اللاجئون الفلسطينيون في سوريا عام 2024.. تكثّف المعاناة ولادة الآمال

الثلاثاء 31 ديسمبر 2024

شهد عام 2024 معاناة مستمرة للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وسط أزمات اقتصادية خانقة، وتراجع في الدعم الإنساني والخدمات الأساسية، مما زاد صعوبة الحياة اليومية لهذه الشريحة التي تحملت تبعات حرب النظام السوري المخلوع على الشعب السوري، وطالت العديد من المخيمات، وحيوات اللاجئين الفلسطينيين لأكثر من عقد الزمن.

وفي ظل هذه الأوضاع، بلغت معدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين 93%، وفقاً لإحصاءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التي بدورها قلصت تقديماتها الإغاثية، وأخرت صرف المعونات المالية، مما زاد حدة الأزمة، فيما تراوح عام 2024 بين تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبين بروز آمال جديدة مع تغييرات شهدتها البلاد في أواخر العام تمثلت بسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

معاناة معيشية مع غياب وتراجع دور "أونروا"

منذ بداية العام، استمر اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بمواجهة أوضاع معيشية صعبة، فسياسة رفع أسعار الوقود بنسبة 150% التي تبناها النظام السوري السابق أدت إلى انهيار معيشي غير مسبوق، مما جعل تأمين الحاجات الأساسية شبه مستحيل.

 تقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أشارت إلى أن نسبة الفقر في صفوف اللاجئين بلغت أكثر من 93%، ورغم ذلك واصلت تقليصاتها وتأخير صرف المعونات المالية الدورية التي تقدمها "أونروا" كل أربعة أشهر، مع تقليص واضح في الخدمات الإغاثية والعينية.

وانعكست هذه السياسات بشكل مباشر على نمط الحياة، حيث اضطر اللاجئون للتخلي عن تقاليد غذائية أساسية مثل إعداد المؤونة الشتوية، مما زاد الأعباء الاقتصادية عليهم.

ولمواجهة هذا الانهيار المعيشي، أطلق نشطاء فلسطينيون في نيسان/ أبريل، حملة للضغط على "أونروا" عبر مراسلة مفوضها العام واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لتسليط الضوء على ما اعتبروه فساداً إدارياً وضعفاً في دعم اللاجئين. الحملة جاءت في وقت تفاقمت فيه الأوضاع، مع قرارات النظام السابق بتقييد التحويلات المالية الخارجية، مما أفقد العديد من العائلات الفلسطينية مصدر دخل رئيسياً.

موضوع ذو صلة: رمضان يحل على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بطعم الفقر والقهر على غزة

شهر رمضان وعيدا الفطر والأضحى مرّا في ظل ظروف قاسية، إذ حرمت العائلات من مظاهر الاحتفال؛ بسبب غلاء المعيشة وشح الموارد، فضلاً عن حالة القهر على أشقائهم في قطاع غزة.

 أما ارتفاع معدلات التضخم، الذي تجاوز مستويات غير مسبوقة والقفزات المتواصلة في الأسعار، كان مصحوباً بعدم انتظام المعونات المالية من "أونروا"، مما زاد معاناة اللاجئين.

اقرأ/ي أيضا: الفلسطينيون في سوريا يستقبلون عيد الفطر دون مساعدة "أونروا" وبأسعار مضاعفة

تأثيرات حرب الإبادة على غزة على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا

لم يكن اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بمنأى عن تأثيرات حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وشعر اللاجئون بالاستهداف "الإسرائيلي" غير المباشر لهم، حيث تصاعدت المخاوف بين اللاجئين بشأن تأثير قرار الولايات المتحدة ودول أخرى وقف تمويل "أونروا" بناءً على مزاعم "إسرائيلية" بوجود عناصر من حركة حماس ضمن موظفي الوكالة. هذه القرارات فاقمت من الأزمة المالية للوكالة، مما أدى إلى تقليص خدماتها الإغاثية وتعميق معاناة اللاجئين.

وفي مخيمات اللاجئين بسوريا، ساد القلق من تأثير هذه السياسات على الأمن الغذائي ومستقبل اللاجئين، فحملات الإغاثة الدولية تقلصت، وازداد الضغط وباتوا يعيشون في ظل انهيار اقتصادي شامل.

موضوع ذو صلة: مخاوف فلسطينية في سوريا من أثر وقف دول تمويل "أونروا" على المساعدات الإنسانية

ملف مخيم اليرموك: إعادة الإعمار أم طمس الهوية؟

على مستوى إعادة تأهيل المخيمات المدمرة، وتأهيل البنى التحتية، واصل الفلسطينيون خلال العام 2024 إثارة ملف مخيم اليرموك، وإعادة إحياء هويته الفلسطينية والعمل على إعادة تأهيله وإعماره، لإنهاء أزمة نزوح داخلي طالت نحو 40% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ومواجهة قرارات كانت قد اتخذتها حكومة النظام السابق بإنهاء هوية اليرموك كمخيم وحل اللجنة المحلية فيه، وإدراجه ضمن صلاحيات محافظة دمشق، وإخضاعه لمخطط تنظيمي ينهيه جغرافيا ورمزياً.

شهداء معركة طوفان الأقصى على الحدود اللبنانية - الفلسطينية

وشهدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا حالة تضامن واسعة مع قطاع غزة خلال حرب الإبادة المستمرة، ومن المحطات البارزة التي سطرت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، خلال العام الفائت، حالة النصرة والتضامن الواسعة التي شهدتها المخيمات، وبذل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا أرواحهم في إطار المشاركة في عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة في غزة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، واستمرت في مقاومة حرب الإبادة التي تلتها.

وعند الحدود الفلسطينية مع لبنان، ارتقى 23 شهيدًا. معظم هؤلاء الشهداء ارتقوا أثناء مشاركتهم في عمليات مقاومة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وينتمون إلى مختلف المخيمات الفلسطينية في سوريا، وأبرزها مخيم خان دنون الذي شهد العديد من مسيرات التشييع للشهداء وكذلك السيدة زينب والحسينية واليرموك وسواها.

آمال وتطلعات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا

وفي ديسمبر/كانون الأول من العام 2024، عاش اللاجئون الفلسطينيون في سوريا لحظات من الأمل الكبير مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، إثر دخول قوات المعارضة السورية المسلحة إلى العاصمة دمشق بتاريخ 8 ديسمبر.

هذا الحدث أثار تطلعات مئات العائلات الفلسطينية التي تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير ذويها المعتقلين والمفقودين، والذين تجاوز عددهم 3100 فرد. لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل، مع انكشاف حجم الجرائم التي ارتكبها النظام السابق بحق المعتقلين، حيث لم ينجُ منهم سوى عدد قليل جداً.

وبحسب إحصائيات حملة الكشف عن مصير المعتقلين الفلسطينيين والمختفين قسرًا في سجون النظام السوري، بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين 3108 أشخاص، بينهم 333 مفقودًا و633 شهيدًا تحت التعذيب. وبينما كشفت عمليات تحرير المعتقلين من سجون الأسد عن نجاة 48 معتقلاً فقط.

وأعلنت المخيمات الفلسطينية في سوريا الحداد على أبنائها المعتقلين الذين فقدت العائلات الأمل في عودتهم أحياء. ورغم هذا المشهد المأساوي، فإن سقوط النظام أعاد إحياء الآمال في أن يشكل تحرير سوريا بداية عهد جديد يضمن حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

ومن أبرز هذه المحطات، ما شهده مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر/كانون الأول، بعد يومين فقط من سقوط النظام، حيث أُطلقت حملة تهدف إلى إزالة آثار السياسات التي فرضها النظام السوري المخلوع على المخيم، واستعادة هويته التاريخية باعتباره رمزاً للنضال الفلسطيني وأكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في الشتات.

جاء ذلك بعد سنوات من محاولات النظام طمس هوية المخيم وتحويله إلى منطقة سكنية ضمن مشاريع عقارية، عقب تدميره الشامل ونهب ممتلكات الأهالي خلال العملية العسكرية التي نفذها النظام عام 2018.

الحراكات المطلبية في المخيمات الفلسطينية بسوريا

وفي خضم هذه التطورات، بدأ اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بتنظيم حراكات مطلبية واضحة للتعبير عن احتياجاتهم وحقوقهم، لا سيما تجاه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والجهات المعنية الأخرى. شهدت عدة مخيمات، مثل مخيمي جرمانا وخان دنون، وقفات واعتصامات تطالب بتحسين الخدمات التي تقدمها "أونروا" للاجئين في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها.

ورغم قسوة التحديات التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، تبقى آمالهم معلقة بأن يشكل هذا الفصل الجديد نقطة انطلاق نحو استعادة حقوقهم وتضميد جراح مخيماتهم التي عانت ويلات الحرب والنزوح.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد