لم يكن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تطوراً أوقف مجازر الإبادة "الإسرائيلية" غير مسبوقة المثيل في العصر الحديث فقط، ولم يزل عن كاهل الناجين من أهالي القطاع الخوف الذي لازمهم طيلة 15 شهراً من الموت في أي لحظة فقط، بل إنه أراح قليلاً قلوب الفلسطينيين في معظم أرجاء المعمورة، لا سيما في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وبينها مخيم البقعة أكبر المخيمات الفلسطينية في الأردن، حيث سمعت لأيام بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ الهتافات الداعمة لغزة والاحتفالات ابتهاجاً بتوقف الموت الذي عجز مجتمع دولي بأكمله عن وقفه طيلة سنة وثلاثة أشهر.
ابتهاج استمر أياماً في المخيم
ومنذ اللحظة الأولى لإعلان اتفاق وقف إطلاق النار وحتى بدء تنفيذه، نظمت الفعاليات والوقفات الشعبية في مخيم البقعة وخرج اللاجئون إلى شوارع وأحياء المخيم بالهتافات والتكبيرات يحيون المقاومة و"صمود" الفلسطينيين الذي أفضى إلى اتفاق "لم يحقق فيه الاحتلال أهدافه المعلنة من حرب الإبادة"، بحسب عدد من الناشطين الذين قابلهم موقعنا.
وعبّر اللاجئون الفلسطينيون في مخيم البقعة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين عن مشاعرهم لحظة تلقيهم نبأ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتفاعل أبناء وسكان المخيم.
مهند شتوي لاجئ فلسطيني من كفر قدوم قضاء قلقيلية يقطن في المخيم تحدث لموقعنا عن مشاعر مختلطة اعترته من الفرح والحزن في آنٍ واحد، مفسراً ذلك بأن الاتفاق ينهي مجازر الموت بحق أهل غزة، لكنّ هناك حزناّ عميقاً على الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى والنازحين.
يرى شتيوي أن النصر كان لا بد أن يكون حليف أهالي غزة نتيجة "صمودهم" و"مقاومتهم" بعد سنة وشهرين، ويقول : إن "الاتفاق يأتي لمصلحة الشعب الفلسطيني".
وأثرت حرب الإبادة على أهالي سكان مخيم البقعة التي صارت حياتهم باهتة وشبه خالية من مظاهر الفرح، حيث أقيمت غالبية حفلات الزواج دون المباهج المتعارف عليها ضمن العادات والتقاليد وحتى بقية المناسبات الأخرى.
مخيم البقعة ظل ينبض حزناً لشهور
يؤكد شتيوي أنهم في المخيم ساندوا قطاع غزة من خلال تكريس مقاطعة منتجات الشركات الداعمة لـ"إسرائيل" بشكل كبير جداً وهائل، ولكن في المقابل خيّم الحزن طيلة الشهور الماضية على المخيم وكانت أجواء الحياة فيه باهتة جداً، مضيفاً: "نعم لا يوجد لدي أقارب بغزة ولكن اعتبرهم جميعاً أهل واخوة وأدعو الله أن يثبتهم ويشفي جراحهم ونبارك له على هذا الانتصار العظيم".
أما اللاجئ الفلسطيني أحمد محسيري من قرية محسير القدس ويقطن في مخيم البقعة أعرب أيضاً عن ابتهاجه بوصول المقاومة إلى اتفاق وقف إطلاق للنار بشروطها، مؤكداً أن شعب غزة عانى الويلات وذاق مر الأيام وتجرع مآسي الحياة ،فكان لا بد من أن يتم اتفاق لـ"كسر شوكة الاحتلال".
ويعتقد محسيري أن "الاتفاق كان بكل تأكيد نصراً للمقاومة بوصفها حررت الأسرى بشروطها وقوانينها وبالعصا كما سبقها من المرات وأثبتت أنها ترفع راية الأمة".
ويقول محسيري لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "كانت أخبار غزة تقسم بين حزن وسعادة، فالقتل والتجويع والهدم والقصف والترشيد كان قاسياً ويحزننا إلا ان ثبات المقاومة ورد الصاع صاعين في عدة أوقات ورؤية المقاتل وهو يصور أثناء دفاعه عن الأرض ويطلب الشهادة يثير بعض السعادة لأنهم ما زالوا على العهد والوعد".
ووجه اللاجئ الفلسطيني عدة رسائل لأهالي قطاع غزة منها الشكر على صمودهم وعدم انكسارهم وأخرى اعتذار عن أي تقصير قد بدر من أهالي المخيم مختتماً برسالة فخر وحب أنهم تعلموا حب الأرض من أهل غزة ووداع لشهدائهم.
يعيشون على وقع أخبار غزة
أما الناشط واللاجئ ثائر سعادة فقد وصف الحالة التي كان عليها مخيم البقعة مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنها يوم عيد شهده اللاجئون وعمّت الأفراح كل شوارع المخيم بالرغم من فقدان الكم الهائل من الشهداء والجرحى والأسرى وتدمير المنازل.
وقال سعادة: "كنا نتابع ونتفاعل ونناصر أهلنا والمقاومة بالطرق المتاحة من مسيرات شبه يومية وندوات ورسومات على الجدران وبرامج التوعية بمقاطعة منتجات الشركات الداعمة للكيان".
موضوع ذو صلة: بعد شروعه في رسم جدارية للسنوار بمخيم البقعة الفنان خليل غيث يتعرض للاعتقال
وأكد سعادة أن اللاجئين الفلسطينيين في مخيم البقعة ظلوا شهوراً يعيشون على وقع أخبار غزة في حين جرى إلغاء كافة مظاهر الفرح في الأعراس والاعياد.
وأشار إلى أن هذه رسالة من مخيمات اللاجئين للاحتلال تقول:" بأننا امتداد للشعب الفلسطيني وبأننا سند المقاومة وذخرها وأن المتحدث الرسمي للشعب الفلسطيني هي البندقية حتى يأذن الله لنا بالتحرير والعودة" بحسب قوله.