في ظل العدوان "الإسرائيلي" على لبنان الذي استمر 66 يوماً، عاش اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الجليل بمدينة بعلبك واقعاً قاسياً، حيث واجهوا صعوبات معيشية وإنسانية مضاعفة نتيجة غياب الدعم اللازم من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

هذا الغياب شبه الكامل للوكالة ترك سكان المخيم في مواجهة ظروف معيشية صعبة، اقتصرت خلالها خدمات الوكالة على المياه والنظافة وتقديم رعاية صحية محدودة، بينما غابت المساعدات الغذائية والتعليمية عن المشهد.

واقع صعب وشهادات مباشرة

خالد عثمان، أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة البقاع، أكد في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن سكان مخيم الجليل تحملوا معاناة كبيرة خلال العدوان بسبب غياب المساعدات الإنسانية من "أونروا" وقال عثمان: لم تقدم الوكالة أي مساعدات تُذكر، وحتى في مراكز النزوح التي تم تخصيصها، كانت الجمعيات والمنظمات الدولية هي التي تقدم المساعدات، بينما بقيت "أونروا" غائبة تماماً عن أداء دورها الأساسي، بحسب وصفه.

وأشار عثمان إلى أن سكان المخيم طالبوا مراراً بتوفير الدعم الغذائي وخدمات النظافة والمازوت، نظراً لحاجتهم الماسة في ظل ظروف معيشية قاسية وارتفاع معدلات البطالة، موضحاً أن المخيم يقع في منطقة نائية تفتقر إلى المصانع والمعامل، ما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وعن الوضع الصحي، كشف عثمان أن هناك نقصاً حاداً في الأدوية داخل عيادات "أونروا"، رغم وعودها بوضع خطة تموين للأدوية لمدة ثلاثة أشهر، قائلاً: "المرضى الذين يعتمدون على العيادة للحصول على أدويتهم الشهرية فوجئوا بعدم توفرها."

وفيما يتعلق بالمساعدات الغذائية، أوضح عثمان أنه تم توقيع عقد متأخر مع بعض الأفران لتوزيع الخبز على العائلات بالتنسيق مع اللجان الشعبية، كما تم توفير 700 ألف طن من الطحين لتلبية جزء من احتياجات السكان.

أما الوضع التعليمي، فقد أشار عثمان إلى أن مدرسة القسطل الابتدائية تعرضت لأضرار جسيمة خلال العدوان، ما أدى إلى تحطم الزجاج وتضرر الأسطح المعدنية، مع استمرار تعليق العملية التعليمية حتى الآن، وأكد أنه تم وضع خطة لإصلاح المدرسة لتجنب ترك الأطفال بلا تعليم.

موضوع ذو صلة:  مئات العائلات في مخيم الجليل تواجه تداعيات العدوان "الإسرائيلي" دون دعم

وعكست شهادات أبناء المخيم حجم المعاناة التي عاشوها خلال العدوان.

و قال أحد اللاجئين الفلسطينيين: إن "عيادة الأونروا كانت شبه غائبة خلال الحرب. لم تكن هناك أدوية كافية، ولم يتم تحسين الوضع حتى بعد وقف إطلاق النار."

وأضاف آخر: "خلال العدوان، لم نحصل سوى على ربطة خبز واحدة من الأونروا. هذا كل ما قدموه لنا."

وتحدثت إحدى السيدات عن معاناة شقيقها الذي يعاني من اضطرابات عصبية منذ أربعين عاماً ويحتاج إلى دواء "أوبانتين" وأدوية أخرى مثل "البانادول" وحماية المعدة، وأكدت أنه حتى خلال الحرب وبعدها، لم تتوفر هذه الأدوية في عيادة "أونروا".

وفي شهادة أخرى، ذكرت إحدى السيدات أنها ذهبت إلى العيادة للحصول على شاش لوالدها الذي يخضع لغسيل الكلى، لكنها فوجئت بإغلاق الصيدلية. وقالت: "لم أتمكن من الحصول على أي مساعدة، وأخبروني أن الصيدلية مغلقة."

وفي حديث آخر، قالت مريضة سرطان: خلال العدوان، لم أتمكن من إكمال علاجي لأن العيادة كانت مغلقة تماماً، ولم تقدم الأونروا أي مساعدة.

إجراءات محدودة ومحاولات لتخفيف الصعوبات الحياتية

في تصريح خاص لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أكد مدير مخيم الجليل، الأستاذ ياسر الحاج، أن قرار إغلاق العيادة الصحية لمدة يومين جاء نتيجة الإنذارات الأمنية.

وأوضح أنه بالتنسيق مع مدير منطقة "أونروا"، الأستاذ أحمد نوح، تم نقل طبيبة من منطقة ثعلبايا لضمان استمرار تقديم الرعاية الصحية للسكان.

وأضاف الحاج أن خدمات النظافة والمياه لم تتوقف خلال العدوان، حيث استمر عمال النظافة في أداء مهامهم بشكل طبيعي، وبقيت المياه متوفرة بشكل منتظم، مما ساعد في التخفيف من الأعباء على سكان المخيم في ظل هذه الظروف.

ووسط هذه المعاناة، يبقى سكان مخيم الجليل في مواجهة تساؤلات ملحة حول "إحجام" وكالة "أونروا" عن تقديم المساعدات والخدمات الملحة، حيث رغم محاولات بعض المسؤولين المحليين للتخفيف من الأزمات، يبقى النقص الحاد في المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية شاهداً على الحاجة الماسة لاستجابة أكثر فعالية من الوكالة الدولية.

اليوم، يتطلع أهالي المخيم إلى تحرك جاد من الوكالة لتخفيف معاناتهم لاسيما في فصل الشتاء وتلبية احتياجاتهم الأساسية، في وقت يزداد فيه اعتمادهم على هذه الوكالة لضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد