تركت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عشرات الأسر النازحة معظمهم من الأطفال والنساء، في مركز إيواء "دير القاسي" بمدينة صيدا جنوب لبنان، دون أدنى متطلبات الرعاية، بعد انسحابها من المدرسة بشكل نهائي، وعدم قدرة العديد من المؤسسات على الاستمرار في تقديم الدعم للنازحين لضعف القدرات.
مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين في صيدا، أفاد بأنّ الأسر النازحة في مدرسة "أونروا"، تقضي لياليها في الظلام دون إنارة، ولا مياه في دورات المياه، وكذلك دون أدنى مستلزمات الإغاثة من طعام وشراب، وكذلك متطلبات الإيواء كالفراش والأغطية في ظل انخفاض درجات الحرارة ليلاً.
وجاء انسحاب الوكالة من مدرسة "دير القاسي" التي تضم نحو 75 عائلة، معظمها نزحت من مخيمات جنوب لبنان، في وقت يتعرض لبنان لموجات غير مسبوقة من التصعيد "الإسرائيلي" وما يرافقه من تبعات تزايد أزمة النزوح، والبحث عن ملاذات آمنة، ولا سيما بعد اتساع دائرة الاستهدافات، وازدياد الحاجة إلى مراكز إيواء.
إحدى النازحات الفلسطينيات من جنوب لبنان، قالت إنّها نزحت هي وشقيقها من تحت القصف في الجنوب، ولا يوجد لديها ملاذ آمن وسط انعدام قدرتها على الذهاب إلى مكان آخر سوى مراكز الإيواء، فضلاً عن الحاجة للأدوية والعلاج.
واستعرض العديد من النازحين معاناتهم، في ظل تخلي الوكالة عنهم، ولا سيما الأطفال الذين يعانون من البرد ليلاً، وعدم توفر دورات المياه، فضلاً عن غياب تقديم الدعم الغذائي، بعد انسحاب المؤسسات المحلية التي كانت تغطي بعض الاحتياجات.
مسؤولية وكالة "أونروا" قانونية بالدرجة الأولى
وكانت الوكالة قد أعلنت تخليها عن مركز إيواء "دير القاسي" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بدعوى " خرق بعض الموظفين لمبدأ الحيادية" وقامت بإنزال علم الأمم المتحدة من أعلى البناء، وقالت: إنها " لن تتحمل أي مسؤولية تجاه النازحين الذين رفضوا الخروج، بعد أن عُرض عليهم الانتقال إلى مدرسة أخرى في شمالي لبنان".
ومنذ انسحاب "أونروا" من المدرسة، واظبت مؤسسات مدنية محليّة فلسطينية، تولي مهام إغاثة نحو 75 عائلة متبقية في المدرسة، وعلى رأسها "مؤسسة بيت أطفال الصمود" والتي أعلنت بدورها انسحابها يوم أمس الاثنين 21 تشرين الأول/ أكتوبر، وذلك لأسباب تتعلق بضعف القدرات على تولي المسؤوليات منفردة، فضلاً عما تعتبره المؤسسة أكثر أساسية، وهو التأكيد على مسؤولية وكالة "أونروا" القانونية في توليها مسؤولياتها تجاه المراكز.
مدير مؤسسة بيت أطفال الصمود محمود أبو حمدة، أوضح في تصريح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أنّ انسحاب المؤسسة من تقديم الخدمات للنازحين في المدرسة، لا يتعلق فقط بضعف الإمكانات، وإنما تأكيداً على الدور القانوني للوكالة.
وأوضح أبو حمدة: أنّ وجود "أونروا" مهم لناحية الغطاء القانوني والأمني الذي لا يمكن لأي مؤسسة تحمل مسؤوليته خاصة ان المدرسة خارج خطة البلدية، مشيراً إلى أنّ النازحين جرى تأمين لهم أماكن في مركز سبلين في صيدا، ولكنهم رفضوا ترك المدرسة.
واعتبر أبو حمدة، أنّ الحل الأمثل هو عودة وكالة "أونروا" لتولي مسؤولياتها تجاه المدرسة، لافتاً إلى مفاوضات تجري مع إدارة الوكالة من أجل العودة إلى المدرسة "وأتمنى ان تتكلل بالنجاح." حسبما أضاف.
وكان انسحاب الوكالة من مدرسة "دير القاسي" قد أثار انتقادات أهلية وكذلك حقوقية واسعة، فيما نفذ النازحون في المدرسة عدة تحركات غاضبة، فيما عبّر الكثيرون شعورهم بالتخلي عن حمايته، بعد رفع علم الأمم المتحدة عن المدرسة، ما يجردها من غطائها الحمائي، وسط مخاوف من تكرار الأمر مع مراكز أخرى في ظل استمرار الحرب "الإسرائيلية" على لبنان.
اقرأ/ي أيضاً: تخلي "أونروا" عن مركز إيواء "دير القاسي" في صيدا يثير استياء حقوقي وأهلي