضحايا، رغم أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي إدارته بإخلائه بالكامل.
ويعمل مستشفيا "العودة" و"الإندونيسي" بشكل جزئي لوجود أعداد قليلة من الطواقم الطبية حيث تواجه طواقم الإسعاف والدفاع المدني صعوبات في التحرك لنقل الضحايا بعد الاستهدافات "الإسرائيلية" إما نتيجة قطع الطرق بعد تدمير المزيد من المنازل، وإما بسبب استهدافها بنيران طائرات الكواد كابتر "الإسرائيلية".
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ مئات الآلاف من سكان شمال غزة، ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" للعام الثاني على التوالي، وفرض حظر أسلحة شامل عليها، ومساءلتها ومعاقبتها على كافة جرائمها، واتخاذ كافة التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك.